أشاد خبراء دوليون في مكافحة التطرف والإرهاب بالتجربة السعودية الفريدة في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف إضافة إلى الدور السعودي الفاعل دولياً في هذا المجال من خلال توقيع اتفاقية تأسيس مركز مكافحة الإرهاب بين المملكة وهيئة الأممالمتحدة ودعوة خادم الحرمين لإنشاء مركز عالمي لحوار الأديان معتبرين خطوات القيادة السعودية في هذا الشأن على المستوى المحلي وعلى الصعيد الدولي خطوات تاريخية ناجحة وغير مسبوقة. واطلع المشاركون في المؤتمر الدولي في إشراك المجتمع الخاص بمكافحة التطرف وبناء المرونة الاجتماعية الذي افتتحه الرئيس السنغافوري واستضافته بلاده على مدى يومين واختتم أعماله أمس الأول بمشاركة المملكة ، اطلعوا على التجربة السعودية الناجحة في مواجهة الارهاب فكرياً والدور الذي قامت به الرياض عبر حزمة من البرامج المتنوعة للتصدي للفكر المنحرف وتجربة حملة السكينة السعودية في هذا الصدد لمجابهة التطرف والارهاب "الالكتروني". وأكد مدير حملة السكينة للحوار عبد المنعم المشوح في ورقته أمام المؤتمر أن توقيع المملكة لاتفاقية تأسيس مركز عالمي لمكافحة الارهاب سيعطي دفعة قوية لبرامج مكافحة الارهاب في العالم مشدداً على أن هذه الخطوة المهمة جاءت نتيجة وعي كامل من المملكة بأهمية التعاون العالمي لمواجهة التطرف حيث تدخل المملكة هذه الاتفاقية ولديها رصيد من التجربة الفكرية من خلال البرامج والمشاريع النوعية نفذتها خلال العشر سنوات الماضية والتي استطاعت من خلالها تحجيم التطرف ونفيه. وقال المشوح في كلمته ان العالم عانى من موجات تطرف وعنف كانت نتاج أفكار ترسّبت في محاضن فكرية متأزمة وجدت من مناطق الصراع بؤرا للانتشار وتصدير العنف وأفكار التطرف بلا مراعاة لأحكام الإسلام السمحة وبلا مبالاة بالشعائر الإسلامية المحترمة حتى أنهم اعتدوا على أماكن العبادة ( المساجد ، الكنائس ) وغيرها وأجرموا في حق الإنسانية وغدروا وخانوا العهود والمواثيق ونقضوا الأمانة وخالفوا منهج القرآن الكريم في التعامل مع المسلمين ومع غيرهم ، فالإسلام دين بناء لا هدم ودين حضارة لا دين فوضى. ونوه مدير"السكينة" في هذا السياق بالدور العالمي المؤثر الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين في تبني قيادة حوار الأديان والذي خفف بدوره كثيرا من العنصريات والتأزم الفكري بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 م ، مؤكداً أن المملكة استطاعت بتوفيق الله ثم بإصرار قياداتها على تجاوز" الأزمة" ولم يأت ذلك بطريقة سهلة لكنه جاء بتنفيذ مشاريع وبرامج نوعية فكرية على جميع المستويات مشيراً إلى إقامة مؤتمر عالمي في المدينةالمنورة لدراسة ظاهرة التكفير عبر متخصصين وباحثين من دول العالم موضحاً أن ذلك إعلان واضح لتبني السعودية منهج الاعتدال والوسطية ونبذ التكفير والتطرف ،كما أقامت الجامعات السعودية عدة مؤتمرات متخصصة لبحث ودراسة وتحليل الإرهاب وأسبابه وخصصت الجامعات دراسات أكاديمية لمعالجة الإرهاب ونتائجه وأسبابه كما تم إنشاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية والذي بدوره يقوم بمناقشة الأفكار المنحرفة