يحلم عشاق الساحرة المستديرة في الجزء العربي من قارة آسيا بنهائي يتكلم بلغة "الضاد"، وعلى غرار آخر نهائي على لقب القارة في العام 2007، عندما تواجه أسود الرافدين مع الأخضر السعودي في جاكرتا، وأهدت رأسية يونس محمود الكأس الغالية لوطنه الجريح، فقبلها ملايين الزاحفين في احتفال بهيج لم يشهده العراق منذ سنين. تلك المباراة أعادت إلى الأذهان نهائي نسخة العام 1996 عندما تغلب "السعودي" على شقيقه ومضيفه الإماراتي في مواجهة نارية امتدت حتى ركلات الترجيح، وكان ذلك هو اللقب السعودي الثالث بعد نسختي 1984 في سنغافورة و1988 في قطر، ليخطف بذلك كامل البريق من الأزرق الكويتي (بطل غرب آسيا والخليج) والذي كان أول منتخب عربي يتوج على عرش القارة الصفراء، وتحديدا عندما استضاف البطولة في العام 1980، ولم ينجح في تكرار انجازه حتى الآن. وتعود بطولة آسيا في مستهل العام الجديد 2011 إلى أحضان العرب وتحديدا في دوحة قطر، وذلك بعد أيام من تتويج هذه العاصمة الصغيرة في حجمها و"الجبارة" في طموحاتها، بشرف استثنائي يتمثل بتنظيم واستضافة مونديال العالم في العام 2022. غير أن عودة المونديال الآسيوي إلى الأحضان العربية لا يعني بالضرورة أن تكون الفرحة الختامية أيضا عربية، وذلك استنادا لما حصل في بيروت العام 2000 عندما ابتسم الحظ لليابانيين بهدف في الشباك الخضراء خلافا لمجريات اللقاء. "التزاحم" العربي بين الإيجابية والسلبية : ثلاثة منتخبات عربية أحرزت لقب بطولة آسيا هي: الكويت (1980) والسعودية (1984- 1988- 1996) والعراق (2007)، ولا يبدو أن منتخبا رابعا أقنع المراقبين برفع اسمه بين المرشحين مع الاستثناء المنطقي للمضيف القطري الذي نجح في نيل ذهبية قرة القدم عن جدارة واستحقاق، عندما استضافت الدوحة دورة الألعاب الآسيوية العام 2006. وتملك الإمارات بعض الإشارات الواعدة، لاسيما مع تألق شبابها مؤخرا ونيلهم فضية آسياد الصين 2010، وتخوض البحرين اختبارا صعبا في مجموعة حديدية، فيما يصعب نظريا على نشامى الأردن تكرار مشهد ال2004، وقد لا يكون حالهم أفضل من "أبضايات" سورية. ورغم أن آسيا الدوحة 2011 شهدت بلوغ العدد القياسي من ممثلي العرب (8 منتخبات) كما حدث من قبل في مناسبة واحدة، وتحديدا في نسخة الصين 2004، غير أن تلك النسخة لم تشهد تميزا عربيا، سوى بلوغ البحرين للدور نصف النهائي وحلولها لاحقا في المركز الرابع، مما يعني أن "الزحمة" العربية قد تأتي بنتائج سلبية، وخصوصا إذا أطاحوا ببعضهم البعض من الأدوار الأولى. المضيف يتحالف مع بطل الخليج : المجموعة الأولى اختارت فريقين عربيين قويين هما صاحب الأرض وبطل الخليج، وهما مطالبان بتشكيل تحالف خفي، خصوصا وأنهما سيلتقيان في اليوم الأخير من الدور الأول، وهو ما يحتم عليها إنهاء المهمة مبكرا عندما يلتقيان على التوالي مع الصين وأوزباكستان. وقد يتحول التحالف إلى خصومه مباشرة، خصوصا في حال لم تكن نتائج المنتخبين في الجولتين الأولى والثانية على قدر الطموح، وعندها سيكون أحدهما مرغما على الإطاحة بالثاني، غير أن الواقع الفني فإن لم نكن محابين، يؤكد أن مستويات فرق المجموعة متقاربة للغاية. ويحظى المنتخب العنابي بأفضلية ضم ثلة من اللاعبين المجنسين الذين يمتلكون خبرة كبيرة وفي مقدمتهم سبستيان سورية وفابيو سيزار وحسين ياسر المحمدي، فضلا عن أن المحليين وفي مقدمتهم خلفان إبراهيم خلفان اكتسبوا فنيات كثيرة من انتظام دوري المحترفين والذي يشهد أعلى المستويات. أما الأزرق فما يزال يعيش نشوة الانتصارات الأخيرة سواء مع إحراز لقبه الأول في غرب آسيا أو "العاشر" في مونديال الخليج، ويأمل مدربه الشاب، على غرار لاعبيه، باستثمار هذه النشوة رغم المطبات التي اعترضت تثبيت نجم الفريق فهد العنزي في القائمة التي تضم أيضا أسماء من العيار الثقيل يتقدمها وليد علي ومساعد ندا وبدر المطوع. قطر فأل خير على الأخضر : يتطلع ياسر القحطاني ورفاقه لتكرار ما أنجزه أسلافهم عندما قدمت