تواصلت اليوم فعاليات جلسات مؤتمر اللغات والترجمة الثالث الذي بدأت أعماله أمس بجلسة الرابعة بعنوان الترجمة الإسلامية كان المتحدث الرئيس فيها الأستاذ الدكتور عبدالرؤوف حسين من جامعة ليدز في بريطانيا وكانت ورقته بعنوان (الفشل المقامي في الحوار الثقافي). وتطرق الدكتور حسين في ورقته إلى أن تأليف النصوص واستخدام أفعال الكلام الممكنة تدفع القراء إلى التصديق بشيء ما، أو التعاطف، من أجل إقناعهم بالقيامِ بأمرٍ ما، مشيراً إلى أنه في حال الترجمة لا تكون المشاعر مشابهة لما هي عليه في ذات اللغة الأصلية لدى المتلقّي. وأرجع مقدار الفشل المقامي إلى نسَقٍ من العوامل اللغوية والاجتماعية لا تكون بالضرورة بسبب النقل الحرفي للنسخة المترجمة من النص، ثم أعطى لمحة تاريخية حول الترجمة وكيف بدأت منذ عصور القرن الأول قبل الميلاد والتأييد الذي وجد حينها من قبل كبار الفلاسفة أمثال شيشرون، وما تلا ذلك من ظهور تقنيات الترجمة الحرفية للنص الأصلي، حتى الوصول إلى مسألة تطابق المعنى في الترجمة في القرن العشرين، أعقب ذلك دراسات في مجال البعد المقامي للترجمة والرابط المتين بين اللغة وثقافة الشعب المتحدّث بها، حتى أصبح الترجمة تلبس من موروث وثقافة اللغة التي تترجم إليها. وعدّ الأستاذ في جامعة ليدز أفعال الكلام الناجحة في تحقيق التواصل بمثابة خطابٍ فصيحٍ فعّال، أما الفشل التواصلي هو التضمين غير الملائم للسياق الذي نشأت فيه العبارات بلغتها الأصل، ومع ذلك، فإن النجاح في تحقيق التواصل الدلالي في الترجمة يمكن الوصول إليه من خلال تحليل مفصّل للعناصر اللغوية واللفظية للغة المصدر، إذ إن هذه المقاصد التي اعتمدها كاتب النص الأصلي هي ذات أهميّة كبرى في التواصل الثقافي بين اللغتين المصدر والهدف. بعد ذلك تحدث الدكتور عبدالحميد عليوة عضو هيئة التدريس بكلية اللغات والترجمة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض بورقه بعنوان (هل ترجموا القرآن الكريم أم تفسيره؟: معالجة باستخدام المكانز اللغوية لترجمة الترادف والاشتراك اللفظي في القرآن). وأكد أن مترجمي القرآن ليس لديهم إمكانية الوصول المباشر إلى لغة القرآن كما هي خلال فترة الوحي، لذا فإنهم يعتمدون على مصادر تنتمي إلى العصر نفسه لترجمته، وكانت المصادر الوحيدة المتاحة في ذلك الوقت هي الأحاديث النبوية وأمثال الأعراب والشعر، ومع ذلك، فإن معظم المترجمين يرجعون إلى تفاسير القرآن الكريم التي يختلف فهمها من مفسّر إلى آخر، وفي نهاية المطاف يقدّمون ترجمة لتفسير القرآن وليس القرآن نفسه، فترجمة القرآن تعتمد أساساً على نفس منهج المفسر. وحاول الباحث أن يوضح بعض القضايا في ترجمة القرآن الكريم، وبخاصة مشاكل الترادف والاشتراك اللفظي، الذي يمكن تفسيرهما باستخدام المكانز الحاسوبية التي من خلالها يمكن البحث في أعداد هائلة من النصوص للحصول على كافة الألفاظ الواردة محل البحث، ومن ثم مقارنة استخدامات الكلمات وما يميزها عن بعضها البعض لغوياً، مثل المترادف والاشتراك اللفظي، فمن خلال هذه التقنية، يمكن المقارنة بين ما يبدو مترادفاً أو مشتركاً لفظياً مع تسليط الضوء على بعض الفروق بين أي لفظين بتحليل سياقاتهما. // يتبع //