( وأنا أحلُم بيوم ... ) (1) في عصرية رمضانية ... كنت أمام قناة المجد ( ماسة المجد ) ... وكان فيها مسلسل صعيدي يحرص عليه الابناء بشدة ... واسم المسلسل ( أحلُم بيوم ) ... واذا فيه شاب معتوه ... يصرخ بين أزقة البيوت الصعيدية : عزااام ... قتلوه !! منهم لله ... قتلوا الشاب المحترم ... قتلوا الشاب المؤدب ... منهم لله !! واذا بطفلة صغيرة تعرف عزام ... تسمع المنادي من بيتها ... فيسقط الاناء من يديها ... وتصرخ بألم وحرقة ... قتلوا عزام ؟!! ليه ... ليه !! ثم تفاعل الحدث بآلام ... وأحزان ... وترتيبات ... واستعدادات ... (2) سألت الابناء ... إيش السالفة ؟!! فقالوا لي : عزام شاب سعودي يدرس الماجستير في مصر ... وكانت الاسرة التي يسكن عندها متهمة بقتل ضيف أسرة أخرى !! فكان حكم الثأر يقتضي قتل ضيفٍ للأسرة المتهمة بقتل ضيف الاسرة الاولى ( مثار الضيف !! ) ... فكان عزام هو الثمن !! ومن تفاعلات الحدث ... مشهد رجل فيه لمسة عقل ... كان يتألم ويبكي ... كيف يكون رجل برصاصة ... هل أصبح ثمن هذا الرجل رصاصة ؟! وبهذه السهولة !! ليه بس ليه ؟!! هو ذنبه ايه ؟!! هو عمل ايه ؟!! الى آخر المشهد الدرامي .. الذي يخاطب العقل والفطرة ويوقظها ... ثم يتبع المشهد غضب وعنفوان ... ينادي بأخذ الثأر للضيف من القتلة !! فوقعوا في متاهة أيهما أولا : البيضة أم الدجاجة ؟!! (3) كان المسلسل يحكي صراع ... بين الفطرة والعقل ... وبين الجهل والظلم ... ولا زال من المسلسل الكثير في باقي الشهر الفضيل ... لا أخفيكم سرا ... أنني حزنت حزنا شديدا ... ليس على عزام الشاب السعودي المسكين !! وإنما حزنت والله على قومي وأهلي وقبائلي ... الذين لا زالوا يعيشون تلك العقلية التائهة ... وذلك التفكير الآسن ... وان كانت مصر بلد مسلم عظيم ... لكنه يعاني من تحكيم القوانين الوضعية في مجريات الحياة ... فربما حالة التيه عندهم أكبر ... لان المصيبة أعظم ... أما أن نكون في بلد مبارك ... ترسخت عقيدة التوحيد في أركانه ... وحُكمت الشريعة في كل صغيرة وكبيرة ... ثم تنْحى قلة قليلة من أهله منحى الجاهلية في أحكام دمائهم !! فهذا ما يذوب له القلب كمدا ... وإن الثمن حرمان من خير كثير وكثير وكثير ... ويكفينا غياب المودة والاحترام والمواساة والرعاية ... وظهور التناحر والتحزب والظلم والتدليس ... (4) كان مؤلف المسلسل ( أحلُم بيوم ) ... يسعى الى تحقيق حلُم شريف ونبيل ورفيع ... وكم أحلُم وأشرُف وأتطلع الى مثل ذلك اليوم ... في أهلي وفي قومي ... لعلهم يعلمون ...