أكد رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف أن المصارف العربية لم تتأثر بالأزمات الحاصلة حاليا في بعض الدول العربية، نافيا الكلام عن تأثر بعض دول الخليج العربية بأزمة الاقتصاد الأمريكي، مشددا على أنها في مأمن منها، متوقعا انتعاش السوق الأمريكية مع بداية العام 2012. ونفى نفيا قاطعا احتمال انتقال الأموال السورية إلى لبنان، ودعا المصارف العربية إلى توجيه استثماراتها إلى الدول العربية التي أثبتت في هذه المرحلة العصيبة قدرتها على الثبات وتحقيق الأرباح مقارنة بالبنوك الغربية. وفيما يلي وقائع الحوار: • في ظل الأزمات السياسية التي تعصف ببعض الدول العربية، هل لدى الاقتصاد العربي والمصارف العربية القدرة على التصدي لتداعيات هذه التحولات؟ نعم، البنوك العربية لديها القدرة على استيعاب أي أزمة مالية وذلك لعدة اعتبارات: خلال النصف الأول من العام 2011 كانت أرباح البنوك العربية وميزانيتها جيدة وانخفضت الديون المشكوك فيها وبلغت نسبة النمو 3.5 أو 4 في المائة. وقد أجرينا أخيرا دراسة حول بازل 3، وإذا كان باستطاعة البنوك العربية تطبيقه، وقد أثبتت النتائج، أن أغلب البنوك العربية قادرة على التقييد ببازل 3 دون أية مشاكل بخلاف البنوك الأوروبية أو الأمريكية التي تواجه ارتفاعا في نسبة الديون المتعثرة وفي موضوع ملاءة رأس المال، وكذلك مسألة ضبط الأسواق. ومن الأسباب أيضا أن كثيرا من البنوك العربية لم تدخل في المضاربات التي كانت قائمة في الأسواق العالمية. لذلك أظن أن البنوك العربية، سواء كانت تقليدية أو إسلامية، فإنها لن تتأثر بشكل كبير في الأحداث. • يتنبأ بعض المحللين بإمكانية تعرض بعض دول الخليج لتداعيات أزمة الاقتصاد الأمريكي الأخيرة، ما رأيكم في ذلك؟ في دول الخليج هناك صناديق سيادية وهناك بنوك تقليدية وبنوك إسلامية. والواقع أن البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية لا يمكن أن تتأثر بالأزمة التي تحدث في أمريكا للأسباب السابقة. أما بالنسبة إلى الصناديق الاستثمارية فهي موجودة في أمريكا، لكن النظرة إليها تختلف عن النظرة التجارية لأن نتائجها بعيدة المدى لعشر وعشرين سنة، والاقتصاد الأمريكي وإن كان يمر الآن في ظروف صعبة، فإنه يعتبر الاقتصاد الأول في العالم. • وماذا عن النشاط الاستثماري لعدد من المصارف الخليجية بسندات الخزينة الأمريكية؟ الحقيقة أن واحدة من شركات التصنيف خفضت تصنيف الولاياتالمتحدة ليس من الناحية الاقتصادية، لكن من ناحية أن حل الأزمة لم يكن مرضيا لها، وهي شركة ستاندرد اند بورز، أما الشركتان الأخريين فلم تخفضا التصنيف، ومعنى ذلك أننا بالغنا في التخوف من الموضوع، لكن ذلك لا يدعو إلى التغاضي عن الأمر، بل يجب أن نضع في الاعتبار أنه مهما بلغت قوة اقتصاد ما فهناك احتمال لانخفاض هذا السوق، لكن توقعاتي أنه في العام 2012 سينتعش السوق الأمريكية. • يتردد في وسائل الإعلام معلومات عن إقدام بعض رجال الأعمال والمستثمرين السوريين على نقل أموالهم من سورية إلى لبنان وغير لبنان، ما صحة هذه المعلومات؟ في الواقع أنا سمعت كلاما عن هذا الأمر، لكن ما يثير الدهشة أن المبالغ التي ذكرت خيالية، فقد ذكر مبلغ 20 مليار دولار. وهذا يدعونا إلى التفكير عن كيفية إخراج هذه الأموال من سورية والتقنية التي خرجت بها من البنوك السورية إلى البنوك اللبنانية دون أن ينخفض حجم الودائع في الأولى ليرتفع في الثانية. إذ أن نسب الودائع في كلا البلدين ما زالت نفسها منذ اندلاع الأحداث حتى اليوم. وهذه المبالغ الطائلة من أين أتت؟ من البنوك التجارية السورية مستحيل، والبنك المركزي يمنع نقل هذه الأموال. وهنا يأتي السؤال هل القطاع الخاص يملك 20 مليار دولار؟ وإن كان يملكه فعلا فأين يودعه؟ لذا أرى أن هذه المعلومات عارية عن الصحة. ولكن لا نغفل وجود ارتباط قوي بين رجال الأعمال السوريين والبنوك اللبنانية، فخلال الأربعين سنة الماضية ازدهر عمل التجار السوريين مع البنوك اللبنانية بسبب سهولة التعامل معها من جهة، وعدم قدرة البنوك السورية، في تلك الأثناء، على استيعاب هذه الأعمال بسبب النظام الاشتراكي الذي كان قائما آنذاك من جهة ثانية. • ما هي سياسة اتحاد المصارف العربية تجاه الأزمات الحاصلة في العالم العربي؟ الاتحاد يدعو دائما البنوك العربية إلى أن تكون حذرة من ناحية التمويل ومن ناحية السيولة، وكذلك ينبه إلى خطورة التوسع خارج مناطقهم. لذلك أقول إنه على البنوك العربية أن توجه جزءا كبيرا من استثماراتها للدول العربية، لأن هذه الدول، وإن مرت ببعض المشاكل، فإنها حتى الآن ومقارنة بكثير من الدول الغربية التي كنا نعتقد دوما أنها لن تنهار، الأفضل سواء من ناحية الربح والمردود ومن ناحية الأمان أيضا.