دوري ابطال آسيا للنخبة: الأهلي الآسيوي جامح يعود من أرض السد بثلاثية وصدارة    السديري يستقبل رئيس واعضاء مجلس إدارة جمعية كافلين للأيتام بتيماء    مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن "غداً" تنطلق الأشواط الختامية    60 فائزا في تحدي الإلقاء للأطفال    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان"دور المرأة مهم في تقوية النسيج الوطني"    اتفاق بين السعودية واليابان بإعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية من تأشيرات الزيارة القصيرة    الرياض.. «سارية» الإعلام العربي تجمع «العمالقة» في «المنتدى السعودي للإعلام»    10 ملايين يورو ثمن «التعمري» إلى رين الفرنسي    مقتل قيادي في «الدعم السريع» والجيش يسيطر على «المحيريبا»    حصر المباني الآيلة للسقوط في الفيصلية والربوة.. ودعوة ملاكها للمراجعة    الاختبارات المركزية في منطقة مكة مع نهاية الفصل الثاني    تنامي ملحوظ في العلاقات الاقتصادية بين السعودية وألمانيا    وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث في الهند الفرص المشتركة لتوطين صناعة الأجهزة الطبية والسيارات والآلات بالمملكة    رئيس إسرائيل وقادة المعارضة يطالبون نتنياهو بتنفيذ هدنة غزة    الذكاء الاصطناعي... ثورة تُولد عوائد استثمارية كبيرة    "أوبك بلس" تبقى على سياسة الإنتاج دون تغيير    ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ يطَّلع على مؤشرات أداء فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة    تدشين برنامج أمل التطوعي السعودي لمساعدة السوريين    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 56 لمساعدة سكان غزة    70 قتيلاً فلسطينياً في هجمات إسرائيلية على الضفة الغربية    سوق الأسهم السعودية يتراجع لليوم الثاني ويخسر 32 نقطة    المستشار الألماني: الدفاع الأوروبي يحتاج إلى "مزيد من التصميم"    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    أمير القصيم يتسلم تقرير أعمال شركة الاتصالات السعودية لعام 2024    أمير القصيم يكرّم المشاركين في ملتقى اليوم السعودي العالمي للتطوع    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    تعديل مدة رفع ملفات حماية الأجور إلى 30 يوماً من أول مارس    روسيا تدرس السعودية والإمارات كموقع محتمل لقمة بين بوتين وترمب    عبدالعزيز بن سعد: رالي حائل الدولي ..حقق مكاسب تنموية ورياضية واقتصادية تتماشى مع رؤيه الوطن 2030    أمانة القصيم تنفذ أكثر من 658 ألف جولة رقابية خلال عام 2024    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    استئصال ورم سرطاني ضخم يزن 8 كغ من بطن مريضة بالقصيم    7 مليون فحص مخبري في مستشفى الرس خلال 2024    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    أمير الجوف يستقبل قائديّ حرس الحدود بالمنطقة السابق والمُعيَّن حديثًا    سلمان بن سلطان يدشن قاعة المؤتمرات الكبرى بغرفة المدينة    جولة مدير مستشفى عفيف العام التفقديه    رئيسة وزراء الدنمرك: غرينلاند ليست للبيع    تقييم صادم للنجم المصري عمر مرموش ومدرب «مان سيتي» يبرر !    "كشتة البديع" تجتذب المزيد من العائلات والأفراد ب 19 فعالية متنوعة    الدولار الكندي لأدنى مستوياته في 22 عاماً    5 مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    في الجولة ال 20 من دوري" يلو".. الصفا يستقبل العدالة.. والبكيرية يواجه الجبلين    محافظ جدة يطلع على خطط المرور والدفاع المدني    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    كلنا نعيش بستر الله    التعاقدات.. تعرف إيه عن المنطق؟    من أسرار الجريش    العلاقات بين الذل والكرامة    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    شرطة الرياض تقبض على مقيم لمخالفته نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    القيادة تُعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس السابق هورست كولر    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    الأسرة في القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى فضيلة إمام و خطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي المسلمين بتقوى الله عزوجل ، وشكره في السراء، والصبر على أقداره في الضراء، فإن الله تعالى لطيف بعباده، وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: أمة الإسلام إن أشرف العلوم وأجلّها، ما كان يُعرّفُ بالله جلّ جلاله، وبأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو حقيقة الإيمان، وغاية دعوة الرسل، فإن العبد إذا عرف ربه، بصفاته العليا وأسمائه الحسنى، أخلص بتوحيده، وأحبه وأطاعه، وابتعد عن معصيته ومخالفة أمره، فالمقصود من إيجاد الخلق عبادة الخالق، والتعرف عليه سبحانه، بعظيم قدرته، وشمول علمه وكمال تدبيره: (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)).
