يحاول القطاع السياحي التونسي النهوض مجدداً من كبوته، بعض الضرر البالغ الذي لحق به جراء الأحداث التي أدت لرحيل الرئيس السابق، زين العابدين بن علي، ولكن القلق من حالة عدم الاستقرار السياسي مازالت تمثل تهديداً للحياة الاقتصادية، خاصة وأن السياحة توظف 400 ألف شخص وتدر عوائد بالمليارات سنوياً. وتعتبر قضايا معالجة الفساد وتنمية القطاع الخاص أمور بالغة الأهمية للاقتصاد التونسي الساعي لتوفير وظائف ونسب نمو مرتفعة، وفي ظل غياب النفط والغاز الموجود في الجارتين، ليبيا والجزائر. وتعتمد تونس على السياحة التي تمثل ستة في المائة من الدخل الوطني، ولكنها أكبر مصدر للعملات الأجنبية، إذ تدر 2.5 مليار دولار سنوياً. كما يعمل في قطاع السياحة والمنشآت الملحقة به أكثر من 400 ألف تونسي، وتأتي الغالبية الساحقة من السياح من القارة الأوروبية، وتحديداً إيطاليا وألمانيا وفرنسا، ولكن التوترات الأخيرة شلت السياحة التي تحاول العودة للوقوف على قدميها مجدداً. وقالت ليلى بن تركية، مديرة التسويق في منتجع "غولدن توليب" لبرنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN": "بعد شهر من انتهاء الأحداث بدأت الفنادق تعود تدريجياً إلى العمل، ونشهد بداية لبعض الحركة، وذلك بفضل رجال الأعمال الذين عادوا إلى البلاد." وتضيف بن تركية: "لقد تلقينا الكثير من رسائل الدعم من زوارنا الذين وعدونا بالعودة في أقرب وقت لزيارتنا ودعمنا.. تونس حرة اليوم ونتوقع أن تكون الأيام المقبلة أفضل وأجمل." وتمثل منطقة سيدي بوسعيد واحدة من أبرز نماذج السياحة الفخمة في تونس، فعلى أرصفتها تمتد اليخوت الفخمة، بينما ينتشر الشبان في المقاهي الواقعة على الشاطئ للاستمتاع بالطقس الجميل، وبعض الذين جلسوا في المقاهي هم من عمال المنشآت السياحية الذين ينتظرون عودة الحياة للقطاع من أجل الرجوع لوظائفهم. ويشرح شريف عبادي، العامل بأحد الفنادق، وضعه بالقول: "الفنادق فارغة والأجانب يخشون القدوم لأن الأوضاع غير مستقرة، وأنا أريد أن أؤكد لجميع السياح أن الأوضاع جيدة وكل شيء بخير في تونس، فبفضل الثورة أصبحنا في وضع أفضل للغاية." غير أن هذا التفاؤل لا يبدو أنه يشمل الجميع في تونس، فقبل أسابيع، حاول آلاف الشباب الفرار من الأوضاع الصعبة في البلاد والتسلل بحراً إلى إيطاليا، في إشارة إلى يأسهم من أوضاعهم المعيشية. وقد علق كريستيان أنطون، المدير الإقليمي لفنادق ريديسون بلو في جربا: "ما زال لدى بعض الشباب أحلام الحياة الجميلة في أوروبا، ولكن ليس هناك فرص عمل كفاية لهم في فرنسا وإيطالياً، لذلك سيتم استغلالهم في نشاطات غير شرعية من قبل أشخاص سيوظفونهم بمرتبات زهيدة." وخلص أنطون أن الأفضل بالنسبة لهؤلاء الشباب هو البقاء في تونس، ومحاولة بناء مستقبل جديد لهم ولوطنهم.