بسم الله.. قالت العرب: الرذيلة (ما كان ساقطاً خسيساً من الأعمال وعكسها فضيلة)، كما قالوا أيضاً: الرذيل دنيء خسيس رديء نذل. وبالنظر إلى الشريعة الإسلامية في حديثها عن الرذيلة نجد أنها جعلت حفظ النسل والنسب والعرض مضمنة في دائرة الضروريات والمقاصد عظمى للشريعة الإسلامية، وهي بالطبع مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعفة والطهارة، وقد سلك الإسلام لإقرار العفة ونشرها في المجتمع ومحاربة الرذيلة عدة أمور: فقد حرم الفواحش وأيقظ الإيمان في النفوس وأغلق أبواب الفتن، فمن يقع في الزنا يعاقب بالجلد أو القتل حسب حاله قال الله سبحانه:{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ }، ومن يقع في مقدمات الزنا يأثم وقد يعزر قضاء قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنَّى وتشتهي، والفرْج يصدق ذلك كله ويكذبه"، وإذا تبين أن الرذيلة بمشتملاتها من الزنا ومقدماته حرام ومعاقب عليه لا سيما الأول منهما فما مصير من يُروج لهما ويدعو إليهما ويُسهل الوصول إليهما ويحاول تخفيف حرمتهما عن طريق الظهور بمظهر خادش للحياء أو بمظهر مخزٍ أو بمظهر يتتبع فيه أقوالاً له فيها رخصة ينفذ من خلالها أهل الشر للشر؟ في ظني أن إجابة ذلك يكمن في الحديث: (مَنْ دَعَا إلى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَايَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شيئاً، وَمَنْ دَعَا إلى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَايَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شيئاً). وفي الجانب القانوني نرى أن الرذيلة وترويجها مُجرّمة ومحظورة في المملكة العربية السعودية بجميع أشكالها وفي الدول الأخرى أيضاً، إلا أن القوانين الأخرى تختلف من بلد إلى آخر في تفسير الرذيلة المحظورة، فمن الدول ما ترى أن الزنا بالتراضي لغير المتزوجين لا يدخل تحت الرذيلة المجرمة وهذا ما يراه القانون المصري، هذا وإن كان القانون المصري خالف وعارض وصادم القرآن الكريم في أحكامه إلا أنه وافق الشريعة في تجريم الزنا للمتزوجين وممارسته بمقابل مالي وفي حالة عدم الرضا من المرأة، وهناك من القوانين التي توسع دائرة الرذيلة وهناك التي تضيق، وعلى كل حال فإن الرذيلة بشكل عام مُجرّمة ومعاقب عليها في القوانين العالمية حسب مفهوم كل قانون للرذيلة. ولكن ماذا عن مخالفة الأخلاق والآداب العامة التي تشجع على الرذيلة أو تهون من شأنها أحياناً، هل يمكن أن يعاقب الشخص بمخالفته للأخلاق والآداب العامة؟ الجواب: نعم، فكثير من الدول تجيز قوانينها إيقاع العقوبة على الشخص الذي يخالف الأخلاق والآداب العامة في البلد، فالمعايير السلوكية المعتمدة في مجتمع وزمن معين والتي يعتبرها هذا المجتمع أساسية في حفظ أخلاقية أفراده والتزامهم بها في علاقاتهم بحيث تبقى هذه العلاقات سليمة ومرتفعة عما يحط من كرامة الإنسان وسمعته لا يجوز نظاماً مخالفتها والاعتداء عليها. وأختم حديثي بالقول: إن المملكة العربية السعودية عاشت قروناً وورثت أجيالاً تحافظ على الفضيلة وتلفظ الرذيلة، فمن يرى في نفسه ضيقاً وحرجاً مِن تعايش الناس بالفضائل ومراعاة الآداب العامة فليذهب إلى من يوافق شاكلته، وليحاسبهم المجتمع إن لم يحاسبهم القضاء، ومن لا يرى للفضائل وآداب المجتمع وأخلاقه اعتباراً فليعلم بأن المجتمع لن يرفع دنيئاً. وصلوا على النبي المختار