في آخر ليلة من ليالي المهرجان الوطني للتراث والثقافة الخامس والعشرين كانت عيون الآلاف من الزوار يسكنها الحزن والجميع يسابق الخطى على أرض الجنادرية يلقون نظرة الوداع على أجمل وأروع تجمع تراثي وثقافي وحضاري تقدمه المملكة العربية السعودية كل عام إلى أبنائها والمقيمين فيها وإلى العالم أجمع. وأينما ألقت بالإنسان عصا التسيار في القرية التراثية تجد أن التاريخ وقف ومر من هنا ، لكنه لايلبث إلا أن يأتي من هناك من منطقة إلى أخرى. لقد امتزجت الأصالة والمعاصرة في نسيج واحد عبيره الماضي التليد وبشائره تنمية طموحة جعلت الإنسان السعودي هدفها الرئيسي الذي منه تنطلق واليه تعود. في آخر يوم من المهرجان والشمس تجر ذيولها نحو المغيب ومن خلال جولة لمراسل وكالة الأنباء السعودية شهدت الجنادرية زحف الآلاف المؤلفة من المواطنين وساعدت المشروعات التطويرية داخل القرية على سهولة تدقق تلك الأعداد الهائلة من الزوار خاصة الساحات الجانبية الخضراء إضافة إلى التنظيم الرائع الذي بذله الحرس الوطني والجهات ذات العلاقة وتحول المشهد في ذلك المساء إلى رسائل وفاء وصدق صدرتها الجنادرية إلى العالم من الشعب السعودي المسلم الذي يعتز بوطنه المعطاء الشامخ وقيادته الرشيدة وتقاليده العربية الأصلية. وقد نجح المهرجان في الإسهام في الحفاظ على هويتنا العربية الإسلامية وتأصيل موروثنا الوطني بشتى جوانبه من أجل أجيالنا الصاعدة. وقدمت مناطق المملكة من خلال أجنحتها صورا صادقة للتراث والعادات والتقاليد والحرف والصناعات ولوحات فلكورية شعبية وتراثية. واختصرت تلك الأجنحة للزوار حقباً عديدة من الزمان والمكان وخففت العناء على الإنسان من الذهاب إلى شرق المملكة أو غربها أو شمالها أو جنوبها حيث يمكنه الإلمام ولو بالشيء اليسير عن تاريخ وتراث كل منطقة من خلال زيارته لتلك الأجنحة ولوحظ مشاركات مميزة وناجحة للوزارات والمؤسسات والجهات الحكومية. وفيما كانت أكثر من ألف ومائة نخلة باسقة تنتصب على أرض الجنادرية تلوح بسعفها مع أهازيج العرضة السعودية واللوحات الشعبية المتنوعة من مختلف مناطق المملكة فيما تتجه الأبصار إلى صقور الجو السعوديين وهم يشاركون في سماء القرية كل يوم بعروضهم المميزة. وتنافس المبدعون من الشعراء في إلقاء قصائد متنوعة وحظيت تلك الأمسيات المفتوحة بحضور جماهيري مميز. وفي السوق الشعبي بالجنادرية يتوقف الزمن بالزائر لحظات وهو يعايش حركة حقيقية للأسواق الشعبية بكل زخمها ومعطياتها وتفردها بالماضي الجميل في كل تفاصيل مراحله حيث يحرص الجميع على الاستمتاع بكل ما يحتويه من معروضات واكلات شعبية وحرف كادت أن تندثر. // يتبع //