تتجه الأزمة السياسية البلجيكية والتي اندلعت الأسبوع الماضي بعد استقالة رئيس الحكومة ايف لوترم إلى الاستمرار أكثر مما كان متوقعا مع إخفاق الفعاليات السياسية الرئاسة في البلاد في بلورة سريعة لمخرج لها. وأعلن القصر الملكي في بروكسل وفي مؤشر واضح على دخول الأزمة مرحلة دقيقة وصعبة عن قيام العاهل البلجيكي ألبرت الثاني بتكليف رئيس الوزراء الأسبق ولفريد مارتنس بمهمة وصفت بالاستكشافية. وجاء هذا الإعلان مباشرة بعد قبول العاهل البلجيكي رسميا لاستقالة الحكومة الحالية برئاسة ايف لوترم والتي طلب منها الاستمرار في إدارة الشؤون العاجلة للدولة. وتتمثل مهمة رئيس الوزراء الأسبق ولفريد مارتنس ( 72 عاما ) والذي ينتمي الى نفس الحزب الاجتماعي المسيحي الفلمنكي الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة المستقيل في استكشاف موقف مختلف الأحزاب البلجيكية بشان طبيعة المخرج السياسي الواجب العثور عليه لتجاوز الأزمة الحالية التي تعصف بالبلاد وتعتبر الثالثة من نوعها خلال أقل من عام واحد. وتواجه بلجيكا مجددا مخاطر الوقع في فراغ للسلطة أسوة بما شهدته البلاد الصيف الماضي عندما انهار التحالف القائم بسب تداعيات الأزمة الطائفية بين مختلف مقاطعات البلاد. وتدور المواجهة حاليا بشكل محتدم في بلجيكا بين القوة اللبرالية الساعية لانتزاع منصب رئاسة الحكومة وبين المحافظين الفلمنكيين الراغبين في انتزاع اتفاق لتنظيم انتخابات مبكرة تمكنهم من العودة لقيادة أية حكومة مقبلة. ويخشى المراقبون أن تتحول الأزمة الحالية التي بدأت على خلفية سوء إدارة الحكومة المستقيلة لعملية بيع مصرف ( فورتيس ) البلجيكي وهو أكبر مصرف في البلاد لفرنسا إلى أزمة طائفية. وأعلنت الأحزاب الفلمنكية رفضها الصريح لتعيين وزير الخزانة الفرانكفوني ديديه راندرس في منصب رئيس للوزراء كما يعتبر مؤشرا على بداية تحالف طائفي فلمنكي ضد الفرانكفونيين وما يحمله من تداعيات وخيمة على مستقبل التعايش الهش بين مختلف مكونات المجتمع. وتواجه بلجيكا إضافة إلى ذلك مختلف تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عن الأزمة المالية والنقدية الحالية. وعقدت الحكومة البلجيكية المستقيلة اجتماعا كرسته لمعاينة بعض المسائل العاجلة والعالقة وتتجه إلى اعتماد مجرد جزء بسيط من موازنة العام المقبل وذلك في غياب تسجيل اتفاق بين مكوناتها الحزبية. وإذا ما جنحت الأحزاب السياسية إلى الاتفاق على إرساء حكومة انتقالية فان بلجيكا ستدخل مجددا مرحلة من الضبابية وانعدام وضوح الرؤيا لفترة الأشهر القليلة المقبلة. // انتهى // 1236 ت م