شيعت مكةالمكرمة كبير سدنة بيت الله الحرام الشيخ عبدالعزيز الشيبي بعد ظهر أمس، قبل ساعات من تسلمه ثوب الكعبة المشرفة الجديد من الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، جريا على العادة السنوية، حيث تكتسي الكعبة ثوبها الجديد يوم وقفة عرفة. وقضى كبير السدنة في هذه المهنة المتوارثة 18 عاما، منذ عام 1413ه بعد الشيخ عاصم الشيبي، حيث توارثت «أسرة الشيبي» خدمة بيت الله الحرام قبل 15 قرنا، توارثها أبناء الأسرة، التي يستقر أغلب أفرادها في مكةالمكرمة. وتوفي في ساعة مبكرة من صباح أمس في مستشفى خاص في جدة، عن عمر يناهز 82 عاما، بعد تعرضه لظروف مرضية ألزمته الكرسي المتحرك عدة أعوام. وتقلد الفقيد عدة مناصب، منها: عضويته في هيئة إدارة المسجد الحرام، ثم وكيلا في عهد الملك سعود، فمديرا لأعمال الحرم المكي، ومديرا عاما للشؤون الدينية والمساجد في وزارة الحج في مكة حتى تقاعده. وله من الأبناء طلال، هاشم، مروان، ونزار. أبناء وأشقاء الفقيد تحدثوا عن هذا المصاب الجلل، حيث قال شقيق الفقيد السادن الحالي للكعبة الشيخ عبد القادر الشيبي: «آلمنا المصاب، ويزداد الأسى عند فتح باب الكعبة، والذكريات التي تصاحب الموقف، لكنه أمر الله وكل شيء بقضاء وقدر»، فيما يعتبر شقيقه «عبدالملك» أن فقده صدمة كبيرة. وتحدث عن مآثر الفقيد عدد من أبناء مكة ومحبوه، حيث أجمع نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الدكتور محمد الخزيم، وأستاذ الأدب في جامعة الملك عبدالعزيز، وعميد كلية المعلمين في مكةالمكرمة الدكتور عبدالعزيز سرحان، أن الفقيد كان واحدا من آخر جيل، وقالوا: «فقدنا رجلا عرف بإيمانه وأخلاقه الفضلى وأدائه الأمانة وخدمة الناس، وكان حريصا على الأعمال الصالحة، وأمينا، عرف بكرمه، وكما امتدت يديه لحمل مفتاح الكعبة، وقامت بغسلها، فإنها امتدت لمساعدة المحتاجين، فما أكرمها من يد، وما أعظمها من نفس، وما أطهره من قلب»، مشيرين إلى أن مكة فقدت ابنا بارا، وعلما بارزا، وشيخا فاضلا، مؤكدين أن قلوبهم مليئة بالألم لفقده، ونفوسهم حزينة. وأضافوا أنه «رجل حافظ على أمانة وشرف حمل مفتاح بيت الله الحرام طيلة عمره المديد، وحافظ على شرف تسليم كسوة الكعبة، وأخذ هذا الشرف أبا عن جد، وكابرا عن كابر منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم»، وقدموا لأسرة آل الشيبي التعازي، داعين الله أن يتغمده بواسع رحمته. من جانبه، أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، أن الراحل قدم خدمات جليلة طيلة قيامه بسدانة بيت الله الحرام، مشيرا إلى أنه أدى هذه الخدمة على خير ما تؤدى، موضحا أنه خلف من بعده أسرة كريمة منضبطة ومحافظة على هذه الوظيفة الجليلة، سائلا الله أن يجعل ما قدمه في ميزان حسناته، وأن يكون خلفه مباركا. من جانبه، عبر مطوف ضيوف الدولة في المسجد الحرام الشيخ سليمان جلال عن حزنه في وفاة الشيخ عبد العزيز الشيبي، مشيرا إلى أنه عرفه منذ 50 عاما، فكان دائم الابتسامة والشكر، متميز الخلق، متواضعا، «حيث تربى في بيت كريم، وقد رباه والده (أحد أعضاء مجلس الشورى في عهد الملك عبد العزيز) تربية حسنة، فربى أبناءه من بعده على الصلاح»، سائلا الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته. عكاظ