طرحت وزارة الاعلام استراتيجية اعلامية جديدة، ضمن برنامج التحول الوطني الذي شمل جميع الوزارات والهيئات الحكومية، وإحدى مبادرات وزارة الاعلام الجديدة هي انشاء مكاتب اعلامية خارجية في بعض البلدان في العالم، المبادرة جاءت تلبية لحاجة ملحة ومهمة، بعد ان شهدنا نقصا حادا في حضورنا الاعلامي في الخارج، ولكن كيف سيتم الانشاء وما هو شكل التمثيل؟ السفارات السعودية في الخارج لها تجربة في العمل الاعلامي قد نختلف حول تقييمها، لكن لا نختلف في وجودها، وهذه التجربة يجب ان تكون حية في اذهاننا ونحن في صدد انشاء مراكز اعلامية في الخارج، خاصة وأن أحد نجوم العمل الاعلامي في الخارج هو وزير خارجيتنا اليوم، وحضوره الاعلامي المؤثر لا يحتاج التذكير والاشادة، ولكن تبقى التجربة بشكل عام محدودة التأثير وضعيفة في خبرتها، ما يجعلنا نستنتج ان افتتاح مكاتب بالخارج يجب ان يكون عملا مختلفا كثيرا عن تجربة الاقسام الاعلامية في السفارات، والا ما الفائدة إن اعدنا نفس التجربة مع معرفتنا المسبقة بالنتائج، ومن الحكم على تجربة السفارات الاعلامية، نستطيع ان نقول: ان المكاتب المقترحة يجب ان تكون ذات طبيعة اعلامية وليست سياسية، حتى نضمن لها المرونة في الحركة والتأثير، فعندما تخاطب الجمهور الخارجي كإعلامي يختلف الوضع تماما عندما تخاطبهم كسياسي ملتزم بموقف وخطاب محدد، وهذا يجعلنا نبحث عن الاعلامي الذي يمثل مجتمعه وثقافته في الخارج قبل البحث عن مبادرة مكاتب.. الولاياتالمتحدة لها تجربة رائدة في العمل الاعلامي الخارجي، اضافة لعمل السفارات وتغطيتها بعض جوانب النشاط الاعلامي، توظف إعلامها الخاص للقيام بمهماته الوطنية، سألت مرة مراسلي وسائل الاعلام الخاص الاميركي في القاهرة، هل يقومون بوظائف رسمية تساعد على بناء الجسور بين البلدان التي يعملون بها ومجتمعهم الاصلي، كانت الاجابة نعم، وكذلك يقومون بتزويد المسؤولين في البيت الابيض والخارجية بتقارير خاصة بطلب من تلك الجهات أو بمبادرة منها، وكالة انباء الصين “شينخوا” في القاهرة يعمل بها ما يقارب 26 صحفيا صينيا، وينصب عملهم بالأساس عن بحث فرص استثمارية لبلدهم في المنطقة. في المملكة يوجد عدد ليس بالقليل من المؤسسات الصحفية القادرة على انجاز مهمات اعلامية في الخارج وبعضها يقوم بذلك ولو كان غير مستمر، فعلينا ونحن نفكر في التحضير لعمل اعلامي خارجي، ان نأتي بفكرة غير مسبوقة، وهي اشراك المؤسسات الصحفية بهذا العمل أو اسناده بالكامل لها، فالصحيفة تعرف صحافييها جيدا وحدود مهاراتهم وامكاناتهم، فالصحفي هو الاقدر على الدخول بأماكن لا يستطيع السياسي ان يدخلها، ورأيه تتحمله جريدته وليس دولته عكس الموظف الرسمي، ونحن في هذا التوقيت نحتاج لمناورات جريئة تتطلب استقلالية معقولة عن الاجهزة الرسمية، فتمثيل صحفنا لنا في الخارج عن طريق مراسلين سعوديين محترفين سيكون اكثر فائدة معلوماتيا وصحفيا، وسمح لهم ايضا التعاون مع وسائل الاعلام في البلدان التي يعملون بها كزملاء مهنة وليس كسياسيين يمثلون بلدا، وكذلك ندفع المؤسسات الخاصة إلى المشاركة في الرأس المال الوطني بدلا من أن تتحمله الدولة.