أكد معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان أن تحقيق التنمية الشاملة وتوفير فرص عمل وأعمال جديدة ورفع جودة حياة المواطنين والمقيمين هي الأولوية القصوى للحكومة. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده معاليه اليوم بمناسبة إعلان الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1444 / 1445ه (2023م)، مبينًا أن الميزانية تؤكد حرص الحكومة على الحفاظ على الاستدامة المالية، ومواصلة العمل على تعزيز مبدأ الشفافية والإفصاح، وتبني سياسات متسقة لمواجهة الأزمات العالمية، والسعي نحو تمكين القطاع الخاص من قيادة النمو الاقتصادي على المدى المتوسط. وأكد عزم الحكومة خلال العام القادم والمدى المتوسط مواصلة جهودها في رفع كفاءة الإنفاق والضبط المالي، حيث تستهدف تحقيق التنمية الشاملة على المستويين المناطقي والقطاعي، وتطوير القطاعات الواعدة التي تسهم في تحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية على المديين المتوسط والطويل، وتوطين الصناعات العسكرية، مع الاستمرار في تنفيذ برامج ومبادرات منظومة الدعم والحماية الاجتماعية، حيث تشير التقديرات الأولية لعام 2023م إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 3.1%. وأفاد معاليه أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي شهدتها المملكة أسهمت في مواصلة دفع عجلة النمو على الرغم من التحديات والأزمات المختلفة التي تواجه اقتصادات العالم التي تؤثر على مسار نمو الاقتصاد العالمي وآفاقه المستقبلية كأزمة الغذاء والتضخم وتعطل سلاسل الإمداد والاضطرابات الجيوسياسية؛ منوهاً بالاهتمام الذي توليه الحكومة للتخفيف من حدة الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن تلك الأزمات وذلك من خلال الخطوات الاستباقية التي اتخذتها وكذلك حزم الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي امتازت بالموازنة بين متطلبات زيادة الإنفاق وضمان الحفاظ على الاستقرار المالي وتحقيق الاستدامة المالية وذلك لدعم التعافي الاقتصادي، فضلاً عن تبنيها العديد من المشاريع الإستراتيجية وزيادة اعتمادات برامج الحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى زيادة المخزونات الإستراتيجية للمواد الأساسية، علاوةً على التعجيل بتنفيذ بعض البرامج والمشاريع للمضيّ قدماً بتحقيق رؤية المملكة 2030؛ مشيرا إلى توقعات الميزانية بانخفاض نسبة التضخم لعام 2023م إلى 2.1% ومن المتوقع أن يُصبح في مستوياته الطبيعية على المدى المتوسط. وأوضح أن الشراكة بين الجهات الحكومية أسهمت في إجراء العديد من الإصلاحات في عملية إعداد الميزانية العامة للدولة ورفع جودة تنفيذها، كما عزّزت الشراكة مع القطاع الخاص فرص تمكينه ليكون المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي، والمساهم الأكبر في توفير فرص العمل للمواطنين. وأشار إلى أنه يُتوقع أن يبلغ رصيد الدين العام 951 مليار ريال (أي ما يعادل 24.6% من الناتج المحلي الإجمالي) في عام 2023م مقارنة ب 985 مليار ريال (أي ما يعادل 24.9% من الناتج المحلي الإجمالي) لعام 2022م، لافتاً إلى أنه من المتوقع الاستمرار في عمليات الاقتراض المحلية والخارجية بهدف سداد أصل الدين المستحق خلال العام 2023م وعلى المدى المتوسط، واستغلال الفرص المتاحة حسب أوضاع السوق لتنفيذ عمليات تمويلية إضافية استباقية لسداد مستحقات أصل الدين للأعوام القادمة، ولتمويل بعض