أوضح نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار لقطاع الآثار الدكتور علي الغبان ، أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجه بعرض الآثار المكتشفة أخيرا في «المقر» (بين محافظتي تثليث ووادي الدواسر) للعالم، مشيرا إلى أنه سيتم عرضها في المتحف الوطني كمرحلة أولى ليتسنى للمواطنين زيارتها ومن ثم ستنتقل بعد ستة أشهر إلى المتحف البريطاني في معرض خاص بالفروسية بالتنسيق مع مركز الخيل العربي، وبإشراف من وزير التربية والتعليم صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله، كما أنها ستكون جزءا من معرض المملكة المتجول في الولاياتالمتحدةالأمريكية كمرحلة ثالثة. ويعتبر «المقر» منجما للمعلومات، وأوضح الغبان أن البحث الدقيق سيستمر في الفترة المقبلة «لإيماننا أن هناك مجموعة كبيرة من الآثار التي حتما ستغير وتضيف من تاريخ الحضارة في الجزيرة العربية». وأوضح الغبان إلى أن تماثيل الخيل التي تم العثور عليها نادرة من حيث الحجم ومهارة الحفر، مؤكدا أنه لم يتم العثور على مثيلاتها في العالم كله، مما يبين أن هذا الموقع سيكون ملهاما للباحثين عن حضارة الجزيرة العربية وعلاقة الإنسان بالحيوان في الفترات الماضية، وأن جميع الآثار المكتشفة يعود تاريخها إلى تسعة آلاف سنة قبل الوقت الحاضر. كما كشف الدكتور الغبان على ملاحظة الباحثين بإتقان فنون النسيج والصناعات الجليدية والزخارف الهندسية، مما يظهر رموز الثقافة العربية الأصيلة، واهتمام سكان المنطقة بالفروسية والصقارة عن طريق تماثيل الصقور التي بدت غاية في الجمال. وعن موقع الآثار المكتشفة، لفت الغبان إلى أنه «يبعد عن مركز القيرة الذي يتبع محافظة تثليث قرابة 40 كيلومترا، وتتميز المنطقة التي يقع فيها بتضاريس خاصة، حيث تمثل نقطة التقاء هضبة نجد بأطراف المرتفعات الشرقية، ولذلك تنتشر فيها تكوينات جبلية قليلة الارتفاع تتخللها الأودية، ويخترق الموقع واد كان في الأصل نهرا جاريا ينحدر باتجاه الغرب مشكلا شلالا كبيرا يصب في الأراضي المنخفضة الواقعة إلى الغرب منه، ويوجد الموقع على ضفتي هذا النهر». وأوضح الغبان أنه توجد على الصخور المجاورة للموقع رسوم صخرية من فترة سكنى الموقع، رسمت فيها صور وعول ونعام وحيوانات أخرى، وأشكال آدمية، كما تعرض إحداها صورة فارس على صهوة جواد، وأخرى لصيد الوعول بالكلاب السلوقية، حيث تحيط خمسة من الكلاب بوعل في شكل دائرة، وهذه الرسوم الصخرية اكتسبت طبقة عتق داكنة جدا وقريبة من اللون الأسود لتقدم تاريخها، مما يؤكد أنها نفذت خلال فترة استخدام الموقع، كما وجدت رسوم صخرية أخرى لخيول وأشكال آدمية على ألواح حجرية بين أنقاض المبنى الرئيس الذي يتوسط الموقع. وأبان أن المواد الأثرية التي جمعت من سطح الموقع يزيد عددها على ال80 قطعة، وهي تشير إلى حضارة إنسانية متقدمة جدا من فترة العصر الحجري الحديث شهدتها هذه المنطقة قبل تسعة آلاف سنة، وأن هذه الحضارة تعد ثورة حقيقة في معرفة الإنسان ومدنيته وتطور مهاراته الحرفية. يذكر أن الموقع الأثري الذي اكتشف حوى آثارا لحيونات عديدة استئنسها الإنسان الذي عاش في هذا الموقع من أهمها الخيل والنعام والصقور وكلاب الصيد وغيرها التي تدل على أن فترة العصر الحجري الحديث، هي الفترة الأخيرة التي عاش فيها الإنسان في هذا المكان قبل تسعة آلاف سنة قبل الوقت الحاضر، وإليها يعود تاريخ الأدوات الحجرية التي تم التقاطها من سطح الموقع. حيث أن الإنسان عاش في هذا المكان قبل التصحر الأخير، أو خلال فترة التحولات المناخية التي انتهت بانتشار التصحر في المنطقة.