يُعد الرسم على الجدران أحد أقدم الفنون التي عرفتها البشرية والتي حفرت تاريخ وأمجاد أمم عبرت وتركت بصماتها على صفحات الزمن فمن الإغريق إلى الفراعنة وشعوب بلاد ما بين النهرين مرورا بعصور النهضة ووصولا إلى يومنا هذا كل هذه الحضارات لجأت للجداريات لتترك للأمم اللاحقة شذرات من تاريخها عبر الرسم والنقش والتدوين التي بدورها كانت ولا تزال وسائل لغة للتواصل والتحاور مع الغير ومع الأجيال القادمة. وقد شهدت بيروت في الآونة الأخيرة غزوا بل زحفا فنيا باللون والريشة والطلاء هروبا من واقع يومي مشحون بمختلف أنواع الأزمات الحياتية وتكريسا لتاريخ هذه المدينة وجمالها ورونقها حيث أنتشرت على جدرانها وأسوار مبانيها عبارات مثل "الحيطان عم تحكي" . . "قوة البويا" . . "الشارع لنا" . . "العيون ع بيروت" وغيرها الكثير من العبارات "الغرافيتية" التي شكلت جدران الشوارع متنفسا للشباب لإطلاقها والتعبير عن آرائهم وتوجهاتهم برسومات وتعليقات يحولونها إلى لوحات فنية تزين الطرقات الغارقة وسط بشاعة غابات الإسمنت التي تجتاحها..هذه الرسومات التي بدأتَ تراها أينما تجولت في العاصمة اللبنانية بيروت جذبت بجماليتها مراسل وكالة الأنباء السعودية في بيروت خصوصا أنها تتماهى مع رسومات أخرى تجسد وجه بيروت التراثي القديم وتعود بك بالذاكرة إلى بيروت القرن الماضي وجمال هذه المدينة التي حملت ولا تزال لقب "ست الدنيا". ولسبر غور هذه الرسومات وأهدافها ومن يقوم بها وما حققته من ردود فعل بين العامة والخاصة لجأنا إلى ضفتي الفن التراثي والمعاصر فكان أن أخبرنا المدير المسؤول عن المرحلتين المتوسطة والثانوية في ثانوية خديجة الكبرى التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت الأستاذ محمد ريحان عن أن لجمعية المقاصد باعا طويلا في تجميل العاصمة اللبنانية بيروت عبر الرسم على الجدران فالمار في محلة عائشة بكار شارع فردان أو محلة الطريق الجديدة وغيرها من الأحياء البيروتية تبادره اللوحات الفنية التي زينت بها الجمعية جدران مدارسها ومؤسساتها ما يبث البهجة في عين الناظر. وحول الهدف من وراء رسم هذه اللوحات الفنية التي ترمز إلى تاريخ بيروت شدد الأستاذ ريحان على أنه إبقاء هذه المعالم وما ترمز إليه في ذاكرة الجيل الجديد خصوصا أن الجيل القديم يعرفها كسوق أياس سوق سرسق باب إدريس وساحة الشهداء على عكس الجيل الجديد و"من هنا كانت رغبتنا بربط النشء بأرضه وتراثه عبر الصور التي تترسخ مع الإسم خاصة أن هناك العديد من شوارع ومناطق بيروت القرن الحادي والعشرين أُطلقت عليها أسماء بعض أحياء بيروت القديمة كسوق النورية وسوق البارزكان وسوق العتيق لذا نحن في جمعية المقاصد سعينا إلى ترسيخ الإسم مع الصورة عبر توأمة بين الإسم القديم - الجديد مع الصورة القديمة للمكان وليس طابعه الحديث". // يتبع //