المملكة تتصدر وتحقق قفزات عالمية في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية    صراع العقول.. يشعل كلاسيكو «التفاصيل الصغيرة»    الصيد.. تجربة متكاملة    مملكة الأمن والأمان    سلمان بن سلطان: القيادة تولي اهتمامًا بتنمية المحافظات    المملكة 11 عالميًا والأولى إقليميًا في المؤشر العالمي لسلامة الذكاء الاصطناعي    الذهب يواصل ارتفاعاته القياسية مع استمرار مخاوف زيادة الرسوم الجمركية    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يترأس وفد المملكة في الافتتاح.. «قمة باريس» تناقش الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية    المملكة تتسلم رئاسة شبكة «سلطات إنفاذ القانون» .. أبا الخيل: تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الفساد وآليات جديدة لاسترداد الأصول    "ليب 2025" في يومه الثالث... نقاشات موسعة حول الابتكار والاستدامة الرقمية    محمد بن ناصر يطلع على أداء الخطوط السعودية    6% تسارع نمو اقتصادات دول الخليج    غزة.. تصعيد ومهل متبادلة تهدد استمرار الهدنة    توجيه رئاسي للحكومة اللبنانية الجديدة بالشفافية وتنفيذ الإصلاحات    المملكة تواصل جهودها الإنسانية عالميًا عبر «الملك سلمان للإغاثة»    الدول العربية تبلغ واشنطن رفض خطة ترمب لغزة    مصر: سنقدم تصورا متكاملا لإعادة إعمار غزة مع ضمان بقاء الفلسطينيين    بعد البشر والحجر.. الاحتلال يستهدف «المكتبات الفلسطينية»    أمير القصيم يكرم 27 يتيمًا حافظًا للقرآن    القيادة تهنئ الرئيس الإيراني بذكرى اليوم الوطني لبلاده    "بونهور" مديراً فنياً لاتحاد كرة القاعدة والكرة الناعمة    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يرعى الحفل الختامي لمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل    «ريمونتادا» مثيرة تقود ريال مدريد لكسر عقدة مانشستر سيتي بفوز تاريخي    شعرت بالاستياء لرحيل نيمار.. جيسوس: إمكانات" صلاح" تناسب الهلال.. ورونالدو فخر للبرتغاليين    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد يؤكد : رفض قاطع لتصريحات إسرائيل المتطرفة بتهجير الفلسطينيين    مناقشة سبل مكافحة الأطفال المتسولين    إزالة «العقارات العشوائية» بمكة ينشط أسواق المستعمل والسكراب    قرد يقطع الكهرباء عن بلد بالكامل    من أعلام جازان.. المهندس يحيى جابر محسن غزواني    انطلاق فعاليات الاحتفاء بيوم التأسيس بتعليم جازان تحت شعار "يوم بدينا"    "التعزيز والإبداع في القصة القصيرة" و"ليلة العباس والمطمي" ضمن فعاليات معرض جازان للكتاب ٢٠٢٥م    فنانة مصرية تتعرض لحادث سير مروع في تايلاند    توثيق تطور الصناعة السعودية    الساعاتي..عاشق الكتب والمكتبات    رأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة.. أمير المدينة: رفع مستوى الجاهزية لراحة المصلين في المسجد النبوي    أمير منطقة المدينة المنورة يرأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة    أمريكية تفقد بصرها بسبب «تيك توك»    «حملة أمل» السعودية تعيد السمع ل 500 طفل سوري    بعض نقاط التمييز بين اضطرابات الشخصية    سفراء الإعلام جسر بين الأكاديميا وسوق العمل    «المحتوى الشبكي».. من التفاعلية إلى الاستقطاب!    ما بعد الإنسانية    تعال.. فقد عشنا من الأزل    بصراحة مع وزير التعليم !    صندوق الاستثمارات العامة شريكاً رسمياً لبطولة السعودية الدولية للسيدات للجولف    القيادة تهنئ الرئيس الإيراني    أول رحالة يعبر الأطلسي بقارب تجديف    في الطيران.. الكلمات حياة    أوغندا تسجل إصابات بإيبولا    الاستحمام البارد يساعد على النوم    القشطة والفطائر على وجبات الإفطار بالمسجد النبوي    الموافقة على البرنامج الوطني للتعاقب والتطوير القيادي    توجّه لعقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي    القيادة تعزّي رئيس ناميبيا في وفاة مؤسس الجمهورية    زار" خيبر" واستقبل المواطنين.. أمير المدينة: القيادة مهتمة بتنمية المحافظات والارتقاء بمستوى الخدمات    رئيس الوزراء الصومالي يزور حي حراء الثقافي بمكة    الإنسان قوام التنمية    "مفوض الإفتاء بعسير": يستقبل آل جابر المُعين حديثًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي المسلمين بتقوى الله عز وجل .
