من منطلق الصدق والثقة والاستغراب معا أعترف هنا بأنني لأول مرة أشعر بإحساسين مختلفين أو متناقضين أو متنافرين أو متضادين ينتابانني في آن واحد وذلك بسبب رد الأستاذ أحمد الحوت عليّ حول البادية والبداية .. (و أستميحه العذر في سجع العنوان و جلافته فأنا بدوي ) .. أما الإحساسين فهما : الأول : هو أن الأستاذ أحمد الحوت شرفنا هنا بحروفه الجميلة مرة ثانية وهو مكسب لنا جميعا لأنني أعشق الحروف الجميلة وهنا شعور السعادة .. الثاني : هو أنه كرر ما سبق و إن قاله في مقاله السابق وهنا شعور الخيبة لعدم الجديد في النص .. لقد أصبحت جمجمتي على صغرها ساحة صراع حسي علني تارة وخفي تارة أخرى ومسرحا لمعركة حامية الوطيس بين الشعورين مما أثر سلبا على مناخها التفكيري وحتى تضاريسها الفكرية فما رجحت كفة على أخرى حتى الساعة . وإذن ، وعلى ضوء هذا أعتقد أن رؤيتي و أسئلتي السابقة لما تزال قائمة بدون إجابة من الأستاذ احمد ولكنني هنا سأتجاوزها لأفصل في القول وأقول جديدا .. نعم .. من الواضح أن لكلانا رأي ورؤيا ينطلق منها ومن الواضح أيضا أننا قد لا نلتقي فكريا حول نقطة البدو والبادية ذات يوم .. فكلانا متوازيان في الرأي والاتجاه وبالتالي فلا التقاء بيننا إلا إذا ....؟. إنني حينما علقت على ما كتبه الأستاذ الحوت من قبل كان منطلقي مصافحته والاحتفاء به بلغة الحروف الصادقة ومازلت ؛ لأنه قلم رفيع القيمة والمقام ولأن رصيده العلمي الديني والثقافي يسعدنا و يزيد من قراء هذه الصحيفة وأنا منهم إذا أطلّ علينا هنا كاتبا .. وأيضا يميزنا بأسلوبه الكتابي عن الكتابات والتعليقات التي لا تختلف عن التعابير الطفولية والمدرسية الساذجة وتنغص علينا فهمنا وهم جملة من المتكيتبين والرادين هنا بسطحية ويأخذون من رصيدنا الثقافي و لا يزيدونه تماما كما يفعل الهكرز مع الحسابات البنكية .. وأنا حينما أكتب لا انقل , أنا أعطي رأيا ورؤيا وهو ما يثير أصحاب تلك الكتابات التقليدية التي تعتمد على النقل وليس العقل .. فالإنسان بدون عقل يعقل يكون مجرد جسم ينقل .. وهذا حالهم ,لأنهم مثل الوافدين الذين يلتهمون الموائد في المجالس وبعد الأكل يذمونها و أهلها , فلا هم قدموا موائد بديلة و لا هم تركوا الأكل والذم .. وبوجه آخر هم لؤماء على موائد الكرماء.. أخي أحمد .. أنا فيما رددت به عليك كنت أتحدث عن إنسانية الإنسان المجردة أو روح الإنسان النقية .. وأنت تتحدث عن مادية الإنسان أو إنسان عصر الماديات . وما اعترضت عليك فيه هوانك غمزت ولمزت إنسان هذه الأرض فكلنا بدو وسوف نظل كذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها حتى وإن "تفرنجنا" لغة وسلوكا وحلقنا اللحى والشوارب وصعدنا السماء ومخرنا عباب البحر و فكينا شفرة التقنية ذلك أننا بدو و من خير أمة أخرجت للناس , وهذه الأمة سنامها أهل العلم الشرعي وفقارها حماة الدين والوطن البدو ( وإن كان قد خرج فينا جنس ثالث لا هم بالحضر أهل العلم والفهم ولا هم بالبدو أهل الشجاعة والكرم .. و أنا اسميهم تندّرا ..