منتخبنا الوطني كان بحاجة ماسة إلى انتصار ولو من انتصارات العيار الخفيف أو على مستوى لا يرضي طموحات الجماهير السعودية . فتغلب المنتخب على فريق تيمور الشرقية المتواضع جاء في وقته المناسب وفي مكانه اللائق . إلا أنه من الواجب الوقوف عند آخر لحظات المباراة بعناية وتأمل بعين وعقل فاحصتين فمن هو فريق تيمور الشرقية التي لو سألنا عنها أكثر من ثلثي الجماهير لما عرف موقعها على الخريطة ما يعني أنها مغمورة كرويا ولا يعرف لها أي انجاز أو قوة . هل كان طموح الجماهير أن نتغلب على تيمور الشرقية بعد أن قارع منتخبنا كبرى المنتخبات في كأس العالم ووصل إلى دور الستة عشر في إحدى سنوات التقدم والازدهار الكروي . فليست المباراة إلا بمثابة توقيع معاهدة مع الجماهير السعودية التي أرسلت رسالتها إلى الاتحاد السعودي تشعره بغضبها من خلال عزوفهم عن حضور المباراة في ليلة الإجازة الأسبوعية . مباراة المنتخب تعد بمثابة المنعطف الخطر الذي يمر به الأخضر فإما أن يحسنوا التعامل معه ويدركوا أن لهم قدرة يمكن استغلالها في المباريات الأكثر حساسية . كما ترسل المباراة إشارة إلى أن الفريق الأخضر كانت تنقصه الروح المعنوية وهاهي الان تتحصل بهذا التغلب وإن كان على فريق متواضع إلا أنها ثلاث نقاط في مجموعة ليس فيها منافس سوى الأبيض الإماراتي . بالتعامل مع ما بعد المباراة بنجاح يتم الاستثمار الحقيقي لهذا الفوز والاستفادة الحقيقية لتهيئة المنتخب السعودي لمباريات الجولات القادمة من التصفيات بروح عالية ونظر إلى الأمام وتفاؤل وليس ثقة زائدة لتتم قياسات الخطوات التالية بعناية واهتمام مدعومة بالاستفادة من حماس اللاعبين المتحصل من الفوز على تيمور الشرقية وبذلك يكون الفريق تجاوز المنعطف الخطر بخطى ثابته بتأني وتؤده . أما إن ركن الفريق إلى نتيجة المباراة وبدأ يتأمل في عدد الأهداف وتغلغل العجب إلى نفسه وبات يظنه بذلك مهيمنا على القارة بما قدمه في مباراته مع الفريق الأضعف وظن أنه بلغ من هيمنته كما بلغت ألمانيا عندما تغلب فريقهم على منتخبنا بثمانية أهداف نظيفة أو كما بلغت البرازيل حين تغلبت كذلك على الأخضر السعودي بثمانية أهداف مقابل هدفين فذلك هو السقوط في المنحنى والوقوع في هاويته . كما أن على إدارة المنتخب دراسة فرق المجموعة فالأبيض الإماراتي تغلب على ماليزيا بعشرة أهداف نظيفة على أن منتخب ماليزيا يفوق بكثير فريق تيمور الشرقية الذي لو تقابل وديا مع فريق الوحدة لكان خير إعداد له مع كامل الاحترام والتقدير لفريق الوحدة . وهذا يعني بلغة الأرقام أن منتخبنا سيواجه صعوبة بالغة حين مواجهة الإمارات وصعوبة متوسطة مع الفريق الماليزي فضلا عن اللقاءات الأكثر سخونة في كأس آسيا في نسختها القادمة . فالنظرة الواقعية هي التي من شأنها أن توصلك إلى ما تريد . وأما فنيا فمن خلال لقاء تيمور يبدي المدرب خطة لعب كلاسيكية تتناسب جيدا مع بعض المبارايات لاسيما التي تتميز بهدوءها وقلة سرعتها . ولو استمر على نفس الأداء سيجد نفسه في مأزق خطر عندما يتقابل مع الفرق ذات الطابع السريع . فمباراة تيمور لا تعد اختبارا حقيقيا فلاعبي المنتخب السعودي يلعبون وكأنهم حضروا دورة تنشيطية لتحريك الدورة الدموية . والاستعراض الكروي أمام كميرات النقل التلفزيوني . المدرب الذي وصل بفريقه إلى نهائي كأس العالم عليه أن يدرك أننا لا يشبهنا أحد ولدينا مهارة لا يجدها في أي مكان من العالم فكيف بهذه المهارة الشرسة يزج باللاعبين في المباريات القادمة دون محور صريح فلاعبي الوسط في هذه المباراة يتقدمون على خط واحد وهو ما يحدث فجوات بين الوسط وخط الدفاع لو كان اللقاء مع غير تيمور الشرقية ولو لعب المدرب بهذه الخطة مع الصين أو اليابان أو استراليا لرأى من فريقه مالا يرجو رؤيته . أعلم جيدا أننا بحاجة إلى الفوز النفسي مع فوز منتخبنا في اللقاء ولكن قراءة الفوز والمباراة أجدر بكثير من التصفيق والتطبيل لثلاث نقاط حصلت من فريق كهذا .