يتيح معرض الحرف اليدوية الذي أقيم على هامش المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية، لزائره أن يطلع على طيف واسع من المشغولات الفنية من مختلف أقطار العالم الإسلامي، أبدعها فنانون توارثوا هذه المهن كابراً عن كابر. 65 حرفياً من أكثر 13 دولة تقاسموا أجنحة توزعت في الهواء الطلق، لاستعراض منتوجاتهم المصنوعة - بإمكانيات محدودة- من مواد مختلفة كالخشب والفلين والطين والسيراميك وغيرها. ويحاول الحرفيون أن يقنعوا كل زائر أن الحفاظ على هذا الإرث ليس ترفاً حضارياً محضاً، وأن هذه المشغولات قد تتيح دخلاً معقولاً إن تم استثمارها صناعياً كما يؤكد فضل الزلب من اليمن، وهو نحات يجيد سبك المعادن وتركيب الديكورات الجبصية وتقليد الآثار اليمنية القديمة التي يعرض واحدة من نماذجها تحاكي بدقة شديدة تحفةً من عهد مملكة سبأ. وطالب زميله حسين المصرفي من اليمن بعقد دورات تدريبية لتأهيل الحرفيين الشباب حتى لا تضيع هذه المهن في المستقبل، وأن تعمل الحكومات على شراء هذه المصنوعات البسيطة والاستغناء عن فكرة استيرادها من الصين. ولا يختلف هشام صنيج من سوريا عن زميليه اليمنيين في مطالبته بلفتة رسمية تعيد للحرف القدر القديم، لكنه يعوّل كثيراً على هذا المؤتمر الذي سيتيح لأصواتهم أن تصل إلى المسؤولين والمعنيين مباشرة في بادرة هي الأولى من نوعها على المستوى العربي والإسلامي. وكان محمد سايس من الجزائر مبتهجاً وهو يشرح للزوار طريقته الخاصة في صنع الأواني الخزفية والسيراميكية التي تجمع في تصميماتها بين الفيسفساء الإسلامية والفن الأمازيغي مع بعض الإضافات التي تضفي على العمل صبغة حداثية. ولم تغب دول شرق آسيا ووسطها عن المعرض، فالجناح الأذري مثلاً كان يعرض لوحات فنية محفورة على الخشب، برع الفنان قوليف رفيق في نحت آيات قرآنية مستخدماً خطوطاً عربية رائعة، بينما كان تميز الجناح الأوزبكي بالجرار الخزفية التي تعكس تداخل الحضارة الشعبية مع التراث الإسلامي العريق. وفي جناح البنائين السعوديين، كان علي من الباحة يبدو مستمتعاً وهو يقلب الطين بيديه لاستكمال بناء بيت قديم على الطريقة العسيرية، بينما كان جاره المسنّ أحمد فرج من أملج أنهى لمساته الأخيرة على بيت الجريد الذي بناه - بمساعدة صديقه محمود فريج من أملج - من جريد النخل وأحكم تشييده بأحزمة تطوقه من كل طرف. وفي جناحهم المتنوع والزاخر بكثير من المنتجات، أبدع "الحساويون" في استعراض منتجاتهم الحرفية بدءًا من الديكورات الشعبية للبيوت وانتهاء بالكراسي المرتفعة التي اشتهرت بها منطقتهم، إلى جانب الفيلم الوثائقي الذي استمر عرضه في جناح الأحساء طيلة المعرض متضمناً لقطات بديعة تعرّف الزائر بتاريخ المنطقة وتراثها. // انتهى //