حضبد ) كما وان الجانب الآخر الإنساني النقي موجود في البد و وهذا هو الأهم .. وأنا حينما شاكستك ما شاكستك في الدين وإنما في الإنسان والكتابة لغة وفكرا وتفكيرا .. ولهذا لم ولن استشهد بالآيات القرآنية لأنني خارج نطا ق الدين كنت ومازلت أتحدث .. أنا تحدثت إليك فكرا ولغة وإنسانا و ما جادلتك في الدين .. وبناء عليه يحق لي هنا الآن كونك قد استخدمت الآيات القرآنية أن أسألك ماذا تسمي أصحاب الآيات الشيطانية و التغريدات الشركية و الكينونات الكهنوتية والردة الدينية والارتدادات العقدية قولا وكتابة فكرا وسلوكا قديما وحديثا وهم من أهل المدن والمدنية دع عنك إنسان المدن والماديات الغربي أو الآخر فهذا الحديث عنه لا يعنينا هنا في شي لأنه خارج إطار القيمة البدوية الإسلامية الإنسانية التي أتحدث عنها و أيضا دع عنا .. الحضبد .. فهم حالة مشابهة لحالة الغراب الذي حاول تقليد مشيت الحمامة . على أية حال في النهاية أعدك إن أنت أجريت لنا شهريا هنا في طريب عطاء فكريا غير منقوص على شكل مقال أعدك أن لا أشاكسك مرة أخرى هذا وعدي فعدني أنت .. **************************** ذات وذائقة هاتفني عزيز ذات مساء و دار بيننا حديثا صافيا صادقا فكانت هذه الحروف له مني. صديقي الصدوق .. شكرا على الإطراء الذي يؤكد أن ذاتك إنسانية فائقة الروعة والفهم .. لقد احتفيت بلغتي المتواضعة ورفعت منزلتها .. إن هذا يؤكد أن فهمك أكبر من حروفي والكبير في عقله وفهمه دائما يحترم من يقترب منه .. وأنت كذلك .. هذه الذات الإنسانية المحترمة لديك قد تدفعني للتواري خجلا .. صديقي الصدوق .. إن ذائقتك الثقافية العظيمة تدفعني للتفكير مليا بعقل أكبر في بوحي المكتوب وحروفي القادمة بالرغم من صدقي فيما خطيت منذ البدء وحتى الآن .. لكنني أمام ذائقتك الفنية سوف أتردد في قادم الأيام عن بعثرت الحروف لأنك أكثر فهما مني في التشخيص للمعاني الكتابية النبيلة مما يجعلني أرفع لك السبابة استئذانا لتنقيط الحروف فإن أذنت لي استمريت وأن رفضتني توقفت واكتفيت وما استعليت .. صديقي الصدوق .. أعرف أن الإنسان حالة أو جسما مكونا من روح وجسد وعقل ، فإذا كان هذا الإنسان كذلك فإنه يكون مجموعة أحاسيس ومشاعر إنسانية فياضة بالنبل والخلق والعطاء والقيم الدينية و الإنسانية ، وهنا يكون الإنسان العظيم إما إذا كان خاليا من كل هذا فإنه يكون جسما هلاميا عديم الفائدة و مجرد كومة لحم وعظم مملوءة بالغباء وبالبغضاء وبالسوء والحقد والكراهية والروح العداونية الشريرة ضد الناس وضد المخلوقات الأخرى بل إنه يبلغ مرحلة الدمار الذاتي مع نفسه لأنه ليس لديه أي قيمة أو أحاسيس أو مشاعر إنسانية تحركه وتتحكم فيه ,هو مجرد كتلة عدوانية مجردة من القيمة مثل أي صخرة تسقط من قمة جبل فتدمر كل ما حولها و أمامها و حتى نفسها .. ومضة: إذا لم تستطع اقتناء الكتاب فأقرأه على الأقل . محمد بن علي آل كدم القحطاني