العبور أيّا كان نوعه لا يعني أن تتوقف في أيٍّ من محطاته، فقد يكون في توقفك تردّدا غير محمود، أو يتجاوزك الآخرون، العبور ليس للمسافات المكانية فقط، بل هو عبور خفيف لطيف لكلّ العقبات التي تعترض خط سيرك ،حتى عبورك من حياة الآخرين اللذين قد تجمعك بهم الظروف المختلفة فتلتقي بهم بلا مواعيد مسبقة، تتباين فيها العلاقات ما بين ود، واحترام، وثقة، وبين كراهية، واستهزاء، وإفشاء أسرار أودعتها في صناديق صدورهم الصدئة ضاقت بها لحظة غضب، أو أنانية فسارعوا بلا إنسانية ولا وفاء لنشرها على الملأ !! فطرتنا تفرض علينا حين نلتقي بالناس أن نتعامل معهم بالحسنى فلا ضرر ولا ضرار، ولكن يستحيل أن يستمر الحال على ماهو عليه إلا فيما ندر وهذه الندرة خاصة بالأتقياء الأنقياء الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كانت ندبات جروحهم تنزف، و قلوبهم منهكة من الغدر والخيانة وسوء الانتقاء.. هناك عبور أنيق كأن تمر في حياة أحدهم فلا تجد لك متسعا في حياته إما لتعدد علاقاته، أو انشغاله بما يهمه أكثر، أو اكتشافك متأخرا أنه ليس كفؤ لصدقك معه ، أو حتى تشبعك أنت وظنك أن هذا لن يضيف لك شيئا فتعبر من حياته عبورا أنيقا تاركا أثرا لطيفا، تعبر دون أن تلتف لما يمكنه أن يجعلك تتعثر فيما أمامك، تعبر وأنت تحمل في قلبك مشاعر فياضة بالوفاء والتقدير لما كان، فلا تسعى مهما كان سبب عبورك إلى تشويه الصور الجمالية لعلاقة لم تدوم، تتعامل مع الواقع الذي تعيشه بإنسانية عالية دون خدش أو كدر، قرأت لأحدهم مقولة ذات أثر يقول فيها (( تعامل مع العلاقات التي انتهت كأنها قبور والقبور لا تنبش )) منتهى المرؤة أن تحترم ماضي أحدٍ ما تعاملت معه، أو عشت معه، فلا تنشر ما كان بينكما على الملأ إمعانا في الإيذاء أو الانتقام، فالشرفاء لا ينتقمون أبدا.. اجعل من عبورك حياة الآخرين عبورا رقيقا وأنيقا كما تتمنى لنفسك، لا تدخل حربا الخاسر فيها بالمقام الأول هو أنت! حين تسمح لنفسك بحفر ندبات غائرة في قلوب الآخرين كن ذاك العابر الأنيق الرقيق وَدَعْ أذاهم فما كان الرفق في شيء الا زانه. كتبه/ جواهر محمد الخثلان