دعت منظمة العفو الدولية "أمنستي" الأربعاء، إلى محاسبة مسؤولي وأفراد أجهزة الأمن المصرية، في نظام الرئيس السابق حسني مبارك، والذين اتهمتهم بأنهم "دأبوا منذ عقود على قمع المصريين بوحشية"، في ظل الحماية التي وفرها لهم قانون الطوارئ، المفروض منذ 30 عاماً. وطالبت المنظمة، المعنية بحقوق الإنسان حول العالم، في تقرير لها بعنوان "حان وقت العدالة: نظام الاعتقال البغيض في مصر"، والذي حصلت عليه CNN بالعربية، بإجراء تحقيق مستقل على الفور، في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها جهاز أمن الدولة، الذي وصفته بأنه "كان مصدر خوف شديد." وقالت المنظمة: "تحت ستار حالة الطوارئ، سُمح لقوات أمن الدولة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، دون خوف من العقاب"، وتابعت أن "اللحظة الحالية هي لحظة التغيير الجذري"، وتتطلب اتخاذ خطوات محددة على الفور، من جانب السلطات، بما يكفل محاسبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات. وتابعت المنظمة الدولية، التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً لها، في تقريرها: "ينبغي أن يرى المصريون أن العدالة قد تحققت فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في الماضي." وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت، في 15 مارس/ آذار الماضي، في أعقاب مظاهرات حاشدة، أنه سيتم حل جهاز مباحث أمن الدولة، وإنشاء جهاز جديد للأمن الوطني، إلا إنه لم يتم الإعلان عن أية تفاصيل بخصوص وضع ضباط الجهاز "المنحل"، وما إذا كان أي منهم سيخضع للتحقيق، وما إذا كان سيتم دمجهم في قوات الشرطة. وفي غضون الأسابيع الأخيرة، وثَّقت منظمة العفو الدولية، ما وصفها التقرير، ب"حالات تبين استمرار السلطات في استخدام التعذيب، والاعتقال الإداري، ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، فضلاً عن قمع حرية التعبير." ففي أعقاب قيام الجيش بإخلاء ميدان "التحرير" من المتظاهرين باستخدام العنف، يوم 9 مارس/ آذار 2011، ذكرت بعض المتظاهرات للمنظمة أنهن تعرضن للضرب، وللصعق بالصدمات الكهربائية، وتفتيشهن ذاتياً، بعد تجريدهن من ملابسهن، ثم أُجبرن على الخضوع "لفحوص العذرية"، وتم تهديدهم باتهامهن بممارسة "الدعارة." وتعليقاً على تلك البلاغات، قالت المنظمة: "ربما يكون الزي الرسمي قد تغير، ولكننا نرى أن أنماط الانتهاكات نفسها لا تزال مستمرة، ومن ثم فإن المحاسبة على جرائم الماضي تُعد أمراً أساسياً، من أجل توجيه رسالة واضحة، مفادها أنه لن يتم التسامح مع الانتهاكات مرة أخرى"، بحسب التقرير. يُذكر أن ضباط مباحث أمن الدولة كانوا يستخدمون الاعتقال الإداري لاحتجاز أشخاص من منتقدي السلطات المصرية، ومن نشطاء حقوق الإنسان، والمشتبه بهم جنائياً، لفترات طويلة "حسبما يحلو لهم"، وبدون أن يعتزموا تقديمهم للمحاكمة أمام محاكم جنائية. وأشار التقرير إلى أن السلطات "لم تفصح مطلقاً عن عدد الذين اعتُقلوا إدارياً"، وذكر أن تقديرات منظمات محلية ودولية معنية بحقوق الإنسان تشير إلى أن عدد الذين اعتُقلوا إدارياً خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس مبارك، يتراوح بين ستة آلاف وعشرة آلاف شخص. وأضاف التقرير أنه في مئات الحالات التي فحصتها منظمة "أمنستي"، لم يتم إبلاغ المعتقلين بسبب القبض عليهم، ولم يُسمح لهم بالحصول على مساعدة قانونية، كما اختفى بعضهم لعدة أشهر، كما كان تعذيب المعتقلين أمراً معتاداً، بما في ذلك الصعق بالصدمات الكهربائية، والضرب، والتعليق، والجلد، والحرمان من النوم. وأشار التقرير إلى أن أحد المعتقلين، يُدعى محمد أبو السعود إسماعيل، البالغ من العمر 52 عاماً، كان ضمن كثيرين ظلوا محتجزين لما يقرب من 20 عاماً، حيث تم القبض عليه عام 1991، بتهمة انتمائه إلى "الجماعة الإسلامية"، التي كانت جماعة مسلحة آنذاك، ولم تعرف عائلته باعتقاله إلا في عام 1998. ولم يُطلق سراح محمد أبو السعود إسماعيل إلا في فبراير/ شباط 2011، بعد سقوط الرئيس مبارك، وكان قد تعرض للتعذيب، وحُرم من الرعاية الطبية الملائمة واللازمة لمشاكله الصحية المزمنة. وفي أعقاب سقوط نظام الرئيس مبارك، أعلن وزير الداخلية، منصور العيسوي، الذي عُين حديثاً آنذاك، في تصريح له في 12 مارس/ آذار الماضي، أنه أُفرج عن 1659 من المعتقلين إدارياً منذ مطلع فبراير/ شباط، ولكن ليس من المعروف عدد الذين ما زالوا رهن الاعتقال.