سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بلجيكا تواجه أزمة طائفية.. وقد تتولى الرئاسة الأوروبية دون حكومة!! الملك ألبرت الثاني قبل استقالة حكومة لوترم.. بعد فشل محاولة تجسير الهوة بين الفلمنكيين والفرانكفونيين
قبل عاهل بلجيكا الملك ألبرت الثاني استقالة حكومة رئيس الوزراء ايف لوترم التي أمضت في السلطة خمسة أشهر لتخوض البلاد في أزمة قد تضر بانتعاشها الاقتصادي ومكانتها في أوروبا. وأعلن الديوان الملكي في بيان مقتضب أن عاهل البلاد طلب من لوترم (49 عاما) البقاء في حكومة تصريف أعمال وذلك بعد أربعة أيام من انهيار الائتلاف الحاكم بسبب أزمة بين الأحزاب الناطقة بالهولندية ونظيراتها الناطقة بالفرنسية. وحاول الملك خلال اليومين الماضيين حل الموقف بالتشاور مع زعماء الأحزاب وطلب من وزير المالية ديديه ريندرز وهو من الناطقين بالفرنسية محاولة التوسط في حل الأزمة. وما لم يعلن الملك مبادرة جديدة يبدو ان بلجيكا مقبلة على انتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر في العام المقبل مما قد يضر باستعدادات البلاد لتولي الرئاسة الدورية نصف السنوية للاتحاد الاوروبي والمقررة في يوليو/ تموز المقبل. وعبر اقتصاديون عن قلقهم من ان يضر الشلل السياسي في البلد البالغ تعداد سكانه 10.6 ملايين نسمة بجهود خفض الدين العام. وقدم لوترم استقالته يوم الخميس بعد انسحاب الحزب الفلمنكي الحر من حكومته. وقال الحزب انه فقد الثقة في الائتلاف بسبب عجزه عن حل نزاع بين الاحزاب الناطقة بالهولندية وغيرها الناطقة بالفرنسية على حدود انتخابية حول العاصمة بروكسل. وكان وزير الخزانة ومسؤول الحزب الليبرالي الفرانكفوني ديديه رندرس استأنف اتصالاته مع ممثلي الأحزاب الرئيسة وذلك بعد أربع وعشرين ساعة من قيام الملك البلجيكي ألبرت الثاني بتكليفه بمحاولة أخيرة لإنقاذ الائتلاف الحاكم الذي يترأسه ايف لوترم والذي يواجه معضلة التوفيق بين المطالب الطائفية واللغوية للفرانكفونيين والفلمنكيين في ضواحي بروكسل وهي المسألة التي باتت تهدد بتصدع فعلي للبلاد. وموازاة لاستئناف الوسيط البلجيكي مهمته أعلن مسؤول الحزب الليبرالي الفلمنكي الكسندر ديكرو مجددا انه لا يزال متمسكا بالموعد الذي حدده لانتهاء المشاورات السياسية وقبول الأطراف الفرانكفونية بفصل ضواحي بروكسل والإقرار بانتمائها لمنطقة الفلاندر. وقال ديكرو لمحطة (في آر تي) إن الموعد المعلن لا رجعة عنه. وكان رئيس الحزب الليبرالي الفلمنكي الكسندر دو كرو حذر من ان الكرة أصبحت في ملعب الفرانكفونيين الذين بات عليهم أن يثبتوا في فترة زمنية وجيزة جدا بان التسوية ممكنة. وإذا لم يتحقق ذلك فان الأحزاب الفلمنكية ستمرر الحقوق اللغوية المثيرة للجدل خلال تصويت في مجلس النواب حيث تتمتع بالغالبية. ولم يتمكن وزير الخزانة ديديه راندرس من بلورة صفقة مرضية للطائفتين خلال أيام حيث إن الخلافات المحتدمة والمتراكمة بينهما تعود إلى عدة سنوات. ولذلك فان الملك البلجيكي