حينما تشتد الأزمات، وتحتدم المشكلات، ويتكالب أهل الباطل على أهل الحق، تبرز قيمة الثقة بالله – عز وجل – ونصره، وتأييده. وحينما يتخلى البشر عن المظلوم، ويقفون منه موقف الخذلان، صامتين عن الظالم، أو مؤيدين له في ظلمه، تظهر مكانة اللجوء إلى الله – عز وجل – والاعتماد عليه وحده، والاستعانة به دون سواه. هذه هي المواقع التي يتحقق فيها النصر – بإذن الله – وتلوح بوادر الخلاص، وتشرق أنوار الفرج بعد ظلام الشدائد. إنها اللحظات التي تحسم الموقف، حينما يقول المظلوم بإخلاص ويقين: (حسبي الله ونعم الوكيل!)، يقولها فتصغر عنده مكانة الظالم، وتضعف عنده قوة المتكبر الطاغية، وتتهاوى أمامه جيوش الخوف والقلق والوهم؛ لأنه حينما يقول (حسبي الله ونعم الوكيل) يرفع نفسه إلى مقام التوكل المطلق على الله – عز وجل – والتفويض الكامل للأمور جميعها إليه، وهذا المقام هو مقام القوة والثبات، والنصر الروحي والمادي. إن (الثقة بالله) هي وقود النفس التي تتعرض للفتن والإحن ومكائد الأعداء: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو الفضل العظيم) إن جملة (حسبنا الله ونعم الوكيل) جملة كاشفة مضيئة، ليس وراءها إذا قالها قائلها موقنا بربه، واثقاً بنصره، إلا الفرج والتأييد، وهي عنوان (الثقة بالله) – سبحانه وتعالى – وكيف لا؟ وقد ذكر ابن عباس أنها الكلمة التي قالها إبراهيم – عليه السلام – حينما ألقي في النار، وقالها محمد – صلى الله عليه وسلم – حين قالوا له في (الأحزاب) إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم. هنا مقام النصر المؤكد مقام (حسبنا الله ونعم الوكيل)، قلتُها لذلك السوري الذي سألني: (ما أجمل ما بشّرتَنا به من النصر على هذا الظالم وأعوانه في سوريا في شعرك ومقالاتك، ولكن متى وكيف؟ فأجبته ب(حسبنا الله ونعم الوكيل)! وإنما تبرز الثقة بالله في وقت الأزمات والمصائب، حيث يتفاضل الناس، ويتفاوتون تفاوتاً عجيباً في ثقتهم بالله – سبحانه وتعالى – ولجوئهم إليه، وتتفاوت تبعاً لذلك مقاماتهم في مراتب الإيمان واليقين. إن لحظة الفرج تأتي في لمحةٍ خاطفةٍ لا يتوقعها الإنسان، فلا يكاد يصدق ما يرى من الفرج بعد الشدة، والأمن بعد الخوف، والنصر الحاسم بعد توقع الهزيمة. رسالة إلى كل مظلوم مهضوم الحق، سواء أكان شخصاً أم جماعة، أم شعباً كاملاً، نقول فيها: لا تنسوا عبارة الحسم: (حسبنا الله ونعم الوكيل)! ثقتي بربي تجعل الدنيا كملكٍ في يميني.