قد يكون العمر الذي قضيته عى قيد الكتابة الرياضية قليلاً نسبياً ، لكنّ خمسةَ عشر شهراً كانت كافية من أجل أن أعِيَ أنّ شجاعة النساء تُثيرُ غريزة الرجال نحو هزيمتهن ! إن العمل الصحفي في حد ذاته يُشبه اللعب بالنار فإمّا أن تُقٓدّم به عرضاً مبهراً وإمّا أن يُحرقك في غفلةٍ من أمرك ، و إنّ عمل النساء فيه يجعل البعض يتوقّع أنهُ سوف يخرج من تحت أيديهن حالماً ، مطلياً باللون الوردي فاقداً جدّيته ، و سرعان ما سوف يبدو باهتاً في عين قارئه ، إلا أنّ امرأةً ليس لديها ما تخسره في سبيل التعبير عن رأيها ، تنتعل الحماقة ، وتتوشّح المجازفة تسيرُ مُشهرةً قلمها الذي لا يذكر متى آخر مرّةٍ أوى فيها إلى جوفِ غِمدهُ كفيلةٌ بأن تُشعل فتيل ثورةٍ ذكوريّةٍ تبقى – وإن تعالت أصواتها و حمي وطيسها و مهما كانت خِسّة الأسلحة المستخدمة فيها – أشبه بزوبعة في فنجانِ قضيّتها التي تؤمن بها ، و إنّ ثورة " مقرقع البيبان " تلك لا يبدو بأنها تنجح مع امرأةٍ تكفُر بالهزيمة ! قد تكون المقاومة الموجّهةِ ضد الكلمات التي تفوح منها رائحة العطر النسائي في الوسط الرياضي من قِبل بعض الأشخاص ناتجة عن تكوين اجتماعي يرى المرأة في صورة عيبٍ ناطق يجب إسكاته ، وخلفيّة ثقافية لا تؤمن بجدوى النساء خارج حدود الروتين اليومي ، أذكر أنّ رجلاً كنت أجري معه حواراً قال لي على هامش حديثنا : " لأنكِ امرأة فأنا لا أجرؤ على إخبار أحدٍ ممن هم حولي بأنني أتحدث إليكِ الآن ، فالأمرُ مُحرجٌ بالنسبةِ لي !" ، فأجبتهُ بكامل كبريائي الذي اشتٓمَّ رائحةً لم تُعجبه في حديثه : " أمّا عائلتي فهي تتفهّمُ جيداً فكرة أنني أُجري حواراً معك و مع غيرك ، و هم فخورون بما أصنعه " . لم يكن ما أخبرني به صادماً بقدر ما كان مُخيّباً للأمل ، فبينما نحن نشهد إيماناً واضحاً من قبل القيادة الرشيدة بأهميّة دور المرأة السعودية في جميع المجالات ، إلّا أنّ هناك شريحةٌ من المجتمع مازالت تحاول إبعادها عن ساحة الإعلام ، و الإعلام الرياضي تحديداً ، وإنّها إن أصرّت على تسجل حضورٍ فيه ، فإنّ عليها المرور بالكثير من الضغط ، وتخطّي حواجز لا ينجحُ الرجال أنفسهم بتخطّيها ، و كأنّما رأيها يسيرُ عارياً فوق الورق ! لستُ هُنا في موضعٍ أُدافعُ فيه عن النساء ، و لستُ أُناقشُ ثقافة ٍ يُفترضُ بأننا كُنّا قد غادرناها منذ عُصور إلى ثقافةٍ أكثر تحضُّر ، بل إنني أودُّ أن أوصل في حديثيَ هذا رسالةٌ مفادُها : أنّ من يعتقد بأنّ صوت الإعلام النسائي عورة عليه أن يُراجِع حساباته ، و عليه – إن أراد الدخول في حربٍ معها – أن يُنازلها نِدّاً لِنِد حتى ينتصر عليها بجدارة أو يُهزم أمامها بِشرف ، فالنساءُ لا يكتُبن َ على كُلِّ حالٍ " بقلم حُمرة " !