المشاريع الاستراتيجية، بالإضافة إلى استغلال فرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل بهدف تمويل الإنفاق التحولي للمشاريع الرأسمالية والبنية التحتية. ونوه إلى أنه من المقدر أن يبلغ رصيد الاحتياطيات الحكومية نحو 399 مليار ريال بنهاية عام 2023م، وذلك نتيجة لتعزيز الاحتياطيات بجزء من الفوائض بهدف المحافظة على مستويات آمنة من الاحتياطيات الحكومية لتعزيز المركز المالي للحكومة وقدرتها على التعامل مع الصدمات الخارجية. وبين معاليه أن بيان الميزانية الصادر مؤخراً يعكس توجهات الحكومة في تعزيز مستوى الإفصاح المالي، وترسيخ مبدأ الشفافية حول أداء المالية العامة في المملكة وسياساتها، من خلال نشرها للتقارير ربع السنوية والتقرير نصف السنوي للأداء المالي والاقتصادي، بالإضافة إلى البيان التمهيدي، ونسخة المواطن. وحيال محركات النمو في المدى المتوسط أفاد معالي وزير المالية أنه تم تكثيف جهود وتعزيز الدور التنموي للقطاع الخاص بما في ذلك الشركات الكبرى والمنشآت المتوسطة والصغيرة من خلال العديد من المبادرات الداعمة للقطاع الخاص تمثلت في رفع نسبة المحتوى المحلي في المشاريع الكبرى وتطوير الصناعة الوطنية وتحفيز قطاع السياحة والصادرات الوطنية. وأبان أن التحسن الاقتصادي في المملكة جاء على الرغم من التحديات المتعلقة بسلاسل الإمداد العالمية التي انعكست على أسعار الوقود والمواد الخام، إلا أن مستويات التحسن الاقتصادي استمرت في الارتفاع مدعومةً بتحسن ظروف الطلب نتيجة تعافي النشاط التجاري وتحسن ظروف الأعمال الجديدة. وتناول الدور المحوري للإستراتيجية الوطنية للاستثمار التي تستهدف ضخ 12 ترليون ريال في الاقتصاد الوطني حتى عام 2030م، بما يدعم نمو الاقتصاد الوطني، من خلال إطلاق المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية مبادرة (جسري) وإصدار نظام الاستثمار الجديد، حيث تهدف الاستراتيجية إلى تعزيز مكانة المملكة بصفتها قوةً صناعية ومركزاً لوجستياً عالمياً، وإيجاد فرص نوعية محفزة للمستثمرين الأجانب. وتحدث معاليه عن دور الممكنات الاقتصادية الداعمة للقطاع الخاص، والبرامج التي يقوم بها كل من صندوق الاستثمارات العامة. وعن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة أبان معاليه أنها تستهدف الوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار ليسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية. بعد ذلك أجاب معالي وزير المالية على أسئلة الصحفيين ففي سؤال حول التحسن في مستوى الميزانية مؤخرا وأن ذلك عائد لأسعار البترول ليس انعكاسا لجهود الحكومة, أوضح معاليه أن الإيرادات النفطية كان لها دور في ذلك، مؤكدًا أن السياسات والإصلاحات الهيكلية التي تمت خلال السنوات الخمس الماضية دور فاعل من تخفيف حدة التذبذبات في مستوى الإيرادات الحكومية وأن الإيرادات غير النفطية كانت تشكل تقريباً 8.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2016م، وسننهي هذا العام تقريبا على مستوى 16.9%، حيث كانت الإيرادات النفطية تغطي في 2015 – 2016 م 90% من الميزانية وانخفض إلى 65%، مبيناً أن الإيرادات النفطية كان لها دور لكن الإصلاحات الهيكلية ولها دور مهم جدا ومتنامي فمع نمو الاقتصاد تنمو الإيرادات غير النفطية فتغطي جزء أكبر من الميزانية. وأشار إلى أن الحكومة عملت مبادرات متميزة لرفع مستوى كفاءة الإنفاق وتخصيص الإنفاق على الأولويات الإستراتيجة التي تمكن من