سجل فريق علمي دولي مكون من جامعة الملك سعود ومعهد ماكس بلانك للبصريات الكمّية في قارشنق بألمانيا إنجازا علميا تمثل في الكشف عن التأخير الزمني لتحرير الإلكترونات من الذرّات عند استخدام نبضات ضوئية من الليزر. وأدى هذا الاكتشاف الذي نشر في مجلة العلم (Science) التي تصدر عن الرابطة الأمريكية لتقدم العلوم وأبرزته على غلافها إلى قياس أقصر زمن ملاحظ في الطبيعة حتى الآن في إنجاز عالمي غير مسبوق. وأشارت المجلة التي تحدثت عن هذا الانجاز إلى أن اكتشاف الظاهرة الكهروضوئية في بداية القرن الماضي أحدث ثورة في علم الفيزياء ، وأدت إلى ولادة ميكانيكا الكم مبينة أنه حتى اليوم فإن الإثارة والانبعاث الإلكتروني الضوئي من الذرات بواسطة الضوء لايزال إحدى أهم ظواهر فيزياء ميكانيا الكم ، التي تفترض بان تحرر الإلكترون من الذرة ويحدث بدون تأخير زمني عن امتصاص جسيمات الضوء ( الفوتون ) وعرف بالزمن "صفر". وأوضحت أنه عندما تمتص الذرّات الضوء تستثار الإلكترونات التي تدور حول الأنوية فإذا كانت جسيمات الضوء ( الفوتونات ) تحمل طاقة كافية ، فإنه من الممكن أن تتحرر الإلكترونات من الذرّة ، حيث يعرف هذا التأثير بالانبعاث الإلكتروني الضوئي والذي وضّحه العالم الشهير " آينشتاين " منذ أكثر من مائة عام ، مفيدة أنه منذ ذلك الوقت وحتى الآن كان الافتراض السائد بأنه بعد لحظة امتصاص الفوتون من الذرة فإن الإلكترونات تتحرر مباشرة منها ، أي أن الزمن بين وصول النبضة الضوئية ( الفوتون ) وانبعاث الإلكترون يساوي صفرا. لكن الفريق العلمي في معمل الفيزياء للزمن المتناهي في الصغر ( أوتوثانية ) التابع لمعهد ماكس بلانك للبصريات الكمية ، ومن جامعة لاودنق ماكسميلان في ميونخ بقيادة الأستاذ الدكتور فيرنس كراوس والدكتور عبد الله الزير من جامعة الملك سعود في الرياض ومتعاونون من النمسا واليونان ، قد قاموا باختبار هذه الفرضية حديثا، ليتبين أن هناك فارقا زمنيا قصيرا جدا ، يساوي تقريبا 20 أوتوثانية ( أوتوثانية = جزء من مليون بليون من الثانية )، وهذا الاكتشاف ينقض الفرضيات السابقة من أن الإلكترونات تتحرر من الذرة فور امتصاصها نبضة الضوء . وفي التجارب التي أُجراها الفريق الفيزيائي أطلقت نبضات من ضوء ليزر الأشعة تحت الحمراء القريبة والتي تدوم فترة أقل من أربع فيمتوثانية ( فيمتو = جزء من ألف مليون مليون من الثانية ) على ذرات غاز النيون ، وتم في الوقت نفسه تسليط نبضات ضوئية من ليزر الأشعة الفوق بنفسجية البعيدة زمن بقائها أقل من 200 أوتوثانية على الذرات محررة الإلكترونات من الذرة سواء من المدارات الخارجية 2p أو من المدارات الداخلية 2s للذرة، وباستخدام الأشعتين بالتزامن تمكن الباحثون من قياس الزمن بين امتصاص الإلكترونات للفوتونات وتحرر الإلكترونات من الذرات . وقد أظهرت نتائج التجربة أن الإلكترونات قد تحررت من الذرات بفارق زمني يقدر بعشرين أوتوثانية . وأوضح الدكتور مارتن شولز من معمل فيزياء الأوتوثانية ذلك بقوله " يبدو أن الإلكترونات تتردد في اتخاذ قرار المغادرة من الذرات بمقدار هذا الزمن". كما قال الدكتور عبد الله الزير "إن أبحاثنا المشتركة ألقت الضوء على تفاعل الإلكترونات بعضها مع بعض في المقياس الذري وإن تقنية القياس الأسرع في العالم جيدة بما فيه الكفاية وأن قياس زمن "العشرين أوتوثانية" في زمن تحرر الإلكترونات هو أقصر فترة زمنية على الإطلاق تم قياسها مباشرة" مشيرا إلى أن هذا الإنجاز البحثي العالمي سوف يسجل باسم الوطن ممثلا بجامعة الملك سعود". // يتبع //