إعداد / محمد آل طفيل ارتبط فصل الشتاء بدرب زبيدة التاريخي لتعلن هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبد الله الملكية "إتبا" عن موسم تاريخي وثقافي يرتبط بقرية لينة وما جاورها، وتفتح صفات التاريخ من جديد لتخبرنا بمنهل المياه عند العرب قبل الإسلام وهي من مياه بني أسد، لارتباطها التاريخي أيضاً بأيام سيدنا سليمان بن داود -عليه السلام- وأنه مر بها في أحد أسفاره. ويروي شتاء درب زبيدة تاريخ المراكز المهمة على الطريق التجاري وطريق الحاج، وأهم مقومات البقاء بها، مما أدى إلى نشوء مركز تبادل تجاري أصبح سوقاً شهيرة يقصده تجار المنطقة وتجار العقيلات الذين كانوا يجلبون البضائع من المناطق القريبة كالعراق والشام، وكذلك البادية المارين بالمنطقة. وفي هذه الأماكن الغنية بحكايات البوادي والقوافل والمسافرين والثقافات المتنوعة يوثق الرواة والباحثون والزوار سلسلة قصصية ستثري الجانب الثقافي. وحول بوابة الشمال قرية لينة التي تقع حالياً إلى الجنوب وتبعد عنمن محافظة رفحاء ها قرابة 105 كيلومترات، يشاهد الزوار الآبار التاريخية والآثار والمظاهر الطبيعية الساحرة، ويستمتعون بالإقامة في مخيمات سياحية تحمل عبق الماضي المزينة بحداثة الضيافة العربية المعاصرة. واشتهرت لينة بموقعها الإستراتيجي كونها تقع على طريق القوافل القادمة من المشرق الإسلامي ومن العراق وهي قريبة من الدرب الشهير درب زبيدة. وتقع لينة في طرف الصحراء الشمال الشرقي من نوازي الدغم التي هي امتداد لرمال الدهناء. يعدّ قصر لينة من المعالم التاريخية البارزة في المنطقة، بل إنه أهم معالم المنطقة، حيث أمر الملك عبد العزيز بإنشائه عام 1353ه، وقد جُلب لهذا القصر مواد البناء من حائل والمناطق القريبة منه وبني القصر من المواد التقليدية وهي الطين واللبن والأحجار والقش وجذوع النخيل، ويوجد في جدار القصر كتابة تبيّن تاريخ بناء القصر وتأسيسه. وعن أسباب بناء القصر في لينة بالتحديد أشارت دارة الملك عبدالعزيز التاريخية، إلى أن الملك عبدالعزيز – رحمه الله – حرص على ضرورة وجود موقع للحافظ على الأمن والاستقرار في الشمال وتوفير الحماية لقوافل التجارة فكانت لينة موقعاً إستراتيجياً لتعزيز الأمن ونشر التنمية والحفاظ على قوافل التجارة القادمة من العراق والكويت، واستخدم القصر لضيافة زوار المملكة، وفيه ساحة للفعاليات والبرامج آنذاك، الذي سيكون متاحاً للاطلاع على أهم مقتنيات القصر والصور التي تعبر عن ماضيه. وتبلغ مساحة القصر 4320 متراً مربعاً، ويتسم بروعة بنائه وجماله الهندسي كونه مربع الشكل يحتوي على أربعة أبراج دائرية الشكل في أركانه الأربعة تستخدم للحراسة والمراقبة، ويتوسط القصر بوابة كبيرة مصنوعة من خشب الأثل، أما في داخله فقد قسم إلى غرف خاصة لسكن الأمير آنذاك وأسرته وغرف خاصة للضيافة واستقبال العامة، وإجمالي الغرف فيه 55 غرفة، ويوجد به مسجد بني على الطراز التقليدي وسقف من سعف النخيل، كما يوجد في القصر أيضاً بئر قديمة، وإسطبل مخصص للخيل وفي وسطه فناء واسع تطل عليه معظم الغرف. مما يذكر أن هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية تعد وجهة سياحية بيئية فريدة بتراثها الغني وطبيعتها الخلابة تقدم نهجاً منظماً للحفاظ على المنطقة وتطويرها والمحافظة عليها، وتتميز بغطائها النباتي ووجود العديد من النباتات والأشجار، إضافة إلى الحيوانات والزواحف.