هل فعلاً ... المشاعر لا تموت ... ولا تشيخ ؟!! (1) كنا في مجلس شتوي مبكر ... ولذعري الشديد من شخصية الاستاذية التي ابتلينا بها ... فتجد احدنا محللا اقتصاديا ... ثم محللا سياسيا لا يشق له غبار ... ثم خبيرا في الاغنام ... ثم خرِّيتا في معرفة الطرق والديار ... ثم جوكرا في معرفة اجهزة الايفون والجالكسي ... ويا قلب لا تحزن ... فعزمت ليلتها اختيار مواضيع تثار وتناقش ... للفائدة ... وللبناء ... (2) أشعلت فتيل موضوعي ... وهو أنه في السنوات الثلاث الماضية كانت نسبة الطلاق بلغت قرابة 20% سنويا ... وهي ظاهرة خطيرة يترتب عليها مآسي وآلام لا تخفى ... ومن حسن الحظ التقط المايك أحد الحضور ممن له عقل وعلم ... فقال : صحيح ... والملاحظ ان 70% من حالات الطلاق تقع في سنة الزواج الأولى !! ثم تشجع آخر وذكر حادثة مؤلمة لشاب وفتاة تزوجا ... وكانا على درجة من الخلق والفهم ... لكن المفاجأة طلاقهما في أقل من 3 أشهر ... ثم نبشت جانبا مظلما في الموضوع ... وقلت لهم : هل تعلمون بدراسة أجريت الأيام الماضية حول ظاهرة المطلقات في المجتمع ؟!! وماذا تعنيه تلك الفئة وما ستعانيه ؟!! وحاجتها الى الرعاية والعطف والحنان ... ونظرة المجتمع العنيفة للمطقلة ... وحاجتهن الى مرتبات شهرية من بيت المال لسد حاجتهن وحمايتهن !! وإلا أصبحنا أمام كارثة لا يعلم حجمها الا الله ... شعر الجميع أننا أمام مشكلة مؤلمة ... وبدون أسباب مقنعة ولا معروفة ... فسادت الحيرة في المجلس ... وسلمنا من أستاذية تحلل هنا وهناك ... بلا خطام ولا زمام ... (3) لم أكذّب خبر ... والتقطت المايك ... وذكرت قصة لقريب لي تزوج قبل سنوات قريبة ... وقبل زواجه بشهر طلبت منه دخول دورة للمتزوجين حديثا ... ولحسن الحظ وافق ... وقد كنت جهزت العقال لأرميه امامه ليوافق ... ولكن الله سلم ... وبعد الزواج بستة أشهر ... قابلني وقد نسيت الموضوع ... وقال لي : والله العظيم لو دخلت بيت زواجي بدون تلك الدورة لحدث لي كوارث بالكوم ... ويمكن كان حالي غير ... قلت له : كيف ؟ وذكر لي ما وجد في الدورة من ارشادات واضاءات خدمته كثيرا ... لقد اصبحنا في تيه ... الى درجة ان الرجل يريد المرأة مثله !! والمرأة تريد الرجل مثلها ... مع أن التباين بين الرجل والمرأة كبيرا جدا ... الى درجة أن كاتبا امريكيا ألّف كتابا سماه " الرجال من المريخ والنساء من الزهرة " ... ثم ذكرت منهجا ونبراسا شرعيا ... يتمثل في حديث عظيم للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : " لا يفرك مؤمن مؤمنة ، ان كره منها خلقا رضي منها اخر " ( يفرك يعني يبغض ويفارق ) ... فهذه رسمة نبوية بحال الدنيا عموما ... التي النقص والعوز من صميم خصائصها وصفاتها ... والمرأة والرجل من هذه الدنيا ... ففي كل منهما ما يجمّل ... وفي كل منهما ما يعيّب ... فالهُوينا الهُوينا ... ثم أشرتُ الى جوهرة نفيسة غائبة عن الكثير ... يفهمها من يفهمها ، ويجهلها من يجهلها ... وهي أن الايمان والديانة تتناسب مع قضايانا تناسبا طرديا ... ومنها هذه القضية ... فمن يتق الله يجعل له مخرجا ... ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا ... والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ... (4) وهنا ... يخرج لنا خمسينيا من الحاضرين متأسفا ... أين هذا الكلام ما سمعناه من زمان ؟! فقد فاتنا الكثير ... وقد مررنا بالكثير من التجارب التي كثرت فيها الفئران مرة لنا ومرة علينا ... الا انها من رحمة الله لم تبلغ درجة الطلاق والفراق وخراب البيوت ... والآن صرنا مخلوقات جامدة اشبه بحيطان منزلنا ... لكن العوض على الله !!! فما تمالك ريحانة مجلسنا نفسه ... فقال له مبينا ومشفقا عليه من الذبول : لا يا أخي الكريم ... بقي الكثير والكثير ... ان المشاعر لا تموت ... ولا حتى تشيخ ... نعم ذهب زمن الحماس والعاطفة والمصالح ... لكن بقي زمن الوفاء والصفاء ... الا ترى أنك في السابق اذا غضبت أو أغضبت تحتاج الى وقت وجهد حتى تعود المياه الى مجاريها ... اما الان فلا يمر لحظات الا وقد زال كل عتب واشكال ... وحلت بسمة الرضا ؟!! فاعترف خمسينيّنا مباشرة ، أنه الان يعيش بارتياح وسرور ... أعلى مما كان يجد في سابق زمنه ... وكيف انه كان يسافر لاعماله الاسبوعين والشهر ثم يعود بعدها ... وكيف هو الان يسافر لاعماله الاسبوعين والشهر ... لكنه سرعان ما يقطعها قبل تمامها شوقا الى اهله وولده ... ( وطالبكم لا احد يطب علينا بمثال او مثالين فينسف بها هذه القاعدة الغالبة ) ...