نمو الاقتصاد والقطاع الخاص وإيجاد فرص أعامل متعددة للرياديين، مبينا أنه تم إنشاء أكثر 270 ألف منشأة خلال 2202م التي جاءت لوجود فرص أعمال تم إيجادها بسبب تلك المبادرات، مبيناً أن الحكومة تعمل بتركيز كبير على توجيه الصرف إلى مشاريع واستراتيجيات تحقق عائد وخدمة أفضل للمواطنين ونتائج وفرص للقطاع الخاص والوظائف. وحول فوائض الميزانية وهل ستسهم في دعم المواطنين، أكد أن ما يتم صرفه على الميزانية هو دعم للمواطن وتنمية الاقتصاد ويثبت ذلك الصدمات التي واجهها العالم وكيف تعاملت معها الحكومة، مشيراً إلى أن الاستراتيجيات وتنفيذ التمكين والتحسينات التي تتم على الخدمات الحكومية تمس كل مواطن والفرص التي يتم إيجادها لرواد الأعمال يستفيد منها المواطنين والمواطنات مباشرة وتسهم في توفير الوظائف. وفيما يتعلق بضريبة القيمة المضافة، قال معاليه:" لو نلاحظ ما تم خلال ال 9 سنوات السابقة وبسبب التذبذبات الكبيرة في الإيرادات اضطرت الحكومة لاستخدام مخزون كبير من الاحتياطات التي كانت لديها لسد العجز في الميزانية باستخدام ترليون ريال لذلك، واستدانة 985 مليار خلال نفس الفترة لنفس السبب وأيضاً لدعم وتمويل القطاع الخاص، لذلك فإن استخدام ترليوني ريال على مدى 9 سنوات التي كانت صعبة ماليا وتمكن الحكومة من إدارتها بكفاءة عالية ويتحقق فائض لسنة واحدة، ليس من الحكمة تغيير السياسات المالية والعالم يشاهد تقلبات كبيرة ونحن جزء منه, فليس من الحكمة تغيير السياسات باستعجال إلى أن نتأكد أن لدينا القاعدة الاقتصادية القوية ووفرنا احتياطات أكبر لنعيد النظر في السياسات المالية سواء الضريبة أو غيرها. وأوضح معاليه أن البطالة بدأت في توجه منخفض وهذا نتيجة الجهود التي تقوم بها الحكومة والعمل المشترك مع القطاع الخاص، وشهدنا انخفاض متسارع على مستوى البطالة فكانت نسبة البطالة في نهاية 2021 م، 11%، وفي الربع الثاني انخفضت إلى 5.8 % على مستوى المملكة وعلى مستوى السعوديين 9.7 % وهي الأقل نسبة في عشرين سنة الماضية. وأبدى معاليه تفاؤله من قدرة الاقتصاد السعودي على توفير المزيد من فرص العمل وفرص الأعمال، والجهود التي يقوم بها صندوق الاستثمارات العامة حيث وفرت الشركات التابعة للصندوق 500 ألف وظيفة بسبب التركيز على السعوديين، منوهًا بالدور الكبير الذي يقوم به صندوق التنمية الوطني من دعم وتوسيع للقطاع الخاص لتوفير المزيد من الوظائف. وأبان معاليه أن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن التضخم بلغ نسبته 8.8 % وسينخفض في العام القادم إلى 6.8 % على مستوى العالم، وأن سبب عدم وصول التضخم إلى المملكة الذي يقدر ب 2.6%، هو التدخل الحكومي المبكر، والعامل الرئيسي في ارتفاع مستويات التضخم كانت أسعار الطاقة، ووضعت الحكومة سقف خلال العام الماضي أوقف التضخم في أسعار الطاقة وحد من ارتفاع التضخم في المملكة. وأشار إلى أن المملكة اتخذت إستراتيجيات استباقية خصوصاً فيما يتعلق بالغذاء، فاستراتيجية الأمن الغذائي استثمرت فيها الحكومة المليارات، وضخت المليارات لدعم القطاع الخاص لرفع المخزون وبالتالي لن يكن هناك تضخم. ونوه معالي وزير المالية أن العنصر الذي ساعد بشكل مهم في عدم وصول التضخم العالمي للمملكة هو ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي وارتفاع سعر الريال والدولار مع العملات الأخرى، فسعر الصرف قلص بشكل كبير من استيراد هذا التضخم. وأكد الأستاذ الجدعان أن الحكومة مستمرة في العمل مع