قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي – في خطبة الجمعة – تكون الحياة لله رب العالمين باستثمار العمر في البناء والتنمية والعقل وفي إعمار الأرض، والصناعة والزراعة وإصلاح حياة المجتمع وتحقيق الأمن والرخاء، قال الله تعالى: ” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بلداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قليلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ “. وأضاف: هذا المسلم الذي يجعل حياته لله، كالغيث أينما حل نفع، يحيي الأمل في النفوس ويقوي الثقة بالله، يشيع الرحمة في الحياة، ينشر الخير، يطعم المسكين، يقوم على شؤون الضعفاء والأيتام والمرضى قال تعالى: ” وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعاً ” ومن كانت حياته لله لم ينتظر من أحد سوى الله جزاءً ولا شكوراً، ماضٍ في عطائه لا يوقفه من تنكب الطريق بجحود أو نكران. وتحدث خطيب الحرم حول قول الله عز وجل: ” قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ”، مؤكداً أنها رسمت الهدف والوظيفة والغاية من الحياة، وهي مقصد المسلم وحياته ومماته لله رب العالمين: لله مالك يوم الدين الذي خلقنا ورزقنا ووهبنا الحياة. وأضاف: تلاوة هذه الآية والتذكير بها، والتأمل فيها يحيى المفاهيم العظيمة، ويجدد المعاني النفيسة التي يجب أن لا تغيب عن الأذهان، ولا تسقط في دائرة الغفلة والنسيان، وهي أن تكون صلاة العبد ونسكه وحياته ومماته لله، وأن يخضع في كل شؤونه لمن خلقه ورزقه وصرف أمره ودبره، وتذكر الآية بتحقيق أشرف مقام وهي العبودية في كل ما يأتي المسلم ويذر إيماناً بالله وإخلاصاً له، حباً لله وشوقاً له، خوفاً منه ورجاء لفضله، من أكل الحلال وترك الحرام، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وإحسان إلى الجيران، وحسن خلق وغض بصر وحجاب، ودعوة إلى الله، وأمر بمعروف ونهي عن المنكر. وتابع: ” قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي” والنحر والذبح لله تعالى من أجلّ العبادات وأشرفها ولذلك قرنه الله تعالى بالصلاة في قوله: ” فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ” وهذه عبادة لها غايات ومقاصد شرعت في كل شريعة: لمحبة الله لها، ولكثرة نفعها، الذبح لوجه الله من أصول الإيمان، ومشهد من مشاهد التوحيد: وهو قربان لا يجوز في الإسلام تقديمه إلا لله رب العالمين. وقال: هذه الحياة إذا عشناها لله، وفق ما يرضيه، وأحببنا ما يحب وأبغضنا ما يبغض، وأحيينا القلب بذكر الله فإنها تكون حياة ممتعة سعيدة قال تعالى: “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”، وهذا حال المسلم بشكل دائم، لا يكاد يمر وقت من الأوقات يكون فيه بعيداً عن ربه وذكره وعبادته، فهو يصلي ويصوم ويحج ويخرج زكاة ماله، ويضبط جميع تصرفاته بميزان الشرع والإيمان.