في عالم المستديرة أكثر ما يزعج أي جمهورٍ رياضيٍّ هي الخسارة، فهي الشيء غير المرغوب به، ولا يمكن أن تجد جمهورًا يتفق على الخسارة، أو يراها أمرًا طبيعيًّا مهما بلغ فريقهم من سوءٍ وضعفٍ؛ لذلك تعلو الأصوات، ويكثر الحديث، وكل شخص ينظر لأسباب الخسارة وفق منظوره الخاص، وحسب فهمه، ولو أمعنّا النظر قليلاً لوجدنا أن القاسم المشترك في كل ردّات الفعل التي تحدث عند الخسارة من قبل الجمهور عاطفية في مجملها، والدليل يحضر في هذا الموسم على مستوى الدوري السعودي كمثال حيّ، يمكن أن يكون مدخلًا مهمًا لطرح الفكرة وشرحها بالشكل المناسب. فالفريق النصراوي بطل الموسم الماضي والذي قبله، يمرّ بمرحلة عدم اتزانٍ ونزولٍ كبيرٍ في المستوى، والكثير وضع أسبابًا مختلفةً لهذا الهبوط في المستوى، ومن الصعب أن تجد اتفاقًا كاملًا على تلك الأسباب، لكن المحزن أن بعض الجماهير ينساقون خلف بعض الإعلاميين أو النجوم المعتزلين الذين يملكون شهرةً عريضةً في الوسط الرياضي، دون أن يميزوا إن كان هذا الانسياق له ما يبرره أو لا، وقد يكون هذا الإعلامي أو النجم ليس على وفاقٍ مع رئيس النادي أو أحد أعضاء فريق العمل؛ لذلك يهمه أن يفشل الفريق!! وللتوضيح أكثر، يحقق النصر بطولة الدوري في موسمين متتاليين، ويخفق هذا الموسم في المحافظة على بطولة الدوري، فيتم تجاهل ما تحقق، ويبقى التركيز على الموسم الذي حضر فيه الإخفاق، بينما الموسم بالنسبة للنصر لم ينتهِ بعد، والتصرف الحكيم هو الصبر حتى نهاية الموسم، بعدها يمكن أن يتحرك الجميع ويقول ما يراه مناسبًا، فتعبئة الجمهور بهذه الطريقة وشحنهم ضدّ الفريق والمسؤولين عنه لا يخدم النصر في شيءٍ، بل على العكس تمامًا يضرّ الفريق ويجعله يفقد التركيز فيما تبقى من منافسات الموسم. وفي أحيانٍ كثيرةٍ يفرض المنطق نفسه، فهو يقول فيما يخصّ وضع النصر: أن يتواصل الدعم من قبل الجمهور للفريق، وأن يتكاتف الكل من أجل دعمه، خصوصًا وأن الفريق حديث العهد بالبطولات – وليست أي بطولة إنها بطولة الدوري -، ولو سألت أيَّ مدربٍ عالميٍّ عن أهم ما يريد أن يسمعه عن الفريق الذي يتفاوض معه لتدريبه، سيقول أهم سؤالٍ هو: هل حقق فريقكم بطولة الدوري ومتى آخر مرة؟ هذا هو مقياسهم الحقيقي لقبول فكرة التعاقد، بدليل أن نجمًا كبيرًا مثل كانافارو له اسمٌ عالميٌّ قويٌّ لم يتوانَ لحظةً في قبول عرض النصر لتدريبه؛ لأنه على يقينٍ أن وسائل الإعلام المختلفة ستنقل في كل مكانٍ أن كانافارو تعاقد مع بطل الدوري. ما أريد أن أصل إليه أن الخسارة مؤلمة، لكن هناك أوقاتٌ يكون الفريق بعيدًا لسنواتٍ طويلةٍ عن البطولات وخصوصًا بطولة الدوري، ويُقبل الغضب والزعل من الجمهور إذا كان فريقهم مبتعدًا عن بطولة الدوري سنوات طويلة مثل فريق الأهلي، هنا يكون للغضب ما يبرره، وأي ردة فعلٍ تكون مقبولةً إلى حدٍّ ما، وحتى الأشخاص المسؤولون عن الفريق لا يحقُّ لهم أن يبرروا أي إخفاقٍ، طالما أن كل الظروف والإمكانيات مسخرةٌ للفوز بالدوري، ومن هنا يتضح الفرق. إن النصر ما زال في الموسم، وأي منجزٍ يحصل في الأيام القادمة ينقذ موسمه من الفشل، فالتأهل لدور الثمانية في آسيا هذا الموسم يُعدّ منجزًا يستحق الإشادة، وتحقيق كأس الملك منجزٌ مهمٌّ أيضاً؛ لذا فالصبر على الفريق وتأجيل كل الانتقادات حتى نهاية الموسم، وحثُّ جميع النصراويين على المؤازرة والتشجيع مطلبٌ وواجبٌ، فلا يمكن للروح الانهزامية أن تصنع مجدًا لأحد!!. دمتم بخير،،،