كَمْ هائل من الشبكات الاجتماعية، وكَمْ أكبر من الإمكانات المدهشة والفرص الذهبية، وعوضاً عن أن يكون الكم الكبير مكسباً ومغنماً، إلا أنه تحول إلى موج هادر انتشلنا معه في غمضة عين، ونقلنا من قائمة المحظوظين إلى قائمة الحائرين! أحياناً كثيرة الفرص التي تلوح لنا تجعلنا نفقد خط البداية، ومن لا بدايات واضحة له لن تدركه النهايات المشرقة، وفرص الإعلام الجديد ليست استثناء، فما أكثر الموهوبين والمبدعين الذين مرت بهم سنوات وشهور وهم حيارى ومعطلون، يرون الفرص المتتالية التي تهديها لهم التقنية دون أن يحركوا ساكنين، قبل أن يدركهم الوعي ب(الكيف) لينقذهم من حيرتهم، ويوقظهم من غفلتهم، فتتحول هذه الشبكات المتناثرة والمواقع المتزاحمة إلى (منصات تجارية) و(ومتاجر افتراضية) تفرش طريقها بورود المثابرة لكل مبادر، وتتوجه بلذة الإنجاز لكل إيجابي، فيصبح المبادرون فيها منارات للنجاح، ونماذج للكفاح، وتجارب تستحق أن تذكر، وتروى وتشكر. أتحدث اليوم عن (ثقافة الكيف) وأنا أستحضر الدعوة التي وجهها لي مركز (دعم وتطوير الأعمال بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن) لإدارة جلسات أول لقاء من سلسة (كيفيات) في بدايات شهر فبراير الفائت، حيث استوقفني اسم السلسلة كثيراً بكل ما يحمله من عمق ومرونة وتلبية لحاجة الميدان، خاصة في ظل التحديات التي تواجه رائدات الأعمال المثابرات، وصاحبات المشاريع المبدعات، اللواتي اخترن أن تكون لهن بصمة في عدة مجالات، وأثر بما يقدمن من سلع وخدمات. وازداد الحماس لهذه السلسلة وأنا أتأمل هدفها الذي تصبو إليه بتحفيزها لتبادل المعرفة في المجالات المعنية بريادة الأعمال وتبنيها لتوفير قيمة تطبيقية مضافة للحاضرات، والإجابة عن السؤال الأهم: (كيف؟). ويبلغ الحماس منتهاه حينما تكون التجارب المطروحة حول موضوع مهم مثل: (التجارة الإلكترونية)، ذي محاور ذات أولوية تشكل في مجملها خارطة طريق لرائدات الأعمال لإطلاق وتطوير أعمالهن، خاصة في بلد كالسعودية التي تُعد الأولى على مستوى المنطقة في مجال حجم التجارة الإلكترونية بأكثر من 27 مليار دولار. فيبدأ اللقاء بالسؤال الكيفي الأول: (كيف نختار المنصات ونبني نماذج أعمال التجارة الإلكترونية؟)، أجابت عنها الشريك المؤسس لمتجر قرطاسية، والمؤسسة لمتجر ديمارت، والشريك المؤسس لمتجر سيرة، أعقبها السؤال الثاني: (كيف أنجح في إدارة سلسلة التوريد؟)، لتأتي إجابات من عمق التجربة للشريك المؤسس لمتجر ممزوورلد، ومؤلفة كتاب: (التسوق عبر الإنترنت)، ثم تختتم الجلسات بالسؤال الأهم: (كيف أستثمر منصات التجارة الإلكترونية الأكثر فعالية؟)، فتروي لنا رئيسة فريق التسويق في متجر فانيليلا تجربة القفزة التي حققها المتجر، بعد أن استثمر الشبكات المؤثرة، وتختتم بعرض فيديو لصناعة المحتوى التسويقي، مقدم من المدير العام للموقع دوبيزل في السعودية؛ لتكون المحصلة في الإجابات ذات بُعد تجتمع فيه قيمة المعرفة ومعين الخبرة. ولم تكن الجلسات المتتالية تأخذ بلبي واهتمامي، وتركز عيني على الاستثمار المالي المادي، حتى أمسكت بي – في وقت الاستراحة – إحدى (موظفات الأمن) المكلفة بالمساهمة في تنظيم الدخول والخروج للفعالية، والتي صادف تكليفها ذلك اليوم ليمنحها فرصة حضور مثل هذه الفعالية، لتحدثني عن أثر التجارب المحفزة عليها، وتروي بعضاً من تداركها لحياتها قبل أشهر، والذي جعلها تعاود إكمال تعليمها بعد أن كبر أبناؤها، وتبدأ في التخطيط للحصول على الدراسات العليا في درس آخر يعطي للحياة معنى، ويحيل العمر إلى فرصة تجارية تستثمر فتثمر، وتبذر فتزهر، ويحفزنا جميعاً لأن نترك الأعذار لأهل الأعذار، ونقاوم الكسل بالعلم والعمل، ونردد كما ردد حبيبنا محمد – صلى الله عليه وسلم -: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل». «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل». «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل». .. …… [email protected]