وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود حفظه الله بانشاء مركز مالي متطور في مدينة الرياض يضم جميع المؤسسات المالية العاملة في القطاع . جاء ذلك في الكلمة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين لندوة / بناء المستقبل / التي افتتحت اليوم في فندق الفيصلية بالرياض تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين وتنظمها وزارة المالية وهيئة السوق المالية والهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع مؤسسة اليورومني. وفيما يلي نص كلمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي ألقاها نيابة عنه معالي وزير المالية الدكتور ابراهيم ين عبدالعز العساف .. أصحاب المعالي والسعادة الحضور الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرحب بكم جميعا وأشكر للجهات المنظمة وبالتعاون مع مؤسسة يورومني جهودها في الاعداد والترتيب لهذا المؤتمر وحسن اختيار موضوعه فبناء المستقبل هدف كل أمة اذ لا مكان لأمة لا تهتم ببناء مستقبلها . الحضور الكريم نحن شعب مؤمن بربه وهذا الايمان يدفعنا لنعمل ليومنا ولغدنا. ففي الوقت الذي نجني فيه ثمار ما غرسه الأباء والاجداد مطلوب منا ان نغرس ليجني أبناؤنا وأحفادنا . ان بناء المستقبل يبدأ من الحاضر وما نرغب أن يكون عليه مستقبلنا مرتبط بعد توفيق الله بما نتخذه اليوم من سياسات . من هنا نحرص في المملكة على أن تكون سياساتنا مدروسة الاثار والنتائج حاضرا ومستقبلا فلا نرهن مستقبل أجيالنا لرغد الجيل الحاضر كما لا نحمل الجيل الحالي المعاناة لرغد الاجيال القادمة فنحن نعمل بتوازن بين الحاضر والمستقبل ولرغد أجيال الحاضر والمستقبل . الحضور الكريم كان اداء اقتصادنا خلال العام الماضي جيدا اذ نما الاقتصاد بمعدل حقيقي تجاوز ستة ونصف بالمئة وبشكل خاص كان اداء القطاع الخاص متميزا حيث نما بحوالي سبعة بالمئة وحققت الميزانية الحكومية فائضا كبيرا وقد تم ذلك بفضل الله ثم نتيجة لتحسن الايرادات النفطية كما بدأنا نجني ثمار برنامج الاصلاح الاقتصادي ونتوقع استمرار الاداء الاقتصادي الجيد . واستمرارا في تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي الهادف الى تعزيز هيكل الاقتصاد الوطني وتنويعه فقد تم خلال العام الماضي الموافقة على العديد من الانظمة والاجراءات التي من شأنها تعزيز البيئة الاستثمارية ومنها الترتيبات التنظيمية لاجهزة القضاء وفض المنازعات ونظام العمل ونظام الكهرباء وتشكيل مجلس لحماية المنافسة العادلة . وفي هذا السياق جاءت توجيهاتنا في العامين الماضيين بتخصيص فائض الميزانية لتمويل مشاريع حيوية للتنمية ولرفاه مواطنينا في قطاعات (النقل و الصحة و التعليم و التدريب والمياه) وكذلك لتعزيز رؤوس أموال صناديق التنمية العقارية والصناعية وبنك التسليف السعودي وما تبقى وجه لتسديد جزء من الدين العام والذي سنواصل جهودنا لخفضه حتى يصل الى المستويات المقبولة اقتصاديا وبما لا يؤثر سلبا على مسيرة التنمية الاقتصادية ولا يرهن مستقبل أجيالنا القادمة . اننا نؤلي الاستثمار في البنية الاساسية الاهتمام الذي تستحقه باعتبارها العوامل الضرورية للنمو والتنمية حاضرا ومستقبلا كما سنستمر وبشكل خاص بالاهتمام في الاستثمار في العنصر البشري فالثروة الحقيقية لآي أمة هي أبناؤها وذلك بالتركيز على التعليم والتدريب خاصة التخصصات والمهارات التي يتطلبها الاقتصاد. كما تكللت ولله الحمد جهودنا للإنضمام لمنظمة التجارة العالمية بالنجاح ونتطلع إلى أن تكون هذه العضوية عاملاً يسهم في تطوير اقتصادنا وأن نكون عضواً فاعلاً في صياغة قواعد النظام التجاري الدولي بالتعاون مع أعضاء المنظمة الاخرين. ومما يبعث على الرضا أن الالتزامات التي إلتزمت بها بلادنا جاءت متوافقة مع أوضاعنا الاقتصادية وغير متعارضة مع قيمنا ومبادئنا. الحضور الكريم . على الرغم مما حققته بلادنا خلال الثلاثة عقود الماضية من تنمية بشرية ومادية متميزة قياساً بالفترة الزمنية إلا أن طموحاتنا وطموحات مواطنينا تتجاوز ذلك. ولذلك يعمل على بناء إقتصادنا ليكون إقتصادا متنوعاً ومزدهراً ورائداً إقليمياً ودولياً يحقق تطلعات المواطنين بغد أفضل. ونحن على وعي وإدراك للتحديات التي تواجه اقتصادنا ومها تطوير الموارد البشرية وتعزيز القدرة التنافسية لإقتصادنا وتطوير المؤسسات والإدارة وتوفير فرص العمل المجزية لراغبي العمل من المواطنين .والإستخدام الأمثل لقوة العمل الوطنية وتحقيق التنمية الموازنة بين المناطق وحفز النمو في المناطق الأقل نمواً وبما ينسجم مع ميزاتها النسبية وتوفير بيئة مغرية وجاذبة للإستثمار. الحضور الكريم إن مواجهة هذه التحديات يتطلب منا العمل المتواصل لإستكمال بناء مقومات التنمية المستدامة واستمرار منهجنا في الإصلاح الاقتصادي وذلك بالتطوير المؤسسي والإداري في القطاع الحكومي وتعزيز شفافية العمل والإجراءات وتحسين بيئة الاستثمار واتباع سياسات مالية ونقدية داعمة للنمو مع المحافظة على استقرار الاسعار وتطوير السوق المالية لتكون وسيلة فاعلة في توسيع وتنويع مجالات الاستثمار وتعزيز الشفافية والعدالة والحماية للمتعاملين فيها . وفي إطار الجهود المبذولة لتطوير القطاع المالي سيتم إنشاء مركز مالي متطور في مدينة الرياض يضم المؤسسات المالية العاملة في القطاع مع استمرار مراجعة هيكلة القطاع وأطره التنظيمية من أجل التطوير المستمر المتوافق مع حاجات الاقتصاد المحلي وتعزيزا لقدراته التنافسية إقليمياً ودولياً والاستمرار كذلك بتشجيع القطاع الخاص لزيادة إسهامه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تطوير شراكة فاعلة بين القطاعين الحكومي والخاص واستكمال الاطر التنظيمية والرقابية اللازمة لذلك. كما اننا مستمرون في الانفتاح الاقتصادي وتعزيز التفاعل البناء مع العالم الخارجي بما يخدم مصالح بلادنا ويعزز تواجدها على الساحة الدولية. وفي الختام اتمنى لمؤتمركم النجاح متطلعاً الى ما سيخرج به من توصيات ومقترحات بناءة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. // يتبع //