وتحسين مستوى الإدراك لدى المقبوض عليهم ومعالجة الانحرافات الفكرية والنفسية لديهم حيث نجح في تأهيل أعداد كبيرة من المتعاطفين والمتعاطين مع الأفكار المنحرفة وساهم في مرحلة اندماجهم مع المجتمع والحياة العامة كما خصصت الجامعات كراسي للبحث متخصصة في موضوع الإرهاب وتعزيز الوسطية ومنهج الاعتدال وصدرت العديد من الفتاوى الرسمية التي تبين خطر الإرهاب ودعمه وتؤكد على ضرورة تجريم تمويل الإرهاب ونفذت بدورها وزارة الشؤون الإسلامية أكثر من 80 ندوة متخصصة في الأمن الفكري موجهة للأئمة والخطباء والدعاة. وحذرت الورقة السعودية في المؤتمر الدولي من انتقال التطرف إلى الإنترنت وقال المشوح إنه ومنذ العام ( 2000 م ) انتقلت ساحات تفريخ التطرف والتجنيد للعنف من أرض الواقع إلى عالم الإنترنت للوصول إلى أغلب طبقات المجتمعات في العالم منبهاً إلى أن الإنترنت أضحت الآن ساحة تدريب وتجنيد وتهييج وتوجيه مما ساهم كثيرا في انتشار أفكار التطرف والعنف بشكل متزايد يوميا حيث تبث آلاف الرسائل الصوتية والمرئية والمقروءة والنقاشات والحوارات العنيفة في المواقع مما جعل الانتماء لجماعات التطرف والعنف يتعدى حدود مناطق الصراع ويصل عبر الإنترنت إلى كل مستخدم الذي قد يتحوّل في وقت قصير إلى عضو في تلك الجماعات بتبني أفكارها الخبيثة وينفذ عملياتها الإجرامية ، وكان لا بد وسط هذا التيار الفكري الآثم من وجود مواجهة فكرية واعية عبر الإنترنت تقوم بالرد والحوار والمواجهة وتقوم بالتصحيح والتوجيه والإرشاد و من هذا المبدأ انطلقت ( حملة السكينة للحوار ) التي اتخذت من الإنترنت قاعدة للمواجهة بإشراك جميع فئات المجتمع في تحقيق هدف مواجهة التطرف والعنف وصناعة تيار تصحيحي يحدّ من انتشار الأفكار المنحرفة فتوعية المجتمع مطلب أساس لكن إشراكهم في برامج التصحيح يجعلهم أكثر فاعلية وأكثر حماية. وأضاف: تجربتنا أثبتت أن نشر ثقافة الوسطية والتسامح ممكنة مهما كان تيار التطرف والعنف قويا لأن البشرية تميل للاعتدال بفطرتها لكن لا بد من الإصرار والاستمرار وتوسيع دوائر المشاركة المجتمعية بجميع فئاتها وعلى اختلاف اهتماماتها وعندما نحصّن المجتمعات بالأفكار الصحيحة وننشر ثقافة التسامح والاعتدال ونعالج الأفكار المنحرفة تصبح لدى المجتمعات مناعة ذاتية تلفظ الأجسام الخبيثة، موضحاً أن الأفكار المنحرفة التي أنتجت خلايا التطرف والعنف نتاج ترسّب مجموعة مفاهيم متناثرة قديمة وحديثة ساهمت الأوضاع العالمية في تهيئة مناخ مناسب لتكريسها وفق منظومة فكرية جديدة. بدوره أشاد مدير مجلس مركز دراسات الارهاب في سنغافورة بالدور السعودي المميز في مجال مواجهة الارهاب مؤكداً أن حملة السكينة السعودية أداة هامة لمواجهة الافكار المنحرفة عبر الانترنت وقاعدة مهمة في تقديم الافكار البديلة والتفسير الصحيح للاسلام مما سيكون له اثر في تعطيل مسيرة المواقع المتطرفة. وكان رئيس المركز الدولي لبحوث العنف السياسي والارهاب بجامعة ننيانج التكونولوجية بسنغافورة قد وجه الدعوة لمدير حملة السكينة للمشاركة في هذا المؤتمر إلى جانب عدد من الدول التي لديها برامج لإشراك المجتمع في مكافحة التطرف والارهاب في دولهم.