تُشرق الشمس وتنير الكون بنورها الوضاء، وينعم العالم بدفئها وجمالها، فما تلبث أن تغيب وتجر الليل خلفها بضلامه وسكونه، في حركة دائمة لاتتوقف لقدوم أحد أو غيابه، ولا لحزن شخص أو فرحه. تُختصر حياتنا بزينتها وبهجتها بين شروق وغروب وليل ونهار، وصيف وشتاء. حياة صاخبة تمر ساعاتها وأيامها سريعاً، فكل مافيها له تاريخ انتهاء وزوال، فربيعها يخضر ثم يصفر، ووردها يزهر ثم يذبل، وطفلها يولد ثم يكبر، وعاملها يكدح ثم يتقاعد، وجمالها يزهو ثم يذهب، وسحابها يقبل ثم يدبر، فكل ما فيها يذهب دون عودة، وكل ما في الحياة يشعرك بالرحيل، فلا صديق يدوم ولا عدو يبقى. وعلى ماهي فيه من فناء، لم نقنع بما وُهِبنا، فالصغير يتمنى أن يشبّ ويكبر، والكبير يتمنى أن يعود لأيام الفتوة والشباب، والأعزب يسعى للزواج، ثم يحن لأيام الحرية ليبتعد عن مسؤولياته الأسرية، والعاطل يتمنى العمل، والعامل يحنّ لأيام الراحة والذهاب والعودة بلا قيود، فلا تصفو لأحد على الدوام، ولو كانت كذلك لصفت لأفضل القرون التي خلت. ثم ماذا بعد؟ بقي القول ياسادة: حياة هذا حالها وذاك مآلها، لا تستحق الحقد والضغائن، وسوء الظن، واللهث خلفها والغفلة عن ما خلقنا من أجله. قال عنها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم " مَا لي وَللدُّنْيَا؟ مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا " يسرني جميل تواصلكم m2025a@