قصة قصيرة قرأتها مصادفةً ذات يوم فوقفت أمامها طويلاً، فقررت أن أسردها لكم اليوم لتنقلنا إلى سمة مهمة من سمات الإعلامي الناجح، بل واعتبرها قمة النجاح وقبلة التميز، وهي تحكى أنه كان هناك مدير شركة يتجول دوماً داخل مكان العمل، ويتحقق مما يفعله موظفوه، وكان إذا وجد أحد الموظفين لا يعمل، فإنه يفصله على الفور ودون تردد، وذات يوم كان يقوم بإحدى جولاته، فرأى عاملاً يرتكز إلى قفص شحن حديدي، سأل المدير العامل: متى آخر مرة عملت فيها ؟ فأجاب العامل بلا مبالاة: منذ عشر ساعات تقريباً، عندها وضع الرئيس يده في جيبه وأخرج 60 دولاراً وأعطاها للعامل وقال له: خذ نقودك، أنت مفصول، ففرح العامل وأخذ النقود وخرج، وبينما كان يسير مبتعداً عن المكان استدار، وقال للمدير: شكراً لك، فأنا لا أعمل لديك، بل أعمل في شركة أخرى، فشعر المدير بالحرج، وأسرع خطواته متجهاً نحو مكتبه، والعبرة من ذلك برأيي تتمثل في أن القائد الحق هو من يكتشف الحقائق، ويتجنب الوقوع في التعميمات، والقفز إلى الأحكام بدون تحقق، وهكذا الإعلامي الذي نعده قائداً للفكر، محركاً للعقول، مٌنيراً للمجتمع، كاشفاً للحقيقة، ناقلاً للواقع، باعثاً للأمل، موقظاً للهمم. قيادة العمل الإعلامي برأيي ليست بالشيء الهين ولا الأمر البسيط، وخاصة في ضوء ما تشهده المؤسسات الإعلامية من تطورات متلاحقة، والتي لها بالغ الأثر على دور الإعلامي ورسالته في المجتمع، باعتبارها مسؤولية ومسؤولية كبيرة جداً ملقاة على عاتق كل إعلامي صغير، فالإعلامي القائد –بنظري – هو الإعلامي المتفرد والقادر على إنجاح المنظومة الإعلامية بكافة مكوناتها ومكنوناتها، ويأتي الاهتمام بوجود الإعلامي القائد وبالتخطيط الإعلامي لصناعته كأهم مدخلات العملية الإعلامية، وأهم مفردات قاموس العمل الإعلامي، فالقادة في العمل الإعلامي يُصنعون ولا يُولدون. قل معي ولا تتردد –عزيزي- أن الإعلامي القائد الحق هو من يملك الحس العالي، ويبث روح الثقة وحث زملائه على العمل وزرع الثقة بمتابعيه ومحبيه، فمستقبل العمل الإعلامي يستلزم وجود الإعلامي القائد الذي يستطيع المواءمة بين أهداف مؤسسته الإعلامية وأهداف المجتمع، ولكي تنجح القيادة في العمل الإعلامي لا بدَّ أن تلازمها عملية التخطيط، وخاصة بعد أن تحول الإعلام إلى صناعة تتطلب استثمارات مالية ضخمة، تخلق للإعلامي عالمٍ مهني متسارعٍ فيه كثير من الصعوبات التي تعترض طريق التقدّم والنجاح؛ لذلك لا يستطيع أحدٌ المضي فيه، إلا أن تميّز بالمهارة التي تساعده على ذلك؛ وهذا العالم الإعلامي المهني -بنظري- لا يعترف بالأفراد الضعفاء الهزيلين، وإنّما يعترف بالقادة الأقوياًء النابهين، فينبغي على الإعلامي منا أن يُنمّي قدراته، ويهتمّ بذاته، ويتحلّى بالصّفات التي تجعله قائداً ناجحاً في حياته العلمية والمهنية؛ حتّى يمضي بطريقه نحو القمّة بهمّةٍ عاليةٍ. قل أيضاً معي -عزيزي- ولا تتردد أن قمة النجاح وقبلة التميز في العمل الإعلامي هي القيادة، وجوهر القيادة الإعلامية هو إثارة همم الأفراد، لتشجيعهم وبذل أقصى ما لديهم من جهد، لتحقيق الأهداف المطلوبة، أو من أجل تحقيق قضية عامة أو مصلحة مشتركة، والقيادة -كما أراها ويراها البعض معي- لا تعني النفوذ، وإنما تعكس التعاون وتأييد الجهود من كل أعضاء فريق العمل الإعلامي تجاه تحقيق الأهداف المرسومة، وليس بالضرورة أن يتطابق مصطلح الإعلامي القائد مع مصطلح المدير الذي يتولى إدارة أية مؤسسة إعلامية، فالإعلامي القائد بإدارته ينظر لجمهوره المتلقي وما يحتاج له من رغبات واحتياجات، فيسخر كل طاقاته وما يملك لإشباعها وتلبيتها، ويقوم بعدة أنشطة متنوعة مثل: الابتكار، والتخطيط، والتنظيم والتحضير، والاتصال، والرقابة، ليقود ويوجه الرأي العام نحو ما فيه إسعاده وتلبية احتياجاته، وقيادة الفكر وبث الأمل والسعادة بين أفراده.