كانت المنطقة تعيش ظروف وتحديات مختلفة عند انطلاق قناة العربية الفضائية في الثالث من مارس عام 2003م. وهي المحطة العربية الكُبرى غير المؤدلجة منذ انطلاقها، والبعض يرى انها ضد مظاهر وأسس دينية بعينها. هذه العربية يعاديها الكثير ويحترمها الأكثر. وقد استطاعت بغرابة أن تجمع اصدقاءها واعداءها حول مائدة برامجها وبث نشرات اخبارها والاهتمام بموادها وموقعها الإخباري. وربما يعود ذلك الإهتمام الى ان ادارة برامجها واسلوب محاوريها وطريقتها تختلف عن غيرها من المحطات الأخرى. هذه المحطة {العربية والحدث} هي تقريباً من يسيطر على صناعة الخبر ونقل الأحداث وتغطيتها من وإلى المنطقة العربية والشرق الأوسط وإلى كل ناطق بالعربية بالعالم. وبطبيعة الحال وبناء على تأثيرها وقوة ارتباطها بِدوائر القرار في المنطقة فإنه يهتم بمتابعتها جميع وكالات الأخبار العالمية وحكومات وسفارات دول العالم ذات الإهتمام بمنطقتنا وكذلك أجهزة المعلومات والاستخبارات الإقليمية والعالمية. وللمحطة ادوارها المؤثرة على الأحداث كبيرها والصغير وعلى الرأي العام في الإقليم. وهي لا تستثني من برامجها الخاصة وتغطياتها الشاملة أي مجتمع عربي من المحيط الى الخليج وعرب المهجر كذلك. والمحطة لا تلتزم بالحياد ولا تدَّعيه تجاه قضايا العرب المهمة وخاصة السعودية وحلفاءها، فأصبحت سلاح إعلامي عربي مؤثر. وخطها الاعلامي يعتبر ثابت تقريباً ومرضي لأغلب الشعوب العربية على الرغم من اختلاف قضاياهم وتباين وتعقيد العلاقات البينية لدولهم. ومع كل ذلك فهناك من يُشيطنها ويطرب لتسميتها بقناة العبرية مع انها لا تحظى بمعشار ما يحظى به الإعلام القطري في اسرائيل من الخصوصية، وما اكثر الأسرار القطرية الحالية هناك. أما محور ايران وأذرعها بالمنطقة واصدقاءهم العرب الكارهين ولمتحاملين على السعودية فيعتبرونها عدو لهم ولإسلامهم، وهذا طبيعي فهي من فضح مواقفهم. ولقد استطاعت محطة العربية أن تجبر اعداءها تحديداً على متابعتها والأخذ منها، بل ورغبة بعضهم للظهور في برامجها وعلى نشرات اخبارها المتواصلة. وعموماً فإن كُل ما ذُكر آنفاً هو رأي قد يُتَّفق او يُختلف عليه، خاصة اذا ما علمنا ان هناك من لايزال يصر على أن إعلام قطر الفضائي يمثل الرأي والرأي الآخر ذلك الشعار الذي اخترعه جميل عازر!. قلت لصديقي العربي الذي يُفضل متابعة إعلام قطر ومحور ايران، تصور يوميات وأحداث عاصفة الحزم وعمليات وجهود التحالف العربي لإعادة الشرعية لليمن إضافة الى عمليات اعادة الأمل لإغاثة الشعب اليمني وإنشأ مركز الملك سلمان الإغاثي العالمي وما يقوم به من جهود بلا انقطاع، ثم ضع في مقابل ذلك عدم وجود لمحطة العربية الإخبارية بقناتيها وأطقمها المختلفة ومراسليها، وبدون طاقمها الميداني العامل باليمن ومراسلها محمد العرب وزملاءه المرافقين!