قبل أيام رحل الجنرال الفيتنامي جياب بعد أن عاش لمدة (102) عام. هذا المفكر هو بطل معركة وادي (ديين بيين فو) التي دحر فيها الغزاة الفرنسيين عام 1954م وكان ذلك بعد ان أنزل الفرنسيون 12 الف مظليا بهدف قصم ظهر القوات الفيتنامية بقيادة جياب وقتله او أسره وهزيمة قواته نهائياً لكنه عكس المعادلة فحاصرهم من أعلى المرتفعات واسر الألاف واستسلم الآخرون منهم وهزمهم بإرادة المواطن المخلص لوطنه. هذا القائد كرس حياته للنضال من أجل حرية بلادة ضد اليابانيين والفرنسيين والامريكان ، ومع ذلك فهو لم يحصل على اي تعليم عسكري رسمي ! ولكنه تمكن من ان يصبح مفكرا استراتيجيا لامعا حقق انتصارات كبيرة ضد قوى دولية استعمارية تفوق في العدد والعتاد وبشكل كبير القوات الفيتنامية البسيطة التي يقودها هذا الجنرال... نشأ جياب يتيماً مات والده مسجوناً وهو في الثامنة من عمره ،والتحق بالعمل المنظم ضد الاستعمار وهو في الرابعة عشرة !.. هذا المفكر والقائد العسكري فارق الحياة على الفراش بعد هذا العمر الذي قضاه بشرف ووطنية بعد أن قاتل بشراسة وعناد ووطنية منقطعة النضير في هذا العصر على الرغم من عدم التكافؤ على الاطلاق في ميزان القوى مع اعداءه حتى على مستوى إعاشة الجنود ولباسهم وتوفير الأحذية للمقاتلين ومع ذلك انتصر وهزمهم شر الهزائم وكان آخرهم الامريكان اللذين هزمهم ومرغ أنوفهم في التراب مما اضطر الشعب الامريكي الخروج الى الشوارع مطالباً بإيقاف الحرب والانسحاب وهو ماحصل بالفعل في عهد الرئيس نيكسون ولا يزال ذلك وصمة عار في تاريخ اميركا ... فسبحان الله الملك الذي يمد بعونه وقوته من يشاء من خلقه لقهر الاقوياء وكسر الجبابرة في الأرض.... الجنرال جياب رجل فيتنامي بسيط وإبن لفلاح فقير ولم يتخرج من كليات عسكرية وليس لديه سلاح نووي ولا ثروات ولا أنظمة إتصالات فضائية ومع ذلك لايخلوا معهدا أو كلية عسكرية في الدنيا الا ويذكر فيها اسم جياب وبطولاته وصبره ونضاله من أجل امته وبلاده .... نشأ القائد جياب وترعرع وناضل في القرن الماضي ومات قبل أيام قليلة فهل كان يعلم انه سيموت في هذا الزمن المختلف عن أيام نضاله ؟؟ كلا ... ومع أن النهاية محسومة لكل حي خلقه الله فإن العبرة في من يمتلك روح الإصرار وقوة العزيمة ووضوح المطالب وعدالتها لتحقيق الاهداف الكبرى... لوكان جياب متعجرفا على اصحابه وجنوده لفشل في أن يحقق هذه الانتصارات...ولو كان مجرد قائد شكلي همه مصلحته الشخصية ويقول مالا يفعل لما وجد جنوده يحيطون به من كل جانب وهو يقاتل بلا هوادة ... لقد قاتل هذا القائد في القرن الماضي ثم عاش ظروف زماننا ورحل أخيراً وهو في ارذل العمر او قريب منه وكأنه لم يكن يوماً محرر هانوي عاصمة بلاده فيتنام من الغزاة ... ديننا عالمي لكل البشر ولا يغمط احد حقه .. وليت في الشام جياب عربي يتصدى للغزاة فيطرد جيش ايران واتباعهم ... أما سيف الله وابو عبيده فكيف لنا بمثلهم. عبدالله العابسي