الإسراف هدرٌ لمواردنا وتفكيك لمجتمعنا لا يكاد يخلو مجلس من مجالس المجتمع في المملكة من الحديث عن الإسراف ومضاره في قناعة تامة من الجميع بأنه سلوك غير حضاري وإنه يتنافى مع ديننا وقيمنا. مضى الصيف بمناسباته وولائمه وإسرافه وهنا تثار عدة أسئلة وهي كم من أموال أهدرت؟ ولمصلحة من يتم ذلك؟ من هم المتضررين ؟ ومن هو المسؤول عن الحل ؟ وأين يتجه مجتمعنا بهذا السلوك؟ حادثة بسيطة يرويها احد الأشخاص بان سعوديا عزم آخر في احد المطاعم الأوربية وعند الانتهاء من تناول وجبتهم توجها لسداد الفاتورة وإذا بعجوز من نفس البلد تصرخ فيهما بقوة فتساءلا من صاحب المطعم عن سبب صراخ هذه العجوز في وجهيهما فأجابهما بأنها غاضبة من كميات الأكل المتبقية بعدكما فهما لم يأكلان إلا الربع فقط فقالا إن هذا تدخل في حريتهم الشخصية فقامت فوراً بالاتصال على البوليس المعني بمثل هذه الحالات وحضر البوليس وأطلعوا على كامل الموضوع فغرماهما بغرامة مالية فاندهشا لماذا فرضت عليهما هذه الغرامة وهذه تعتبر حرية شخصية فكان الجواب بأن هذا التصرف تجاوز الحرية الشخصية وأصبح إهدار لموارد البلد الذين يعيشون به فأين يذهب بقية هذا الأكل حتماً سيرمى في سلة المهملات ......... أين نحن من تعاليم ديننا الحنيف وقرآننا الكريم الذي قال فيه جل وعلى (كلوا وأشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين) وقال عز وجل (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) وتمثّل الاعتدال في شخصية سيد الخلق صلى الله عليه وسلم عندما قال (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أ كلنا لا نشبع) وقوله عليه الصلاة و السلام (لا تسرف ولو كنت على نهر جار). فسلوك الإسراف لا يقره دين ولا عرف وكلنا جميعاً نمقته ولكن التخلص من هذه العادة يتطلب منا جميعا التكاتف لإيجاد الحل وتطبيقه بشكل صارم .... هناك فرق بين الإسراف والكرم فالإسراف يعد من ظواهر التخلف الحضاري ونجد أنفسنا كل جيل يتأثر من الجيل الذي قبله أن غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار ما هي إلا رسائل تنذر لمستقبل سيئ إذا استمر المجتمع في هذا السلوك أن الحل ببساطه هو تبني استراتيجيه من قبل الدولة تحارب الإسراف وتدعوا إلى الاقتصاد والاعتدال يطبقها المجتمع بكافة شرائحه بأن يكون هناك تقنين لعمل الولائم سواءً الزواجات أو المناسبات الأخرى وعمل غرامات على كل من يثبت هدره لمواردنا الاقتصادية فأنت أيها المسرف حينما تذبح أربعين رأساً من الغنم وعشرة رؤوس من الإبل فأنت بذلك رفعت أسعار كل مكونات هذه المناسبة سواء من لحوم أو أرز أو مواد أخرى مستخدمة في هذه المناسبة فلم يعد الأمر كرم بل تعداه إلى أن أصبح جريمة في حق المجتمع كاملا الضعيف قبل القوي والفقير قبل الغني جريمة يجب أن يحاسب عليها وأعود إلى الإستراتيجية التي يجب أن تتبناها الدولة بمساعدة مشايخ واعيان المجتمع فيجب أن يكون المشايخ والأعيان هم القدوة في تطبيق هذه الإستراتيجية التي تدعو إلى الاعتدال وعدم الإسراف بأن يتمثلوا ذلك في مناسباتهم الخاصة والعامة ويحث الجميع على الاعتدال والإبلاغ عن أي تجاوز سواءً في عدد الحضور أو كمية الوليمة وشيئاً فشيئاً حتى يعتدل سلوكنا جميعاً فنرضي ربنا ونرحم أنفسنا ونبني مجتمعاً خالياً من الإسراف. همسه ماضينا القريب شاهد على ما قساه الإباء والأجداد من الفقر والعوز وحاضرنا وما نرى فيه من المجاعات في الصومال وفي غيرها من الدول أكبر عضه وعبره فعلينا شكر الله سبحانه وتعالى بحفظ النعمة من الإسراف. كاتبه سعيد بن علي بن دلبوح (رئيس مركز طريب)