عبَّر وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر عن تفاؤله بمستقبل الاقتصاد السعودي، وقال إن كل المؤشرات تبعث على التفاؤل، مؤكداً اهتمام الخطط التنموية في المملكة بتنويع مصادر دخل البلاد باعتبار ذلك إحدى أولويات الحكومة السعودية. وأشار الجاسر خلال حديثه في مشاركته في ندوة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بمناسبة احتفالها بمرور خمسين عاماً على إنشائها، التي ترأسها الدكتور خالد السلطان مدير جامعة الملك فهد، وحضرها الدكتور نام سو رئيس المعهد الكوري للعلوم والتقنية وعبد اللطيف العثمان نائب الرئيس للهندسة وإدارة المشاريع في أرامكو السعودية والسيد ريتشارد سادك من شركة بوز أند كومبني، إلى ارتفاع نسبة الصادرات غير البترولية إلى الواردات من 22 % إلى 40 %، وارتفاع الجزء غير النفطي من حجم الاقتصاد السعودي إلى 72 %. وقال إن المملكة بالرغم من ذلك ما زالت حريصة على تنويع مصادرها وتقليل اعتمادها على النفط إلى أكثر حد ممكن، موضحاً أن التحول يحتاج إلى وقت. وقال إن زيادة الإنفاق على البحث العلمي أدت إلى حدوث قفزات نوعية في البحث رغم أنه لا يزال أقل من المعدل العالمي. مشيراً إلى أن الاتجاه التصاعدي اللافت أهم من حجم الإنفاق، ومبيناً أن استراتيجيات الحكومة في فتح جامعات تركز على البحث العلمي مثل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وزيادة ميزانية الأبحاث في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وبرامج جامعة الملك فهد للبترول والمعادن تبشر بتحقيق الكثير في هذا المجال. وبيّن أن وزارة التخطيط والاقتصاد تنسق مع مختلف الجهات الأخرى لتكون استراتجيات هذه الجهات منطلقة من خطط الدولة التنموية. مشيراً في الوقت ذاته إلى بدء العمل في إعداد الخطة العاشرة، وأن التنسيق مستمر بين الجهات الحكومية ووزارة الاقتصاد والتخطيط. وأكد الجاسر أن المملكة هي الدولة الأكبر في العالم من حيث نسبة طلاب التعليم العام الذين يدخلون إلى التعليم العالي، وهذا يحمّلنا الكثير؛ لأن الجامعات ستخرج الكثير من الكوادر إلى سوق العمل. ولفت إلى أن وجود نظام تعليم عال يؤدي إلى استثمار معرفي سيحول خريجي الجامعات إلى صانعي عمل بدلاً من باحثين عن العمل، كما أن التقنيات التي ستوفرها الجامعات ستخلق الكثير من فرص العمل. وأضاف بأن المعارف يجب أن تتحول إلى منتجات ذات أثر واضح على المواطن، وأن من أهم أسباب سقوط الاتحاد السوفييتي فشلهم في تحويل معارفهم إلى منتجات ذات فائدة مباشرة للمواطن تطور طريقة حياته. مؤكداً أيضاً أهمية الاستفادة من التجربة الكورية في الانتقال إلى اقتصاد معرفي؛ لأنها تجربة حديثة يمكن الاستفادة مباشرة من رموزها ومنظريها. وبيّن الجاسر أن المملكة تملك مزايا كثيرة لتعزيز اقتصادها، من أهمها التوزيع الديموغرافي؛ حيث إن المواطنين من الأعمار 15 إلى 64 يشكلون 60 % من نسبة عدد السكان، وهي الشريحة القادرة على خلق أنشطة تجارية مختلفة، كما أن المملكة تمتلك فوائض مالية وموارد طبيعية وظروفاً بيئية