في يوم الأربعاء الموافق للسابع عشر من شهر شوال لهذا العام 1435 وبعد أن أسدل الليل ستاره ودعنا حبيب له في القلب مكانة كبيرة لا يضاهيها إلا ماكان للوالدين من محبة فطرنا الله عليها وشربناها من حليب الأم وعطف الأب ففي مدينة بيشة بعد زيارة خاطفة كان العم /مفلح بن ابراهيم بن عرهب المسردي في موعد مع قدر الله حيث فاضت روحه الطاهرة وهو يهم بأداء صلاة المغرب في مشهد يترجمه القائل فما تحرك فارتاعت ضمائرهم وقام كلهم يرنوه بالبصر فإذ به فارق الدنيا لخالقه في هدأة لم يرع أحد ولم يضر توفي رحمه الله بعيدا عن مسقط رأسه في مكان ساقته الأقدار إليه ، فما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت وكانت وفاته في هدوء مثلما كانت حياته هادئة وطيبة ولعلها بشرى خير لهذا الرجل الطيب الذي أحبه القاصي والداني ، والصغير والكبير لسماحة نفسه ،وسمو أخلاق ،وحسن معشره ، وكريم خصاله ، وحبه للخير ودعوته اليه طيلة حياته التي امتدت إلى ماينيف على ثمانين عاما قضاها في طاعة الله والدعوة الى التمسك بحبله المتين ، وسنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فمذ توسعت مداركي وعرفت الدنيا والعم مفلح يدعوا لله في محيطه القريب وبحدود علمه ،ويذكر الناس دبر الصلوات ، وفي المجالس العامة والخاصة بأسلوب يأسر القلوب رغم تكراره و بساطته ، اضافة الى حرصه على حضور مجالس الذكر اتباعا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ،، قالوا وما رياض الجنة ؟! قال : حلق الذكر ) فكان رحمه الله يقطع المسافات الطوال متجشما عناء البعد لحضور تلك المجالس في الحواضر الموالية لمقر اقامته في الصحراء ، وظل هذا ديدنه حتى هجر حياة الترحال في البادية ونزل في بلدة روضة جاش بتثليث قبل سنوات ملقيا عصى تسياره وعاكفا على كتاب الله يتلوه آناء الليل وأطراف النهار ، زاهدا في زخرف الدنيا التي طالما حذر من الاغترار بها أو الركون اليها ، فكم سمعته يردد (الموت يأتي بغتة ،والقبر صندوق العمل) أو قوله (اتقوا نارا حرها شديد وقعرها بعيد لايخمد جمرها ولا يبيد) الى ما الى ذلك من الرقائق التي رسخت في أذهاننا ولمسنا تأثيرها فيما بعد . أما زهده في الدنيا فعجيب وأيم الله!! فقد سمعته يقول ذات مرة أنه لايملك رصيد في البنك مثل غيره من الناس قل أو كثر ، وكل مايملكه هو مايحتويه الجيب الأمامي من الثوب ، وماظنكم بما سيحتويه ذلك المكان الصغير من المال... مع أنه يبيع ويشتري ،ويتقاضى راتبا تقاعديا من الدولة ، اضافة الى ما يأتيه من أبنائه البررة من معونات مستمرة الا أنه زهد في كل ذلك ، مفضلا عيش الكفاف بعد أن كبر سنه وتذكر الآخرة وعرف مصير الحياة فكان دليلا على حسن حظه من الاسلام وخاتمته الخيرة حين لاقى يومه المحتوم و ماتختزنه الذاكرة من مواقف طيبة للراحل يصعب حصرها هنا ، وما عساني أن أقول عن رجل عرف ببره واحسانه بأقاربه وجيرانه ،هل أذكر كرمه وبذله ، أم أذكر صراحته ووضوحه في قول الحق والجهر به سواء في دعوته أو في شأنه كله كأحد الرجال المؤثرين في محيط أسرته وقبيلته ليعذرني القارئ فمساحة الحزن في صدري كبيرة ولوعة الفراق أكبر لذا سأغمد قلمي مكتفيا بما قلته داعيا الله أن يتولى الفقيد بعطفه واحسانه وكرمه يارب نور عليه اللحد يا أملي ووقه رب دود الأرض والحفر وأرسلن سحابات تظلله واجعل مساكنه في عالي السرر مسعود بن فهد المسردي