ألقى وزير حقوق الإنسان اليمني عز الدين الأصبحي، اليوم، كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان خلال مناقشته لتقرير المفوض السامي للأوضاع في اليمن. وأكد "الأصبحي" أن التقرير تضمن ثغرات في سرد الأحداث والحقائق التي مرت بها اليمن خلال الفترة التي يغطيها التقرير من 1 – 7 – 2014م إلى 30 – 6 – 2015 م. وأشار إلى أن أحداثاً مهمة جرت في اليمن في تلك الفترة وتسبّبت في كل المعاناة والمآسي التي يعانيها الشعب اليمني، وكان لا بد من تضمينها صراحة في التقرير وعدم إهمالها؛ كونها الأساس الذي شكّل مجمل الانتهاكات الجسيمة التي يعاني منها اليمن، ووضع اليمن في كارثة الحرب المدمرة. وأوضح أن ذلك يتمثل في الانقلاب المسلح على السلطة، والسيطرة على المؤسسات الشرعية بقوة السلاح، وتتويج الانقلاب بما أعلنته جماعة الحوثي من داخل القصر الجمهوري في صنعاء بعد احتلاله، واحتجاز رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة اليمنية، بما نقلته وسائل الإعلام المختلفة في 6 فبراير 2015م. وأشار إلى أن هذه الجماعة أصدرت ما سمي بالإعلان الدستوري الذي ألغى العمل بالدستور، وأنشأ اللجنة الثورية بقيادة الحوثي لقيادة البلاد، وقاموا بحل البرلمان، وإلغاء التفاهمات التي تمت في إطار الحوار الوطني المبني على المبادرة الخليجية، ومؤتمر الحوار الوطني للحل السياسي في اليمن، بالإضافة إلي إعلان جماعة الحوثي وميليشيات صالح التعبئة العامة والحرب على كل محافظات اليمن، والسيطرة عليها بالقوة العسكرية، واستهداف المدنيين والمواطنين العزل بعمليات إرهابية ممنهجة. وأضاف "الأصبحي" أن هذه الحقائق أكدت للعالم الانقلاب المسلح كامل الأركان على السلطة الشرعية في البلاد, وهو ما تم رفضه عالمياً, وتجسد في قرارات وبيانات مجلس الأمن الدولي، وآخرها القرار 2216 وقرارات مجلس الجامعة العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية, وهو ما دفع الحكومة اليمنية مضطرة للتوجه إلى محيطها العربي والإقليمي لطلب الدعم على كل المستويات، وبما ينسجم مع القوانين المحلية والمواثيق والأعراف الدولية للقضاء على الانقلاب وعودة الشرعية لليمن. وأكد عز الدين الأصبحي أن أكبر جريمة ارتكبتها ميليشيات الانقلاب للحوثي وصالح في اليمن ليس فقط قتل المدنيين ومصادرة الحريات، ولكن أيضاً منهجها الواضح في تمزيق النسيج الاجتماعي لليمن، وبث خطاب الكراهية، وشن الحرب على المدن المختلفة بمنطق الانتماءات الضيقة مناطقياً ومذهبياً, وهو السلوك الذي يرفضه شعب اليمن، ويتنافي مع كل قيم حقوق الإنسان. وأوضح أن هذه الميليشيات حشدت خلال الأسابيع الماضية لحروب مناطقية ضيقة وخطاب عنصري وطائفي يمزق المجتمع كجريمة لا تغتفر، وما يجري في تعز هذه الأيام أنموذجاً يحتاج إلى الرفض الدولي, ويتضاعف عنف القمع الذي يجعل من صنعاء مدينة الألفة والسلام والمحبة مدينة للرعب والخوف والمعتقلات السرية. وطالب وزير حقوق الإنسان اليمني مجلس حقوق الإنسان بالتصدي لهذا العدوان الذي يضرب نسيج المجتمع اليمني وروحه وضميره؛ لأن تمزيق المجتمع ونسيجه وتعزيز خطاب الكراهية لا يمكن محو آثاره بسهولة. وأكد أن الحكومة اليمنية أبدت دائماً تعاوناً إيجابياً مع مكتب المفوض السامي ومجلس حقوق الإنسان، وعقدت اتفاقية تعاون هي أكثر الاتفاقيات إيجابية على مستوي الشرق الأوسط, موضحاً أن الحكومة اليمنية تتطلع إلى تعزيز ذلك التعاون من أجل مساعدة اليمن على تجاوز الانقلاب، وإعادة الشرعية، ومحاسبة الميليشيات الانقلابية التي اقترفت جرائم ضد المدنيين، واستولت بالقوة العسكرية على السلطة، وجرت البلاد إلى حرب مدمرة لا تزال قائمة حتى اليوم. وأضاف "الأصبحي" أنه من أجل تعزيز مسار العدالة ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان، والتحقيق بقضايا انتهاكات حقوق الإنسان كافة, أصدر فخامة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي في الأيام القليلة الماضية مرسوماً رئاسياً بشأن تسمية أعضاء لجنة التحقيق الوطنية في الادعاءات بانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في اليمن منذ عام 2011 وحتى عودة الشرعية. ولفت إلى أن هذا القرار يأتي تنفيذاً لقرار مجلس حقوق الإنسان رقم 19/29، وقرار مجلس الأمن رقم 2140 لعام 2014 اللذين نصا على تشكيل اللجنة، ووجوب أن تكون تحقيقاتها شفافة ومستقلة وملتزمة بالمعايير الدولية, وتحتاج اللجنة الوطنية الآن لتشجيع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لتعزيز مهنيتها واستقلاليتها, وتقدم لها الخبرات الفنية والدعم الفني حتى تستطيع أن تنجز أعمالها في فترة حددها القرار، وحتى لا نعيد في اليمن مأساة التسويات السياسية غير المنصفة التي جاءت على حساب الضحايا والعدالة، وعملت على إفلات المجرمين من العقاب. وأوضح أن تحقيق العدل يتطلب أدوات وطنية فاعلة وإرادة وطنية في أن لا إفلات من العقاب لكل من ارتكب جريمة، وهذا ما تعمل عليه الحكومة اليمنية رغم كل الظروف الصعبة التي تحيط بعملها. وأضاف أن خطوة عودة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ونائبه وكل الحكومة إلى عدن للعمل من الداخل اليمني، وتعزيز استقرار مختلف المؤسسات الوطنية تؤكد مسار إعادة المؤسسات الضامنة لخلق الاستقرار، وكانت أولى خطوات الرئيس عند عودته إلى عدن هي دعوته لمجلس القضاء اليمني إلى العمل من عدن، والاجتماع لكل الهيئات القضائية لإعادة ترتيب هذه المؤسسة المهمة التي قامت ميليشيات الانقلاب بمصادرة نشاطها طوال الأشهر الماضية. وشدد على أن تدعيم مسار الاستقرار باليمن هو مسؤولية الجميع، وأن ما يهم الآن هو التأكيد على إنهاء الحرب من خلال تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي يشكل خارطة الطريق الواضحة للحل السياسي في اليمن، والذي يحظى بالإجماع الدولي، ويعمل على عودة الاستقرار لليمن في القريب العاجل، ويمكن من تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل لإخراج اليمن من دائرة الصراعات، والاتجاه نحو بناء الدولة المدنية الحديثة الاتحادية التي ستبنى على صون وحماية حقوق الإنسان والحريات.