مناسبة. مضيفاً بأن المملكة تمتلك فرصة ذهبية للتحول إلى اقتصاد معرفي، وأن المجتمع السعودي لن يتخلى عن اعتماده على النفط بوصفه مصدر دخل رئيسياً، لكن يجب أن يكون هناك مصادر رديفة. وقال الجاسر إن جامعة الملك فهد تتربع على قمة التعليم في المملكة؛ لأنها صنعت لنفسها طابعاً خاصاً، وركزت على جودة خريجيها من خلال إيجاد بيئة تعلم مثالية تجمع فيها طلابها في مجتمع جامعي مثالي يحفز على التعلم. مشيراً إلى أن الجامعة زودت طلابها بمهارات حل المشاكل التي تُعتبر المفتاح لأي عملية تنموية. وأوضح بعد اطلاعه على الخطة الاستراتيجية لجامعة الملك فهد أن استراتيجيات الجامعات السعودية والجهات الحكومية تنطلق من الاستراتيجية العامة للدولة بصفتها المرجعية الرئيسية. وأضاف بأن استراتيجية الجامعة كانت منطلقة من الخطة التاسعة للدولة. وقال إن رؤية عمل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وخططها الاستراتيجية والعمل الكبير في وادي الظهران وبرامج الاستثمار المعرفي تبعث على التفاؤل بخلق فرص استثمارية وفرص عمل كثيرة تدفع الاقتصاد إلى الأمام. من جانبه ذكر خالد السلطان مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن التعليم العالي أصبح أكثر صعوبة وتطلباً لتنوع الأعمال ودخولها مجالات جديدة وظهور تحديات مختلفة. مؤكداً أن الجامعة تحضر طلابها للتعامل بمرونة مع المتغيرات العالمية ومواجهة التحديات. وقال إن المتغيرات والتحديات التي تطرأ في القطاع التعليمي ونوعية الطلاب الذين تستقطبهم الجامعة ورغبتهم في تعليم متميز يزيد من مسؤولية الجامعة؛ ولذلك فإن الخطة الاستراتيجية الثانية للجامعة جعلت أفقها العام 2020، وحددت مفاهيم توجهها، وهي الاستمرارية والالتزام والمشاركة وإمكانية التطبيق والشفافية. وأضاف السلطان بأن الخطة متوائمة مع خطة تطوير التعليم العالي (آفاق) والخطط التنموية للمملكة، وراعت تحولات التعليم العالي وحاجات المملكة المستقبلية. إلى ذلك قال رئيس شركة أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين خالد الفالح في محاضرته في اليوم الأول من الندوة إن أرامكو دعمت مسيرة الجامعة منذ ولادتها، ونعتبر الجامعة امتداداً جغرافياً لشركة أرامكو، وهي الينبوع العلمي الذي تعتمد عليه الشركة والقطاع الخاص. كما أكد رئيس شركة أرامكو السعودية أنه لا يوجد في العالم أجمع نموذج للتعاون العلمي والصناعي كالذي يوجد بين أرامكو وجامعة الملك فهد. مشيراً إلى أن الشركة والجامعة كانتا سباقتين إلى تحقيق التكامل العضوي بين القطاع الأكاديمي وقطاع الأعمال حتى أصبحت المؤسستان توأمين سياميين. وذكر أن شركة أرامكو كانت في الثلاثين من عمرها عندما ولدت الجامعة، وكانت الشركة في ذلك الوقت مجرد شركة أعمال حفر وتنقيب، بينما كانت الأعمال الهندسية بواسطة الشركات الأجنبية، كما كان السعوديون وقتها يمثلون فقط العمالة غير المدربة. وأضاف بأنه بعد تأسيس الجامعة ومرورها بمراحل عدة حتى وصلت للاحتفال بعامها الخمسين، وخلال هذه المدة أصبحت الجامعة شريكاً استراتيجياً، وقد