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم عن الصفات الحميدة التي تبعث عن الرضا والأمل وعن الصفات السيئة التي تضعف الأيمان وتبغض الرحمن وقال : إن من الصفات الحميدة، التي تبعث على الرضا والأمل، وتُدخل الفرح والسرور على القلب، لما تشتمل عليه من حسن ظن بالله تعالى، وكمال توكل عليه، هي صفة التفاؤل، وتوقع الخير في المستقبل، مهما اشتدت الأزمات، وطالت ساعات الشدائد والكربات، فترى المتفائل، راضيًا عن الله، مؤمناً بقضائه وقدره، يُحسن الظن بتدبيره وحُكمه، وأنه سبحانه سيجزيه على بلائه وصبره، (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
وأضاف قائلاً : إن من ينظر في سيرة الأنبياء والمرسلين، يجد التفاؤل ظاهراً في سيرهم، بهداية قومهم، أو نصر ربهم، أو انكشاف كرباتهم وأحزانهم، فهذا نوح عليه السلام، لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، لم ييأس فيها من دعوتهم واستجابتهم، ويعقوب عليه السلام، بعد تطاول السنين والأعوام، ما زال يأمل في رؤية ابنه يوسف عليه السلام، فيقول: ( يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ) وأما إمام المتفائلين، وسيد الأنبياء والمرسلين، فقد كان أجمل الناس صبرا، وأحسنهم تفاؤلا وأملا؛ فحين بُعث بنور الإسلام، آذاه أقرب الناس إليه، وأخرجوه من أحب البلاد إليه، وكذّبوه وحاربوه، ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم، واثقا بنصر ربه، متفائلا ببلوغ دينه، ما بلغ الليل والنهار، ففي طبقات ابن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما عاد من الطائف، أَقَامَ بِنَخْلَةَ أَيَّامًا، فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ: كَيْفَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ -يَعْنِي قُرَيْشًا- وَهُمْ أَخْرَجُوكَ؟ ((فَقَالَ: يَا زَيْدُ، إِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرَجًا وَمَخْرَجًا، وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرٌ دِينَهُ وَمُظْهِرٌ نَبِيَّهُ))، فكان صلى الله عليه وسلم، يبث في قلوب أصحابه، معاني التفاؤل والأمل، وحسن الظن بالله عز وجل، وصِدْق التوكل عليه، وكمال الرجاء فيه، وفي صحيح البخاري، قال صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم، حين رآه مترددا في الدخول في الإسلام، قَالَ: ((يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟ قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ: فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ، لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى، قُلْتُ: كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؟ قَالَ: كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ، فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ، قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ، لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِيُّ أَبُو القَاسِمِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)).
وأوضح الشيخ المعيقلي أن التيمن والتَّفَاؤُل، وَتَأْمِيلَ الْخَيْرِ وصلاحِ الأمر؛ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ تعالى، وَالثِّقَةِ بِهِ جل وعلا، وَهو دَافِعٌ لِلْعَمَلِ، بل ولإحسانه وإتقانه، فلذا غمر التفاؤل حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وربّى عليه صحابته الكرام، ورسّخ ذلك بقوله وفعله، فكان إذا سَمِعَ اِسْمًا حَسَنًا، أَوْ كَلِمَةً طَيِّبَةً، أَوْ مَرَّ بِمَكَانٍ طيِّبٍ، اِنْشَرَحَ صَدْرُهُ، واستبشر بما هو عازم عليه، تفاؤلاً وأملا، وحسن ظنٍ بالله تعالى، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُعْجِبُهُ، إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ أَنْ يَسْمَعَ: يَا رَاشِدُ، يَا نَجِيحُ، وَسَمِعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً مِنْ رَجُلٍ فَأَعْجَبَتْهُ، فَقَالَ: ((أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ))، أي: تفاءَلْنا من كلامك الحَسَن، تيمُّناً به.