ألبرت الثاني قبل استقالة الحكومة وطالبها بالاستمرار في أداء عملها لفترة قصيرة مقبلة وتنظيم انتخابات عامة في موعد مقبول. ولكن هذا الحل الذي يخشاه العديد من المحللين البلجيكيين قد ينتج وضعية طائفية أكثر تعقيدا وفي حالة فوز الأحزاب الفلمنكية ذات الاتجاه القومي بأغلبية ساحقة داخل منطقة الفلاندر وتوجه البلاد في هذه الحالة إلى الانفصال. وتمارس العديد من الأوساط حاليا ضغوطا كبيرة على الطائفة الفرانكفونية للقبول بفصل ضواحي بروكسل وفق مطالب الفلمنكيين، وفي إطار التصور الذي طرحه رئيس الحكومة الأسبق جان لوك دوهانة الأسبوع الماضي، ولكن مع تمكين الطائفة الفرانكفونية من تعويضات مالية محددة ومزايا إدارية رمزية. وجرت اتصالات متعددة الجوانب لإقناع الحزب الليبرالي الفلمنكي بتمديد الإنذار الموجه للوسيط السياسي من جهة والى جرّ نفس الوسيط للتخلص من تحالفه مع الجناح المتشدد داخل حزبه من الفرانكفونيين الرافضين لأي هدنة طائفية حاليا والمنتمين إلى تنظيم (أف دي أف) الذي يمثل مصالح زهاء مئتي ألف من الفرانكفونيين في ضواحي العاصمة البلجيكية. كما بدأت الأوساط الأوروبية والأطلسية من جهتها في ممارسة ضغوط موازية وعلنية على البقة السياسية في بلجيكا لمطالبتها بتجاوز الخلافات الطائفية وتجنيب أن تتفشى العدوى الطائفية إلى دول أوروبية أخرى تواجه نفس إشكاليات التعايش بين مكوناتها وتوجد بها مجموعات عرقية ولغوية تطالب علنا بالاستقلال او الحكم الذاتي مثل فرنساواسبانيا وايطاليا وقبرص وعدد من الدول الشرقية. كما يخشى المسؤولون الأوروبيون أنفسهم وفي حالة سقوط الحكومة البلجيكية أن تتولى بلجيكا الرئاسة الدورية الأوروبية مطلع يوليو المقبل بدون وزارة وفي إطار نظام حكومي غير قائم. واتصل رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكنيندة برئيس الحكومة البلجيكية ايف لوترم ليبحث معه في الوضع السياسي في بلجيكا والذي وصفه بالمزعج. وقال وزير الشؤون الأوروبية البلجيكي اولفير شاستال إن بلجيكا قد تضطر إلى تولي رئاسة أوروبا بدون حكومة كما انها ستجبر على مجرد إدارة الشؤون العامة للتكتل ودون تنفيذ برنامجها المعلن والمتمثل في تمرير عدد من التغييرات الجوهرية على الصعيد الأوروبي التي ترافق الإصلاحات المؤسساتية والدستورية المرافقة لاعتماد اتفاقية لشبونة. وقال وزير خارجية اسبانيا ميغويل انجيل موراتينوس الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الأوروبية إن على بلجيكا أن تستنهض نفسها وتبحث عن مخرج سريع وعملي لازمتها الطائفية. وتعمل المفوضية الأوروبية في بروكسل قدر الإمكان على التخفيف من وقع الأزمة البلجيكية على الاتحاد الأوروبي. ويقول الجهاز التنفيذي في بروكسل إن اتفاقية لشبونة راجعت إلى الأسفل مهام الرئاسة الدورية لأوروبا وكرست منصب رئيس دائم للاتحاد، كما ان المجر التي ستتولى الرئاسة الأوروبية مطلع العام المقبل قد تتحمل جزءا من مهام الرئاسة البلجيكية إذا ما اقتضى الأمر ذلك.