، فهل كنَّا سنشاهد ونستقي معلوماتنا الحقيقية عن عمليات العاصفة والإغاثة وانشطة تحالفاتنا المختلفة ومواقف اعداءنا وعن كل ما يجري في اليمن وما يتعلق به اضافة الى الأحداث الجِسام الأخرى والتحولات الجارية وهي الأهم في تاريخنا وتاريخ المنطقة والتي محورها جميعاً المملكة العربية السعودية؟.. وتابعت اسأل صديقي قائلاً له تصور مرة أخرى انه لا يوجد شيء اسمه قناة العربية وقناة الحدث فكيف سنرى نحن عامة الناس في دول شبه الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر أحداث المنطقة منذ خمسة عشر سنة وآخرها المقاطعة العربية لحكومة قطر وما رافقها، ومظاهرات ايران الشعبية الحالية التي تغطيها بشكل غير محترم محطة ابو عدس القطرية وقناة المنار؟ وهل سيكون البديل ياصديقي هو متابعة محطة البي بي سي البريطانية؟، أم الآر تي الروسية؟ وربما كان المتوفر هي قناة العالم وبناتها المنار والميادين والمسيرة والسورية ومعهم قطر؟. وأخيراً هل تعلم يا صديقي ان العربية جمعت امام كاميراتها وفي مكاتبها واستديوهاتها بالدول العربية اغلب مسؤولي وموظفي ونشطاء الشرعية اليمنية ومتحدثيها وإعلامييها ومؤيديها الذين شردهم الإنقلاب الحوثي فربطتهم مباشرة وبصوت متحد بشعبهم اليمني المنكوب في الداخل والخارج الذي يتابع شاشة العربية والحدث، فكان لذلك اثر ايجابي كبير في مساندة الشرعية والتحالف ولم يدركه الناس. شاح صديقي بوجهه محتاراً وصمت ولم يُعلّق حتى الآن. الموضوع ليس تمجيد لمحطة العربية فلا مصلحة شخصية من وراء ذلك. بل هي كلمة حق يجب ان تُقال، وتوثيق ضمن غيره حول جهودها وتغطياتها ومواكبتها المستمرة لعمليات وتضحيات القوات المسلحة السعودية خلال عاصفة الحزم، ولدورها الإعلامي الكبير قبل ذلك وبعده في إبراز مواقف ونجاحات قوات الأمن السعودي وبعض الدول العربية في مواجهة الإرهاب وخلال مواسم الحج ونقل تلك الصور بإحتراف الى العالم. هي فقط إشارة وإشادة عابرة _لا تحتاجها لمحطة_ عن جودة مُنتجها تقنياً وفنياً وعن نجاح جهودها المميزة خلال تغطياتها لعمليات قوات التحالف العربي لإعادة الشرعية باليمن. ومرة اخرى هو كلام لن يضيف للعربية أي شيء بعد أن أصبحت الوسيلة الأقوى والأهم عربياً صوتاً وصورة وانتاج للخبر وكل ذلك سخرته لمصلحة أمن العرب الإستراتيجي وقضاياهم العادلة ونقلها اعلامياً الى كل دول ومنظمات وهيئات وشعوب العالم، وكم نتمنى ان يكون هناك غيرها وأفضل منها. وإذا كان هناك حالياً من يتفوق عليها او يوازي عملها وجهدها وتأثيرها ويتبنى قضايانا بنفس القدر فله الشكر.. لكن من هو؟. وكل هذا لا يجعل للعربية قداسة خاصة بها، ولا يلغي احترام وجهة نظر من لا يرى فيها أي جانب ايجابي!. ولا يعني انها لا تخطئ، بل لديها أخطأ. وكم نتطلع الى ان تنشئ فضائية أخرى ناطقة بالفارسية وبنفس نهج العربية وخطَّها، لتصحح صورة العربي الذي شوهته الثورة الخمينية لدى المواطن الإيراني البسيط، وتبين له حقيقة الانسان العربي ورسالته، وتوضح له كذلك انه جار وصديق للعرب لا أقل ولا أكثر ولكلٍ دينه. مرة أخرى شكراً لثبات مواقف محطة العربية ولتغطياتها المُشرفة خلال عمليات حرب اليمن، وعلى تواجدها على ارض القتال هناك بفريق كامل على الجبهات في ظروف صعبة حين تخاذل البعض وبدَّل مواقفه. ولكل منسوبيها الإحترام.. ونتمنى قيام المشروع المُقترح “الفارسية” فنحن بحاجة شديدة له ضمن صراع طويل لن ينتهي وسيبقى فيه الإعلام القومي الناضج قوة ناعمة وفاعلة وذراع طويلة للدفاع عن الحق، وإشاعة السلام والوئام والتعايش بين الشعوب والحضارات والثقافات.