القطاع الخاص ومنها دعم مربي الماشية ومنتجي الدواجن والمستوردين، وتدخلت هذا العام ووفرت مبادرات تسهم في توفير مخزون إستراتيجي كاف وفي حال انخفاض الأسعار يتم تعويض التاجر. وفيما يتعلق بمستويات النمو أوضح معالي وزير المالية أن رؤية المملكة 2030 تعتمد بشكل أساسي على تنويع القاعدة الاقتصادية، ويعني ذلك عدم الاستمرار في مصدر واحد للدخل، مفيدًا أن البترول نعمة من الله وسيتم استغلاله بشكل جيد ولا كنه متذبذب في أسعاره، وبالتالي جاءت الرؤية لتنويع القاعدة الاقتصادية لكي لا نكون حبيسين لسلعة واحدة. وأبان أن ما يتابع بشكل يومي هو الناتج المحلي الإجمالي لنشاط القطاع الخاص كونه يعكس تنوع القاعدة الاقتصادية، مفيدًا أن القطاع الخاص سينمو بنسبة 5.9%، متوقعًا على المدى المتوسط استمرار النمو ، مبينًا أن سبب رفع الناتج المحلي الإجمالي هذا العام شقين الناتج المحلي النفطي بنسبة 19% والناتج المحلي لنشاط القطاع الخاص 5.9%. وبين أهمية أن تكون المالية العامة قادرة على التعامل مع الصدمات، ولمسنا ذلك عام 2020 في جائحة كورونا، وكذلك التعامل مع صدمات أسعار البترول في السنوات التي سبقتها واستطعنا التعامل معها بمرونة عالية وسنستمر في ذلك، مفيدًا أن الفوائض يتم تخصيصها في نهاية العام والعنصر الأساسي سيذهب إلى الاحتياطيات الحكومية لتعزيزها وسيتم تقريرها بقرار نهائي في الربع الأول من قبل مركز الحكومة في اللجنة المالية، وجزء سيذهب إلى صناديق التنمية الوطنية، وصندوق الاستثمارات العامة وتعجيل المبادرات الإستراتيجية. وبشأن الوضع على مستوى المنطقة، أفاد معالي وزير المالية أن المملكة جزء من العالم والمنطقة ولها اهتمامات فيها، منوهاً بما يتعلق بتجديد الوديعة لباكستان ومصر وتركيا، واستثمارات صندوق الاستثمارات العامة في العديد من الدول. وفيما يتعلق بالإنفاق في الفترة الحالية وماذا يستهدف، أكد الأستاذ الجدعان أن التركيز سيكون على تمويل الإستراتيجيات والمشاريع، منها الخدمات الطبية والتعليمة وصيانة الطرق وتشغيلها. وحول جانب التخصيص بين معاليه أن التخصيص هو تمكين القطاع الخاص بأن يقوم بشكل أفضل فعنده القدرة بالقيام في تنفيذ المشاريع بديناميكية بسرعة أكبر وبتكلفة أقل، حيث ينظر للمشاريع على هذه المعايير، والقيمة المثلى التي تأتي للمال العام من تكليف القطاع الخاص بالقيام بهذا المشروع أو هذه الخدمة. وأوضح أن استراتيجية التخصيص على وشك الانتهاء فخلال السنتين الماضية تم الانتهاء من العمل الأساسي وهو العمل التشريعي والقواعد واللوائح والنظام، ومع ذلك استمرت عملية التخصيص وشاهدنا نجاحات شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص وجرى توقيعها في مجالات متعددة، منها الموانئ والتحلية والمياه والصرف الصحي والقطاع الصحي والخدمات اللوجستية وغيرها، متوقعاً نشر قوائم المشاريع التي تم تخصيصها في الربع الأول من العام القادم وتصل إلى 200 مشروع في مستويات مختلفة. وبشأن المحتوى المحلي، أوضح معاليه أن المحتوى المحلي يعتمد على سياسات حكومية بدأت بتعديل نظام المنافسات والمشتريات الحكومية ووضع حدود دنيا للمحتوى المحلي وإنشاء هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية للعمل على تحديد ماهي المشتريات والعقود والمنافسات والخدمات التي تتوفر في القطاع الخاص المحلي التي يمكن أن إلزام المتعاقدين مع الحكومة في المشتريات الحكومية بتوفيرها من المصانع المحلية أو موفري الخدمات المحلية.