بحضور معالي وزير الثقافة والإعلام الأستاذ إياد بن أمين مدني أقيمت اليوم محاضرة بعنوان // بين الثقافة والسياسة // ألقاها وزير الثقافة اللبناني الاسبق الدكتور غسان سلامة ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2007 م وذلك بمركز المعارض في الرياض . وبدأت المحاضرة بكلمة لمديرها عضو مجلس الشورى الدكتور محمد الحلوة قدم فيها للمحاضر مشيرا إلى أنه حصل على الدكتوراه في علم السياسة من جامعة باريس الأولى عام 1978م وله عدة مؤلفات منها // المسرح السياسي في لبنان // الذي صدر باللغة الفرنسية و// هويات لبنان الجريحة // الذي صدر باللغة الإنجليزية و// نحو عقد اجتماعي عربي جديد // وصدر باللغة العربية إضافة إلى مؤلفات أخرى وعدد كبير جدا من المقالات الصحفية والمداخلات للندوات الفكرية وتقلده لعدة مناصب منها وزيراً للثقافة في لبنان وعمله مستشارا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة كما أنه قدم أول تحليل علمي للسياسة الخارجية السعودية قبل أكثر من ربع قرن حينما ألف عام 1980م كتاب بعنوان // السياسة الخارجية السعودية منذ عام 1945 م..دراسة في العلاقات الدولية // . عقب ذلك قدم الدكتور غسان سلامة محاضرته التي بين فيه مستهلها أن من أهم سياسات النظام الدولي هو سيطرة التيارات / الثقافوية / أي المبالغة في تقدير تأثير الثقافة على السياسة مشيرا إلى أنه يلاحظ في بعض المجتمعات أن هناك نوعا من العودة للمعيار الثقافي كمعيار أساسي في فهم التحولات السياسية على الأقل في حالتين الأولى عندما تسقط الإيدولوجيات التي كانت تبدو صلبة وسائدة والحالة الثانية عندما يبدو العالم كأنه يسير بوتيرة أسرع من السابق . واستشهد بنمو الثقافوية في هذا العصر بالدفاع عن اللغات حيث اندثرت خلال القرن العشرين أكثر من 4000 لغة وفي المرحلة الحالية هناك لغات قد تبدو كأنها تهمش قبل اندثارها وهناك وعي مفاجئ بذلك أدى إلى توقيع معاهدة هي معاهدة الدفاع عن التنوع الثقافي التي وقعت في اليونسكو خريف 2005 م لافتا بالإضافة إلى استشهاده بمثال آخر هو ثقافة الإدارة ومنها النظر إلى تخلف إدارة ما بالثقافة الذاتية لتلك الإدارة وهذا التفسير لم يكن موجودا في علم الإدارة منذ عشرين عاما بعكس ماهو حاصل حاليا . كما سلط الضوء على تحليل التخلف والتنمية والثراء والفقر بالنظر إلى الثقافة حيث صدر عام 1998 كتاب لاقى رواجا هائلا وترجم إلى أكثر من عشرين لغة وهو كتاب المفكر ديفد لاندز عن الاقتصاد والذي عرف بنظرية لاندز الجديدة والتي تقول / إذا كان هناك مجتمعات غنية ومجتمعات فقيرة في عالم اليوم فذلك بسبب الثقافة / ذاكرا أن هناك تفسيرا ثقافيا لعلم الاجتماع أيضا ومن ذلك ظاهرة تعدد الثقافات ذات المجتمع الواحد . واشار الدكتور غسان سلامة إلى أن هناك سيطرة للتفسير الثقافي في تفسير الحروب الراهنة في العالم حيث عد الباحثون منذ سقوط حائط برلين 143 حربا نشبت في نحو 17 عاما منذ ذلك الحين وأن العدد الأكبر من تلك الحروب كانت حروبا أهلية وفسرت تلك الحروب الأهلية بعدة تفسيرات أهمها أن هذه الفئات المتحاربة مختلفة ثقافيا بعضها عن بعض وبالتالي فإن الهوة الثقافية التي تفصلها هي التي تؤدي إلى تلك الحروب الأهلية مستشهدا بكتاب صامويل بيهن الذي يتكلم عن صراع الحضارات حيث عده مجرد أدلجة لهذه الغلبة للفكر الثقافوي على تفسير الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والسياسية . واوضح أن هذا الجنوح نحو الثقافوية في تفسير الظواهر لاسيما السياسية منها يعد أمرا خطيرا حيث أن هذه النظرية تترافق مع تراجع مستمر للمثقف في أغلب المجتمعات مؤكدا أن التشبث بالهوية أمر طبيعي غير أن الهوس بالهوية هو الأمر الخاطئ . ونبه الدكتور غسان سلامة إلى أن الخطر الأساسي على استقلالية المثقف يكمن في تحول الثقافة إلى سلعة بمعنى اللحاق بما يطلبه العالم واعتبار انتاجه سلعة مفسرا ذلك أن الصناعات الثقافية للعام الماضي في بريطانيا جاءت في المرتبة الأولى مثل الأشكال الهندسية وتعليم اللغة الإنجليزية وغيرها مما يعني أن الثقافة إلى حد كبير أصبحت تفسر كسلعة من السلع مشيراً إلى أهمية توفر الخبرة والالتزام لدى المثقفين حيث إن الصراعات تغيرت مفرداتها ولم تتغير في جوهرها . عقب ذلك فتح باب الأسئلة والمداخلات للحضور . حضر المحاضرة عدد من المسئولين في وزارة الثقافة والإعلام وعدد من أساتذة الجامعات والأدباء والمهتمين . // انتهى // 2236 ت م