ففي نبضه يكمن السرُّ الذي يخطفني. قلبي يأمرني بما لا يرضاه عقلي، ويأخذني حيث لا يدري بوجهته سواه. بين العقل والقلب صراعٌ لا ينتهي، لكنني أترك للروح أن تختار ما تشاء، لأنه القدر. في صمتِ الليل أجدهُ يُراودني عن دربٍ لا يخطئه من صدَّقه، وأترك عقلي يشتعلُ بالحيرة والشكِّ بينما أنا أسير مع نبضاتِ قلبي دون تردد. عندما يصرخ العقل، يهمس قلبي: "تابع، ولا تندم على الطريق". ففي غياهب العواطف تتجلى الحقيقة، وأنا لا أرى إلا ما يشاء قلبي دون تفكير. عقلي يرددُ: "توقف وكن حذرًا"، لكن قلبي يجيب: "الحياة بلا مجازفة لا معنى لها". فتبقى روحي بينهما تتأرجح بين العقل الذي يقيد، والقلب الذي يحرر. بينهما نحن في حيرة… كلٌّ يصرخُ ويأمرني بالسيرِ في طريقه. العقلُ يقول: "احترسي من الآلامِ القادمة"، والقلبُ يهمس: "اتبعيني، فالفرحُ في الانتظار". أصغي إلى العقلِ في لحظاتِ الهدوء، لكن في عواصفِ المشاعر، أجدُ نفسي أركض وراء قلبي. فأيُّ الطريقين أختارُ؟ أهو العقلُ الذي يهوى الحذر؟ أم القلبُ الذي يعشقُ المغامرة ودفء المشاعر؟ لست أدري أيهما سأسعدُ في طريقِه، فكلُّ منهما يسحبُني إلى وجهةٍ تُحيِّرُني. فأينما ذهبتُ، تتعبني الاستفهامات… أيُّ الطريقين هو الأنسبُ لي؟ وأيُّ الاختياراتِ ستملأُ روحي بالسعادة؟ أم أتركها للقدر؟ القدر… ذلك السر الذي يلتف حول حياتنا ويخفي في طياته الكثير من الغموض. هو الذي يقودنا إلى مفترقات الطرق التي نواجهها يومًا بعد يوم. في لحظات الاختيار، نعتقد أننا نملك زمام الأمور، وأننا نقرر مسار حياتنا بحرية تامة، لكن سرعان ما نكتشف أن هناك قوى خفية تقودنا برفق نحو ما كان مقدرًا لنا. كل قرار نتخذه، مهما كان صغيرًا، قد يغير مجرى حياتنا بشكل غير متوقع. ومع ذلك، يظهر القدر في تلك اللحظات كما لو كان يراقبنا بهدوء، يفتح لنا أبوابًا كانت مغلقة أو يقفل أخرى كنا نظنها مفتوحة إلى الأبد. في كل مرة نختار فيها، نشعر بعواصف من الشكوك والتساؤلات: هل هو اختياري حقًا؟ أم أن القدر هو من يكتب لنا الطريق؟ لا يأتي فجأة، بل هو تراكم لخياراتنا السابقة، مشحون بتجاربنا ومشاعرنا. قد تكون اختياراتنا مرتبطة بمفاجآت القدر، كما لو كان الطريق مفتوحًا أمامنا، فنخطو بثقة، بينما في حقيقة الأمر، نحن فقط نمشي على درب كان قد قدرته يد الغيب. لكن، رغم كل شيء، يبقى الأمل في أن اختياراتنا، مهما كانت، جزءٌ من لوحة الحياة التي نرسمها. وفي النهاية نسير في الطريق الذي كان مرسومًا لنا منذ الأزل. لذلك، فلنحيا بسلام، ونتقبّل الهزيمة والانتصار برضى. ولنفرح وقت الفرح كأنّ الفرح لن يعود، فنبالغ في فرحنا. ولنحزن كأنّ الحزن دائم، لتُشفى الجروح وتطيب الحياة. وكما قال الشافعي: دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ بقلم/ حصة الزهراني ماجستير في العلاقات العامة والاتصال المؤسسي – وزارة التعليم