حتماً لم تلح حتى في أفق مالك الإبل العراقي "ممدوح الخزعلي" قبل سنوات، مجرد فكرة عابرة، بأن يعقد العزم وبحماس وحرص كبيرين لقطع كل هذه المسافة، باتجاه (الصياهد) في قلب نجد، علاوة على أن يسوق في رحلته هذه عشر فرديات من إبله، منطلقاً من مزرعته الخاصة، بأرض دجلة والفرات، من العراق الشقيق، آملاً في تسجيل حضور لافت والمنافسة بشرف في النسخة الخامسة من مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، وتحديداً في منافسات "مزاين الإبل". تلك الفكرة في حقيقة الأمر تبلورت لتصبح حُلُماً طالما راود "الخزعلي" طوال عام كامل، بل زاد ذاك الحلم إلحاحاً، حتى بات هدفاً ماانفك يَعِدُّ لتحقيقه عاشق الإبل العراقي هذا العدة، يدفعه شغف كبير للإنجاز، فكان قراره الذي يصفه بالتاريخي، إذ تقدَّم للمشاركة في منافسات "المزاين" في فئة الفرديات دق وجل، والرهان على 10 من إبله، مخصصاً منها 3 فرديات من لون "الصفر"، و3 من لون "الوضح"، و1 من لون "الشعل"، و1 من لون "الشقح"، و1 من لون "الحمر"، وفردية جل من لون "الوضح". مالك الإبل العراقي "الخزعلي" يروي تفاصيل علاقته بهذا المهرجان الذي وصلت شهرته إلى العالمية، بوصفه له بالمهرجان الأضخم والأشهر للإبل عالمياً، مستطرداً في سرد حكاية هذه المشاركة، التي بدت ملامحها تتضح له بعد زيارته لفعاليات ومنافسات النسخة الرابعة من المهرجان في العام الفائت، تلبية لدعوة كريمة من صديقه مالك الإبل "محمد السبيعي"، الذي شجّعه وأذكى فيه روح الحماسة للمشاركة، وزاد حسن التنظيم جديته وإصراره على أن تكون نسخة هذا العام موعداً للحضور كمشارك ومنافس لا التواجد كضيف قابل مضيّفه الكريم بكريم تلبية دعوته فحسب، لاسيما بعد أن أسهمت تلك الزيارة في تعرّفه على شروط المسابقة وآلية تحكيمها التي يتولها ذوو خبرة ومتفق على مخزونهم المعرفي حيال المسابقة، والمعايير المطلوب توافرها في الإبل المتنافسة على جائزة يكفيها أن تكون الأهم والأغلى لأنها تحمل اسم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله -، وهو الشخصية والقامة التي خُلِّد اسمها، وخُطّ بحروف من ذهب في صفحات تاريخ العروبة العريق، وعنواناً للفروسية والأصالة والمجد، ناهيك عن اهتمام ورعاية كريمة للمهرجان من قيادة هذه البلاد الطاهرة. وتحدث "ممدوح الخزعلي" بإسهاب أكبر عن أبرز ملامح زيارته الأولى للمهرجان، وأكثر ما لفت انتباهه في طبيعة الإبل المشاركة في منافسات "المزاين"، مؤكداً أن تطابق سلالاتها كان من أهم الحوافز التي يتقدمها وحدة التقاليد والأعراف عموماً، وفي التعامل مع الإبل على وجه الخصوص، ومن ذلك الاتفاق والتناغم الواضح بين الشعبين فيما يتعلق بحجم الاهتمام والعناية والرعاية بالإبل، والمكانة التي تحتلها لدى أبناء هذا البلد العزيز علينا جميعاً. ورفع "الخزعلي" شكره وعظيم امتنانه لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظهما الله -، على ما بذلوه ويبذلونه لأجل العراق والوقفة الجادة والمشرفة منهما - أيدهما الله - لنهضة ورقي وتنمية الجمهورية العراقية، وهي الجهود الجبارة التي يستشعرها ويعتز ويفتخر بها كل عراقي، لاسيما وهي الوقفات التي طالما حفظها تاريخ العلاقة الأخوية والوطيدة بين البلدين، مشيداً بالجهود التي يبذلها رئيس مجلس إدارة نادي الإبل الشيخ فهد بن حثلين، إذ كان لها كبير الأثر في إحياء موروثٍ تاريخيٍ، بل وتأكيده والسعي المدروس والمخطط له للمحافظة على هذه التظاهرة الثقافية والاجتماعية والتاريخية، التي طالما تغنت وتفردت بها الجزيرة العربية، وكانت المنبع والمنطلق دائماً لنقلها إلى العالم أجمع عبر المنظمة الدولية للإبل التي يرأس مجلس إدارتها باقتدار ومسؤولية وحكمة.