وأوضح أن القرآن الكريم بيّن كثيرا من أسماء الله وصفاته وأفعاله، وأعظم سور القرآن الكريم وآياته، هي المشتملة على بيان أسماء الرب وصفاته وأفعاله، فسورة الفاتحة، أعظم سور القرآن، فيها حمد وثناء، وتمجيد وتعظيم، وبيان لأسماء الله الحسنى وصفاته العلى، وأنه الإله المتفرد بالألوهية، والرب المتفرد بالربوبية، الرحمن الرحيم، المالك ليوم الدين.
وبين أن سورة الإخلاص، تعدل ثلث القرآن، لأنها أخلصت لبيان صفة الرحمن، وفي الصحيحين: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟))، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ)) مشيرا الى أنه كلما كان العبد بالله أعرف، كان منه أخوف، ولعبادته أطلب، وعن معصيته أبعد، ومنه جل جلاله وتقدست أسماؤه أقرب، وكان قلبه في شوق دائم إلى لقاء ربه، ومحبته ورؤيته، ومن أحب لقاء اللهِ، أحب الله لقاءه.
ومضى الدكتور المعيقلي يقول: إخوة الإيمان إن لكل اسم من أسماء الله تعالى، ولكل صفة من صفاته، عبودية تليق به، وإن من أَسماء الله تعالى الحسنى، ومن صفاته العلى: اسم الله اللَّطِيف، الذي دق علمه بكل الخفايا، فيعلم السر وأخفى، من خلجات الصدور، ومكنونات النفوس، وَفي هذا المعنى، ما جاء في صحيح مسلم: أن جبريل عليه السلام، أتى للنبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وقد تهيّأَ صلى الله عليه وسلم لنومه، فأخبره بأمر الله تعالى، أن يستغفر لأهل البقيع، فقام صلى الله عليه وسلم برفْق من فراش عائشة، فلما خرج لحقته عائشة رضي الله عنها وأرضاها، متخفية تنظر ماذا يفعل، فلما انحرف راجعا رجعت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فسبقته إلى فراشها كأنها نائمة، فَدخل صلى الله عليه وسلم فقال: ((مَا لَكِ يَا عَائِشُ، حَشْيا رَابِيَةً))، أي: مرتفعة النَّفَس، قَالَتْ: قُلْتُ: لَا شَيْءَ، قَالَ: ((لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) فأخبرته وقَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، وكانت رضي الله عنها وأرضاها، تظن أنه صلى الله عليه وسلم، ذاهب لبعض نسائه في ليلتها.
وأضاف معاشر المؤمنين: ومن معاني اللطيف، أنه يوصل إلى عباده نعمه، ويدفع عنهم نقمه، بلطفه وإحسانه، ويسوقهم إلى كمالهم وسعادتهم، بطرق خفية قد لا يشعرون بها، ولا يهتدون لمعرفتها، إلا إذا لاحت لهم عواقبها، اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ.
وأعرف خلق الله به، أنبياؤه ورسله، فمن نظر فيما جرى عليهم، من الأمور التي في ظاهرها امتحان وابتلاء، وبأساء وضراء، ولكنْ في باطنها لطف ورأفة، ورفق ورحمة، أيقن أن الأمر كله بيد اللطيف، فهذا يوسف عليه السلام، توالت عليه الشدائد منذ صغره؛ فتآمر عليه إخوته، وحرموه من البقاء مع والديه؛ وألقوه في الجب ، وبِيع بثمن بخس، ثم لبث في السجن بضع سنين، وهو وحيد بعيد، ولكن الله تعالى لطف به؛ فالجب كان حماية له من القتل، والرق كان حماية له من التيه في الصحراء، والسجن ابتلاء، وعصمة من دواعي المعصية، وفيه التقى بمن أوصل نبأه إلى الملك، فأصبحت هذه البلايا والرزايا، سببا لرفعة يوسف عليه السلام، في الدنيا والآخرة، وجمع الله شمله بوالديه وأهله، وهو في غاية العز والعظمة والرفعة، مع ما منَّ الله تعالى به عليه من النبوة، (( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)).
