تحقق شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب تغييرا مهما على صعيد الإعلام في السعودية لكنها تثير في الوقت ذاته الاضطراب والفوضى نظرا لصعوبة التأكد من مصادرها وفحوى ما تنشره. ويقول عمار بكار الخبير في شؤون الإعلام الجديد "عندما يكون المجتمع معتادا على من يرتب له أجندته ويفكر نيابة عنه ثم فجأة ينفتح على كل شيء فسرعان ما يحدث نوع من الخلخلة السريعة للكيان والبناء الاجتماعي". ويتطرق السعوديون خلال نقاشاتهم إلى معظم قضايا المجتمع، حيث يعمد شبان وفتيات إلى إنشاء صفحات متخصصة أو ينتجون أفلاما تسجيلية للتعليق على القضايا وانتقاد مسؤولين ورجال دين ومثقفين وحتى إعلاميين. ويضيف الرئيس السابق للإعلام الجديد في مجموعة ام بي سي: "في الدول المحافظة سياسيا واجتماعيا هناك أولويات لما يتم مناقشته (...) مثل القضايا الدينية وغيرها، الإعلام الجديد يغير المعادلة بشكل جذري لكنه يؤدي إلى الفوضى في الجانب الآخر". ويقول محمد بدوي خبير التقنية في شركة زاركوني للتدريب وتطوير تطبيقات الايفون إن "عدد مستخدمي فيسبوك في المملكة يبلغ أكثر من 4,5 مليون شخص، فهي في مقدمة دول المنطقة من حيث أعداد المستخدمين للشبكات الاجتماعية". ويضيف أن "الرياض تمثل نسبة 87 % من المستخدمين تليها جدة ثم الخبر"، مشيرا "إلى أن 69 % يتصفحون الانترنت عبر الجوال الذي يستخدمه 95% من السعوديين". ويؤكد بدوي أن "عدد مستخدمي الانترنت يبلغ 11,8 مليون مشترك". ومن ابرز المواضيع المتداولة في الآونة الأخيرة قضية الشاب حمزة كشغري المتهم بالتطاول على الذات الإلهية والرسول الكريم، وانتقاد الداعية محمد العريفي بسبب أحاديث تراجع عنها أخيرا. كما تخوض مجموعة من الفتيات معركة على مواقع التواصل الاجتماعي بشان عمل المرأة والسماح لها بقيادة السيارة، نجحن في الأولى وما زلن يأملن في تحقيق الثانية قريبا. من جهته، يرى شارع البقمي أستاذ الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز أن "هناك سوء استخدام لوسائل الإعلام الجديد في مناقشة القضايا الاجتماعية والثقافية في السعودية". ويضيف "السبب يكمن في عدم إدراك شريحة كبيرة من المجتمع لمساوئ ومحاسن هذه الوسيلة". وفي هذا السياق، يرى بكار انه "من شبه المستحيل الحد من التأثير السلبي للإعلام الجديد إلا بعد فترة طويلة فقد تشبعنا بما يجوز ولا يجوز نشره (...) الطريقة الوحيدة هي الوعي والثقافة لدى المتلقين". ويختم قائلا "على مستوى صناعة القرار وتلك الأكثر عمقا، لا توجد أدلة حتى الآن على وجود تأثير لوسائل الإعلام الجديد (...) هناك بعض رجال الدين وصناع القرار إلا إن هذا يندرج ضمن الترويج لأنفسهم وأفكارهم". وكشفت دراسة لشركة اومنيكوم غروب المتخصصة في التسويق، تزايدا كبيرا في ارتياد مواقع التواصل الاجتماعي بحيث قال 86% ممن شملهم الاستطلاع في السعودية، إن فيسبوك موقعهم المفضل تليه منتديات الدردشة والبريد الالكتروني. وبحسب الدراسة، قال 49% من الذين شملهم الاستطلاع أنهم لا يستطيعون العيش من دون (فيسبوك)، في حين أكد 86% إن الإعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تثير اهتمامهم بالمنتجات. بدوره، يقول سعود كاتب أستاذ الإعلام الجديد في جامعة الملك عبد العزيز أيضا أن "مواقع التواصل الاجتماعي لها ايجابياتها وسلبياتها". لكنه يقلل من نسبة تأثيرها على المجتمع قائلا "معظم الآراء على تويتر تتحدث عن أهمية ومشروعية قيادة المرأة للسيارة لكن في الواقع غالبية المجتمع تعارضها، وكذلك بالنسبة لعمل المرأة وهو أكثر وضوحا ومشروعية إلا أن نسبة كبيرة لا تؤيده". ويؤكد أن "المجتمع الافتراضي في تويتر لا يعكس حقيقة المجتمع السعودي كواقع". ويضيف كاتب "هناك نحو أربعة ملايين شخص على فيسبوك، ومئات الآلاف على تويتر من السعوديين، هناك مجتمع افتراضي لذلك يحتاج الإنسان للشعور بالأمان الأمر ليس سهلا لكن يجب العمل قدر المستطاع". واضطر عدد من الوزراء لإصدار بيانات نفي لمعرفات وهمية تتحدث بأسمائهم على فيسبوك أو تويتر. كما استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي في المعركة الدائرة بين التيارين الإسلامي والليبرالي في المملكة وسط اتهامات متبادلة بين الجانبين. ويعلق عبدالوهاب أبو داهش وهو مستشار اقتصادي على صفحته بتويتر قائلا "أكثر نقاشاتنا حول المسائل الدينية والرياضية تبقى كالعادة بيزنطية تنتهي إلى لا شيء (...) فهل نحتاج النقاش حولها بهذه الحدة في مجتمعنا؟".