شارك معالي النائب العام الشيخ سعود بن عبدالله المعجب في مؤتمر النيابة العامة الأردنية بعنوان "العدالة التصالحية في السياسة الجنائية المعاصرة"، بحضور عدد من أصحاب المعالي النواب العموم لبعض النيابات العامة بالدول العربية، وما يزيد عن 200 مشارك من النيابات العامة العربية والقضاة والمحامين والخبراء المتخصصين في مجال العدالة التصالحية وممثلي العديد من المنظمات الدولية ومنتسبي الأجهزة الأمنية، فضلًا عن عددٍ من الأكاديميين والطلبة الباحثين في مجالات العدالة الجنائية. وألقى معاليه اليوم كلمة أكد فيها أن الأمن المجتمعي ضرورة من ضرورات الحياة ومطلب للجميع، مشيراً إلى أن للعدالة الجنائية التصالحية دورًا فعَالًا في مواجهة الآثار التي تخلفها الدعوى الجنائية التقليدية وذلك في حماية وتعزيز دور الأسرة نواةً أساسيةً للمجتمع، ولا يقتصر دورها على ذلك بل أسهمت في تخفيف العبء عن القضاء بعدم إثقال كاهل المحاكم والأجهزة القضائية بقضايا من الممكن أن تنهى صلحاً قبل أن تصل للقضاء. وكشف أن المملكة العربية السعودية قدمت نموذجًا مشرفًا في تطبيق العدالة الجنائية التصالحية سعيًا منها لحفظ المجتمع واستقراره بإيجاد السبل الكفيلة بحل النزاعات الأسرية بعيداً عن أروقة النيابة العامة والمحاكم, مشيرًا إلى القرار الصادر في عام 2018م الذي يقضي بإنشاء وحدات الصلح الجنائي البالغة حاليًا (63) وحدة شملت مناطق المملكة و محافظاتها يعمل بها (173) متخصصًا من أصحاب الفضيلة أعضاء النيابة العامة ومتخصصين ومختصات في العلوم الاجتماعية والنفسية، الذين دربوا وهيئوا على مباشرة إجراءات الصلح الجزائي في الدعاوى داخل نطاق الأسرة أو ما يجمع أطرافها من علاقة اجتماعية. وأوضح أن وحدات الصلح الجنائي عالجت منذ إنشائها أكثر من (48) ألف قضية، عبر جلسات اجتماعية ونفسية حضورية وعن بعد, مشيراً إلى أن هذا المشروع انبثق بدعم من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- من رؤية مفادها إصلاح مجتمعي يقدم بطريقة مهنية للمستفيدين بما يكفل تحقيق الاستقرار الاجتماعي والمساعدة في حل الخلافات، وإمكانية إصلاح الضرر الناتج عن الجريمة وإعادة تأهيل مرتكبها ومساعدته على الاندماج في المجتمع وقبل ذلك حماية حقوق المجني عليه والضمانات المقررة لذلك. وأشار النائب العام إلى أنه ومع تسارع وتيرة الحياة أدركت المؤسسات العقابية وجهات إنفاذ الأحكام الجزائية أن مفهوم (العدالة الجنائية التصالحية) محققاً للمعاني الاجتماعية، ومراعياً للغايات التأهيلية والبرامج الإصلاحية, إضافة إلى أن الصلح في المملكة العربية السعودية لا يقتصر على الصلح الجزائي، بل امتد إلى محاكم الأحوال الشخصية، من خلال تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع في قضايا الأحوال الشخصية، وأثمرت هذه التجارب ولله الحمد وانعكست بشكل إيجابي على المجتمع. وفي ختام كلمته أكد معاليه دور القيادة الرشيدة في دعم كل ما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار والأمن المجتمعي للدول الشقيقة والصديقة، وعلى التزام النيابة العامة بالدور الإنساني والسعي لحفظ المجتمع واستقراره مع استمرار العمل على تحسين الخدمات المقدمة والمحافظة على جودة الأداء وتقديم أفضل المبادرات التي تهدف إلى الحفاظ على كيان المجتمع والأسرة وتوفير البيئة الاجتماعية الآمنة. يذكر أن المؤتمر ينعقد في الفترة من 19-21 يناير الجاري بمركز الملك الحسين بن طلال بمنطقة البحر الميت بالمملكة الأردنية الهاشمية، ويهدف إلى بحث مفاهيم العدالة التصالحية في السياسة الجنائية المعاصرة، القائمة على المصالحة والتوفيق بين أطراف النزاع الجنائي بوصفها أسلوبًا مستحدثًا في إدارة الدعوى الجنائية وتطورًا من فكرة العدالة العقابية إلى العدالة التوافقية الرضائية في فض المنازعات الجنائية، بما يدعم منظومة العدالة الجنائية في مواجهة الجريمة والحد من آثارها.