وأبان إمام و خطيب المسجد الحرام أن مظاهر لطف الله بعباده كثيرة، لا يمكن حصرها، أو الإحاطة بها، فمن لطف الله بعباده وعنايته بهم، أنه يقدر أرزاقهم، بِمَا يَحْتَسِبُونَ وَمَا لَا يَحْتَسِبُونَ، وَبِمَا يَظُنُّونَ وَمَا لَا يَظُنُّونَ، وكل ذلك بحسب علمه بمصالحهم، لا بحسب رغباتهم، لطفاً بهم وبرّاً، وكرماً وإحساناً، وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ، وفي مسند الإمام أحمد: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ اللهَ لَيَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الدُّنْيَا، وَهُوَ يُحِبُّهُ، كَمَا تَحْمُونَ مَرِيضَكُمْ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، تَخَافُونَهُ عَلَيْهِ)).
// يتبع //
13:57ت م
0045

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وأكد فضيلته أن من لطفه سبحانه بعباده المؤمنين، أنه يخرجهم من ظلمات الجهل والكفر والمعصية، إلى نور العلم والإيمان والطاعة، ويذيقهم حلاوة بعض الطاعات، ليرغبوا بما هو أجل وأعلى منها، كما يوفقهم بلطفه وإحسانه سبحانه، لنهي النفس عن الهوى، فيجزيهم جنة المأوى، (( وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى )) ومن لطف الله بعبده: أن يبتليه ببعض المصائب، فيوفّقه سبحانه بالصبر عليها، فينال الدرجات العالية، التي لا يدركها بعمله، فإن كان قوي الإيمان، شُدِّدَ عليه في البلاء، ليزداد بذلك إيمانه، ويعظم أجره، وأما المؤمن الضعيف، فيخفف عنه البلاء، لطفا به ورحمة، فسبحان اللطيف، في سرائه وضرائه، وعافيته وابتلائه، وفي الصحيحين: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ))، فَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئًا وَيَجعَلَ اللهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا ومن لطف الله تعالى بعبده: أن يجعل ما يقترفه العبد من المعاصي، سبباً لرحمته وعفوه، فيفتح له بعد وقوع المعصية، باب التضرع والتوبة، حتى لترى العبدَ يُسرفُ على نفسِه بالمعاصي، فإذا لم يبقَ بينه وبين قبره إلا ذراع، فتح اللطيف عليه أبوابِ الاستغفار والتَّوبةِ، فندم على ما مضى من حياته، وعمل بعمل أهل الجنة، ففي الصحيحين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الجَنَّةَ)).
وأردف الدكتور ماهر المعيقلي يقول :معاشر المؤمنين:إن من آثار الإيمان باسم الله اللطيف: مجاهدة النفس على صلاح القلب، فالقلب هو محل نظر الرب، فبصلاح القلوب، تصلح الأجساد والأعمال، فالعبد إذا علِم أن ربه مطلع على ما في السرائر والضمائر، محيط بكل صغير وكبير، حاسَبَ نفسه على أقواله وأفعاله، وحركاته وسكناته، قال لقمان لابنه وهو يعظه: )يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ(.
وواصل يقول:إن من آمن باسم الله اللطيف، علم أن كل مصاب يأتيه، إنما هو سلم يرتقي به لأعلى الدرجات، فكم في البلايا من عطايا؟ والمحن في ثناياها المنح، ولولا المصائب والابتلاءات ما تاب بعض العاصين من ذنوبهم، واللطيف جل جلاله، يبتلي عبده المؤمن، ليهذبه لا ليعذبه، وفي سنن الترمذي: قال عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((مَا يَزَالُ البَلاءُ بِالمُؤمِنِ وَالمُؤمِنَةِ في نَفسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ، حَتَّى يَلقَى اللهَ وَمَا عَلَيهِ خَطِيئَةٌ)).
وأفاد الدكتور المعيقلي أن من مقتضيات الإيمان باسم الله اللطيف، أن يتخلق المرء بصفة اللطف، والله تعالى لطيف، ويحب اللطيف من عباده، ويبغض الفظ الغليظ القاسي، وفي الصحيحين: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟))، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ((كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ))، والعتل: هو الفظ الغليظ الجافي، الشديد الخصومة في الباطل والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس لطفا، وقد زكاه الله تعالى بقوله: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ، واللطف من الرحمة. فلذا اجتمع الناس حوله، ولو كان فظا لانفض الناس عنه، ومن عامل الخلق بصفة يحبها الله ورسوله، عامله الله تعالى بتلك الصفة في الدنيا والآخرة، فالجزاء من جنس العمل.
// يتبع //
13:57ت م
0046

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة ثانية واخيرة
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ أحمد بن طالب المسلمين بتقوى الله.