لهم أرض الدوحة ثاني لقب قاري، ليصبح المنتخب السعودي أول وآخر منتخب عربي يحرز كأس آسيا أكثر من مرة، ولا شك أن مدرب الأخضر يرى ضوء في آخر النفق بعد وصوله بفريق من الشباب إلى نهائي كاس الخليج الأخيرة في اليمن. المنتخب السعودي وصيف حامل اللقب والواقع في المجموعة الثانية يعتبر أرض الدوحة فأل خير عليه، وهي شهدت تألق لاعبيه في أكثر من مناسبة، بيد أن صعود الأخضر لا بد أن يكون على حساب منتخب أو اثنين من أبناء "الجلدة" الواحدة.. الأردن وسوريا، خصوصا وأن رابع منتخبات المجموعة، وهو المنتخب الياباني يعتبر رقما صعبا على صعيد القارة. ويتعين على منتخبا الأردن وسوريا معرفة طريقهما في الجولتين الأولى والثانية، قبل أن يلتقيا مع بعضهما البعض في الجولة الأخيرة، وقد يضطر أحدهما للتضحية بالآخر، أو "التخريب" عليه..!! في حال جاءت المسارات على طرفي نقيض، وأما الأخضر فلا بد له من قطع ثلثي الطريق أمام سوريا والأردن على التوالي، قبل لقائه الحاسم في ختام الدور الأول مع اليابان. ويعتمد هجوم الأخضر إلى جوار القحطاني على الشاب المتألق مهند عسيري، فضلا عن وجود نايف هزازي، أما الوسط فيحظى بالمتألقين محمد الشلهوب وعبدو عطيف، وسيكون الاعتماد بالأساس على تحسين الأداء الدفاعي أملا في اكتمال منظومة الأداء المثالي. وفي الوقت الذي تركن فيه الآمال السورية على ثنائي الهجوم جهاد حسين وفراس الخطيب المحترفان في الكويت، فإن منتخب النشامى يأمل بحارس عرينه عامر شفيع والمدافع المتألق في الدوري السعودي أنس بني ياسين. البحرين وقعت بين فكي أسد : يبدو أن المنتخب البحريني الذي حقق أفضل انجازاته ببلوغ نصف نهائي نسخة الصين العام 2004، سيكون أكثر المنتخبات العربية تحت الضغط، بيد أن الامتحان الصعب في الدور الأول قد يكون سببا في تفجر طاقات أصحاب القمصان الحمراء، لاسيما وأنهم جميعا نهلوا من خبرات احترافية واسعة. المجموعة الثالثة تضم إلى جوار البحرين كل من كوريا الجنوبية واستراليا والهند، ويظهر واضحا أن المملكة الواعدة وقعت بين أنياب الأسد، خصوصا وأن المعطيات الفنية تؤكد علة كعب كوريا واستراليا بعد بلوغهما الدور نصف النهائي من النسخة الماضية. وتضم التشكيلة البحرينية 7 لاعبني محترفين خارج الدوري البحريني أهم سلمان عيسى- العربي القطري عبد الله عمر- نيوشاتل السويسري وحسين بابا- الوحدة السعودي، فضلا عن المجنس جيسي جون المحترف مع اسكيشهير التركي. وستبدأ البحرين المنافسة بلقاء ثقيل أمام كوريا الجنوبية قبل أن تلتقط الأنفاس أمام الهند، وتعود لمواجهة قد تكون مصيرية للغاية أمام الكنغر الاسترالي. حامل اللقب يخشى "العتب" : ونأتي الى المجموعة الرابعة التي تضم المنتخب العراقي الذي تذوق حلاوة اللقب وشقيقه الإماراتي الذي كان قاب قوسين أو أدنى من نيل هذا الشرف قبل 15 عاما. وربما تكون مجموعة البطل مخادعة أكثر من غيرها، حيث يمكن وصفها بالمتوازنة، غير أن حقيقة الميدان ستظهر عكس ذلك، خصوصا مع وجود كوريا الشمالية وإيران، وهي المجموعة الوحيدة التي بلغ كل من فيها نهائيات كأس العالم على فترات متفاوتة. ويخشى المنتخب العراقي بعد الانجاز الأسطوري الذي سطره في النسخة الماضية أن يخرج من الدور الأول، فيحمل عتبا لا يطاق، ولذلك فإن نشأت أكرم ويونس محمود وعلاء عبد الزهرة وكرار جاسم مطالبون بالكشف عن مستوياتهم الحقيقية، وحتى لا يتكرر ما حصل معهم في خليجي 20. وضمت تشكيلة الإمارات 3 لاعبين تألقوا في أسياد الصين وهم: محمد فوزي ومحمد أحمد وعبد العزيز هيكل، فيما يقود الآمال القطرية فارس خليجي 18 إسماعيل مطر والفتي المدلل حاليا أحمد خليل. وخداع هذه المجموعة يبدأ من المواجهة المبكرة بين العراق والإمارات، حيث تعتبر صعبة للمنتخبين، خصوصا وأن كل منهما سيكون مجبرا على البحث عن الفوز ولا بديل، ولن يكون بوسع أي منهما "التخديم" على الآخر، إلا في حال فقدان أحدهما أمل التأهل من الجولة الثانية. تفاصيل أكثر يورو سبورت العالمية