أكثر من مليونين من (الأعين الدامعة)، تسمرت خلف الأجهزة المحمولة والكفية لمشاهدة (مقطع يوتيوب)، وعدد مثله خلف شاشات التلفاز لمشاهدة (ذات المقطع) والذي هو في حقيقته فيديو كليب إحدى أغنيات ل(مغنية) خليجية طرحت معالجة أحادية لمشكلة تعاني منها شريحة من النساء في تعاملهن مع أزواجهن بطريقة موغلة في التأثير، لتتحول هذه المعالجة إلى (مفتاح ذهبي) للشيطان ليفتح به باب مشكلات غير منتهية بين الزوجين التي أنهت رحلة المودة التي امتدت لسنوات بكلمة واحدة: (طالق). (تأجيج المشكلات الأسرية) وتسريع القرارات المتعجلة.. هي النتيجة التي تحدث عنها بعض الزميلات المختصات في الاستشارات الزوجية في بعض المراكز الأسرية، وذلك في سياق تعقيبهن على ارتدادات هذا (الفيديو كليب) المحترف (فنياً) والمعروض في بداية عام ه1437 – نهاية 2015 م -، والذي استعانت فيه (المغنية الخليجية) بفريق من المحترفين ليثمر عن كليب جمع بين (حساسية الفكرة) و(قوة السيناريو) و(احترافية التصوير والمونتاج) و(دقة الإخراج)، مما نتج عنه إنتاج ضخم و(تأثير وجداني) متوقع ومحزن و(اقتناع بالحل المطروح) رغم كونه (حلاً أحادياً ناقصاً)! وتبدأ ملامح تلك (الجودة الفنية) في المشهد الأول حيث يبتدئ بالزوج الخائن وهو يلج المحكمة بينما زوجته -التي ترتدي العباءة الخليجية- تقف أمام القاضي لتسرد حياة الشقاء والخذلان ورحلة الصبر مع الخيانات الممتدة بطريقة درامية وتوظيف معبِّر للحِكَم وبسرد بسيط ومفهوم، مما جعلها تلامس جراحات شريحة واسعة من النساء، ثم تنهي الزوجة كلامها باتخاذ القرار وبحل واحد وعبارة واحدة: (أبي الطلاق)! وكان الكليب قد تضمن عناية بكل التفاصيل، ابتداء بالصوت المتحشرج للزوجة المقهورة في المحكمة، وملامح الزوج (ذي السحنة الخليجية) والبعيدة عن (الوجوه الإعلانية) المعتادة – مما أعطى بعداً واقعياً-، وعرض لمواقف يومية متكررة من انتظار (الزوجة المعلمة الحامل) لزوجها بشوق على إحدى الوجبات ومقابلته الفاترة لهذا الانتظار، وتأثير المشكلات الزوجية على حياة الزوجة العملية في المدرسة، وتسميته لها في جواله ب (إزعاج)، بينما يقضي وقته في مكالمات مع امرأة أخرى ويغمرها بعاطفته، ثم يزيد (بتجاهله) لاتصالات واستغاثات زوجته (أثناء ولادتها لطفلها)، والتي تتجاهل كل تقصيره بعد إنجاب طفلها، لتفجع بحقيقة أكثر إيلاماً أن زوجها إنما كان يخونها مع أقرب صديقاتها! وحيث إننا لن نستطيع أن نُلزم مَن يوظف الإعلام إلى معالجة المشكلات الزوجية بالتوقف عن الحلول الأحادية المدوية مع وجود حلول أخرى ومراحل مسبقة لعلاج هذا النوع من المشكلات، فلا أقل من أن نحث (المتخصصين) في الاستشارات الزوجية و(المؤسسات الإعلامية) أو (المؤسسات المهتمة بشؤون الأسرة والمرأة) أن تتبنى وترعى مشاريع تركز على (تكثيف الإنتاج المرئي) المُعد بعناية والذي يتضمن حلولاً واعية للمشكلات الزوجية، ونشرها في حملات تسويقية ضخمة – برعايات تسويقية منفصلة عن رعاية الإنتاج-، كحل يرتكز على كون (التوعية) سلاحاً ناجعاً واستراتيجية ناجحة حينما تنحرف البوصلة وتضيع الخريطة. (الأسرة) في بلدنا تنهار وتتفكك، والعلاقات الزوجية تئن، و(مراكز الاستشارات الأسرية) بجهود متفاوتة ودعم غير كافٍ لا زالت تسبح عكس التيار أمام التحديات التي تواجهها، ونحن ما زلنا نتندر على مقطع فلان وفلانة دون حراك فاعل ولا احتواء كافٍ، والله المستعان. [email protected]