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي: إن الله باسم الإيمان نادى المؤمنين، ولتقواه دعاهم وأمرهم بمحاسبة أنفسهم قبل الحساب، والنظر فيما ادخروا لها قبل المآب، وحذر من مغبة نسيانه، وأليم خسرانه، فهو أعلم بتفاوت الأحوال يوم المآل قال جل من قائل ((يَٰٓأَيُّهَا 0لَّذِينَ ءَامَنُواْ 0تَّقُواْ 0للَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَ0تَّقُواْ 0للَّهَۚ إِنَّ 0للَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ وَلَا تَكُونُواْ كَ0لَّذِينَ نَسُواْ 0للَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ 0لۡفَٰسِقُونَ لَا يَسۡتَوِيٓ أَصۡحَٰبُ 0لنَّارِ وَأَصۡحَٰبُ 0لۡجَنَّةِۚ أَصۡحَٰبُ 0لۡجَنَّةِ هُمُ 0لۡفَآئِزُونَ)).
وإن الله تعالى ضرب مثلاً بعظيم أثر القرآن لو نزل على الجبال، وتعرف إليكم بكمال أسماء الجلال والجمال فقال جل وعلا ((لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا 0لۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ 0للَّهِۚ وَتِلۡكَ 0لۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ )).
وأوضح ابن طالب أن الله الذي تؤلهه القلوب حبا وخضوعا، وخوفا وطمعا وخشوعا، ورجاء وفزعا هو الحق وما خلاه فباطل زائل، لا إله غيره ولا معبود بحق سواه، فهو جل وعلا لا تدركه الأبصار ولا تبلغه الأفكار ولا تحجبه الأستار، ولا تخفى عليه الأسرار، وبأمره يدور الفلك الدوار، وبحمكه وحكمته يختلف الليل والنهار مستدلاً بقوله تعالى ((هُوَ 0للَّهُ 0لَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ 0لۡغَيۡبِ وَ0لشَّهَٰدَةِۖ هُوَ 0لرَّحۡمَٰنُ 0لرَّحِيمُ هُوَ 0للَّهُ 0لَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ 0لۡمَلِكُ 0لۡقُدُّوسُ 0لسَّلَٰمُ 0لۡمُؤۡمِنُ 0لۡمُهَيۡمِنُ 0لۡعَزِيزُ 0لۡجَبَّارُ 0لۡمُتَكَبِّرُۚ سُبۡحَٰنَ 0للَّهِ عَمَّا يُشۡرِكُونَ هُوَ 0للَّهُ 0لۡخَٰلِقُ 0لۡبَارِئُ 0لۡمُصَوِّرُۖ لَهُ 0لۡأَسۡمَآءُ 0لۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي 0لسَّمَٰوَٰتِ وَ0لۡأَرۡضِۖ وَهُوَ 0لۡعَزِيزُ 0لۡحَكِيمُ )).
وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي أن رحمة الله سبحانه وتعالى وسعت الخلق إيجادا وإعدادا وإمدادا وإرشادا، وأصفياءه وأولياءه هداية وتوفيقا وإسعادا، حتى يبلغ بهم مستقر رحمته ونعيم جنته الملك النافذ السلطان في الأكوان بفعله وأمره، ملك الملوك والأملاك، والملكوت والأفلاك، يؤتي الملك من يشاء وينزعه عمن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، تقدس عن النقائص كمالا، وسلم من المعايب جمالا، وقدس ما شاء مباركة وإجلالا، وسلم من شاء وعلى من شاء إكراما وإدلالا.
وأردف فضيلته أن الله تعالى هو الحق المتعال، آمن به المؤمنون طوعا بالمقال والفعال، وسائر الخلق قهرا بالمآل، وهو أمان الخائفين، وملاذ المنقطعين، فلا أمن ولا أمان إلا منه وإليه له الهيمنة علما وأمرا، شهودا وقهرا، نفعا وضرا، سرا وجهرا عز سبحانه على الخلق قوة وقدرة وغلبة وامتناعا، جبر مفارق الخلق على أمره ونهيه، شرعا وقدرا وقهرا، وجبر مفاقرهم، كسرا وفقرا، وعسرا وضرا، إهناءً وإغناءً وإقناءً، وتيسيرا ونصرا أكبر شيء عظمة ورفعة وشرفا وشانا، وذاتا وصفاتا، وأفعالا وسلطانا، فكل شيء دونه صغير حقير، تنزه عن كل شريك وتعالى، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
وبين فضيلته أن الله خلق الخلق من العدم فأبرز، وبرأ من النسم فحيّز، وصور في الأرحام فميز، تفرد بالأسماء التي بلغت غاية الحسن لفظا ومعنى، وسبحه تنزيها كلُّ شيء بكل لسان.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي بالحث على تقوى الله تعالى فهي خير الزاد، والتمسك بالعروة الوثقى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.