ساهمت الجامعة خلال خمسة عقود ناجحة من الشراكة في تحول الشركة لتصبح أكبر شركة بترول في العالم، وكانت الجامعة رافداً رئيسياً لدعم برامج الشركة، وخصوصاً في مجال السعودة التي وصلت إلى 90 %. وأكد أن مستقبل المؤسستين مشترك، وعلاقتهما واضحة من خلال وجود أكثر من نصف مهندسي الشركة الذين يبلغون 5000 مهندس من خريجي الجامعة وأكثر من نصف قياداتها من خريجي الجامعة. معبراً عن اعتزازه كونه أحد خريجي الجامعة، ومضيفاً بأن خريج جامعة الملك فهد يحمل شهادة الجودة؛ لأن الجامعة لم تعتمد في تعليمهم على التعليم المنهجي، لكنها تراقب متطلبات الصناعة، ووفرت لهم بيئة خلاقة ومحفزة على التميز. وأوضح الفالح أن خريجي جامعة الملك فهد أثبتوا أنهم أفضل كوادر الشركة على الإطلاق، وأنهم تفوقوا في كثير من المهارات حتى على خريجي أفضل الجامعات العالمية التي تبعث الشركة لها طلابها. وقال: نبعث أكثر من 2000 طالب سنوياً لأفضل الجامعات في العالم، لكن دراساتنا أكدت أن خريجي جامعة الملك فهد هم الأفضل. وقال الفالح: رغم رضانا عما تحقق في الماضي، لكن ذلك لا يكفي لمواكبة تطلعات أولياء الأمر ومقابلة تحديات المستقبل. مشيراً إلى أن التوأمة تقتضي أن تكون استراتيجيات أرامكو المستقبلية من أهم محددات مستقبل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وقال إن برنامج التحول المتسارع الذي تنفذه شركة أرامكو للتحول إلى شركة طاقة متكاملة يتطلب من الجامعة مواكبة زيادة أعمال الشركة وحاجتها المتزايدة على التقنيات والعنصر البشري المدرب. وأكد أن الجامعة تتفهم جيداً هذه التحولات في شريكتها الأهم، وتقوم بمبادرات تدل على هذا التفهم، من أبرزها المجلس الاستشاري الذي تشارك فيه أرامكو. وأضاف بأن العلاقة بين الجامعة والشركة تديرها لجنة عليا من خلال خمسة محاور. مبيناً بأن المحور الأول هو التميز الأكاديمي، وقد نجحت في تخريج كوادر متميزة، واعتمدت نظاماً أكاديمياً صارماً، وضمن هذا المحور أعلن الفالح إنشاء كلية البترول وعلوم الأرض التي خطط لها؛ لتكون إحدى أفضل خمس كليات في العالم، وستجمع الكلية جميع العلوم الخاصة بعمليات النفط. وقال إن المحور الثاني هو محور الأبحاث والتطوير حيث تنفذ الجامعة أبحاثاً عالمية، وقد شكلت الأبحاث لصالح الشركة 60 % من أبحاث الجامعة، منها 2000 دراسة بيئية، وحصلت الأبحاث على جوائز وبراءات اختراع، كما تدعم الشركة مراكز التميز البحثي في الجامعة. وأضاف بأن المحور الثالث هو نقل التقنية، وتحقق ذلك من خلال وادي الظهران الذي نؤكد لكم أنه لا يوجد أي مكان في العالم يجتمع فيه هذا الكم من مراكز البحث والتطوير والشركات في صناعة النفط. وتابع الفالح بأن المحور الرابع هو برامج التحالفات الدولية الذي دخلت أرامكو والجامعة من خلاله في تحالفات مع أرقى الجامعات في العالم، وقد استخدمت الشركة علاقاتها الدولية لجذب الجامعات والشركات وتأسيس هذه التحالفات، بينما كان المحور الخامس المشاركة المجتمعية وبرامج خدمة المجتمع من خلال دعم أرامكو لسايتك وتنمية برامج العمل التطوعي.