تتداعى أمام الذاكرة في هذه الأيام الذكرى السنوية لليوم الوطني الرابع والثمانون للمملكة العربية السعودية , في الوقت الذي أتطلع فيه الى التعامل مع الذكرى الوطنية المجيدة خارج مفهومها التقليدي المتكرر , المتمثل في التعبير عن المشاعر ومظاهر الاحتفال , وإن كنت لا أستكثر على المواطن ذلك , فهذا حقه بل واجب علينا جميعاُ , لكنني مؤمنة بأننا بحاجة الى تطوير هذا المفهوم لنصل به الى قيمة عملية منتجه , يمكن لها أن تتحول الى منظومة سلوكيات وممارسات ذات طابع جماعي عام , ينعكس على حركة العمل والإنتاج في التعليم والوظائف والخدمات والاقتصاد والمساهمات المتعلقة بالمصالح والمنافع العامة للمواطنين عبر مؤسسات الدولة وأجهزتها , استحضاراً للمسؤولية والإلتزام تجاه الوطن . يسيطر على الضمير الوطني في هذه الذكرى ثنائية التاريخ والمستقبل , في معادلة تتداخل فيها قيم الدين والعروبة مع تطلعاتنا قيادة وشعبا نحو مستقبل زاهر يحمل في طياته التنمية والأمن , في وقت نرى فيه المنطقة العربية تمر بأصعب واحلك الظروف , ونعول في ذلك على فضل الله وقوته أن يحمي هذا الوطن , دون أن ننسى أن هنالك أدوار ومسؤوليات نتحملها جميعاً أفراداً ومؤسسات وان التفريط أو التهاون في أداء هذه الواجبات هو من التفريط في الامانة , التي إنتقلت الينا من جيل البناء والتأسيس , ونحن بدورنا نسلمها في يوما ما الى جيل جديد ليكمل المسيرة . أن حصر مفهوم العلاقة بين الإنسان والوطن في جملة من الحقوق والواجبات المتبادلة بين الطرفين ليس منظور خاطئ بل هو ضمانة وتقنين مصيب لهذه العلاقة , يحفظه ويحققه النظام الأساسي للحكم , وكذلك تقاليد مؤسسة الحكم في المملكة , وفي هذا السياق أقول أن احتياجات وتطلعات المواطن وتعويله على الدولة لا حدود له , لكن ذلك كله يجب أن يخضع لإعتبارات المصلحة الشرعية والوطنية ويراعي الأولويات , وفي نفس الوقت يجب أن يلتزم به المسؤول الذي أرتضى تحمل الأمانة التي كلفه بها ولي الأمر , في تحقيق مصالح المواطنين . ختاماً نرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وللوطن بكل أطيافه وتنوعاته , التهنئة بهذه المناسبة العزيزة مقرونة بالتأييد والتعضيد لكل المساعي الرسمية والشعبية التي تضع مصلحة الوطن فوق كل إعتبار.. د/ وفاء بنت محمد التويجري وكيلة تطوير والجودة كلية العلوم الاجتماعية بجامعه الامام محمد بن سعود الاسلامية