وبين فضيلته أنه في سفر الهجرة، لما قَدِمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، نَزَلَ فِي عُلْوِها، تفاؤلا بعلو دينه، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا استسقى، قَلْبُ ردائِهِ بعد الخطبة، تفاؤلا وأملا، بتحوّل حال الجدب إلى الخصب, مشيراً إلى أن سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو لما جاء، لِيَتَفَاوَضَ مَعَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه متفائلا: ((لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ))، فكَانَ كَمَا أَمَّلَ، حيث كَانَ مَجِيئُ سُهَيْل، سَبَبَ خَيْرٍ لِلإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ بل كان صلى الله عليه وسلم، يغيّر الأسماء المنافية للتفاؤل، ففي صحيح مسلم: ((أَنَّ ابْنَةً لِعُمَرَ رضي الله عنه، كَانَتْ يُقَالُ لَهَا عَاصِيَةُ، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيلَةَ))، وكانت المدينة النبوية، تسمى في الجاهلية بيثرب، وهي كلمة ليست محمودة، فغيَّرها صلى الله عليه وسلم إلى طابةَ وطيبة، فهي طيبة مباركة إلى يوم القيامة وهكذا كان صلى الله عليه وسلم، يتوقع الخير ويحبه، ويعجبه التفاؤل حين يسمعه، ويكره قبيح الأسماء، ولا يتطيَّر به، ويحبُّ حسن الأسماء، ويتفاءل به، ففي الصحيحين: قال صلى الله عليه وسلم: ((لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ))، وَالْفَأْلُ الصَّالِحُ: الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ، فكان صلى الله عليه وسلم، يكره التَطَيّر والطِّيَرة، وكل نظرة متشائمة، ف(( إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ ))، أي: هو أشدهم هلاكا، بسبب يأسه وقنوطه وتشاؤمه، واحتقاره للناس وازدرائهم، والعجب بنفسه، وتفضيلها عليهم.
ولفت الشيخ المعيقلي إلى أن اليأس والقنوط والتشاؤم، صفات مقيتة، وسمات سيئة، تضعف الإيمان، وتغضب الرحمن، وتورث الحسرة والندامة، فمن أساء الظن بربه، ولم يتحَرَّ الخير في قوله، عوقب بسوء ظنه ولفظه، فإن البلاء غالبا موكل بالمنطق، ففي صحيح البخاري، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ: ((لاَ بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ))، فَقَالَ لَهُ: ((لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ))، قَالَ: قُلْت: طَهُورٌ؟، كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَنَعَمْ إِذًا))، أي: لك ما أحببت ورغبت به من الموت، قال ابن حجر في الفتح: فَأَصْبَحَ الْأَعْرَابِيُّ مَيِّتًا.
ودعا فضيلته المسلمين إلى تقوى الله والتوكل عَلَيْهِ، وأن يؤمّلوا ويتفاءلوا بتَوفِيقِه وَنَصْرِهِ، وأن يؤمنوا بقضائه وقدره، فمن توكل على ربه، وأحسن الظن به، وتفاءل بمستقبل أمره، وسعى لتحقيق غايته؛ سلك طريق الفلاح والنجاح، بقلب مطمئن بالإيمان، ونفس راضية عن الرحمن، فلا تزيده المحن، إلا إشراقا وتفاؤلا، ورجاء وتوكلا، وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: ((وَاعْلَمْ، أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)).
وشدد إمام وخطيب المسجد الحرام على أن اليأْسَ والقُنوطَ، من كبائر الخطايا والذنوب، قَالَ عَبْدُاللهِ بنُ مَسْعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "أَكْبَرُ الكَبائرِ: الإِشْراكُ بِاللهِ، والأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللهِ، والقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، واليَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ"، مستشهداً بقوله تعالى : (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)، فالذين يعمرون الأوطان، ويبنون الحضارات، هم أكثر الناس تفاؤلاً وأملا، وأما المُتشائِمون، فهم لاَ يعمرون أرضاً، ولاَ يَبنُونَ وَطَناً، ولا يَصنَعونَ حَضارَة، وإن مما يعين على التفاؤل، ويثبّت الأمل، تقوية الإيمان في القلب، ولا يكون ذلك، إلا بمعرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، وتلاوة كتابه وتدبره، والتصديق بوعده، والإكثار من ذكره ونوافل عبادته، والتأمل في سيرة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وأوصى فضيلته المسلمين بإحسان الظَّنَّ بربهم، وأن يؤملوا الخير ويتَفاءلُوا به، ولاَ يَجْعلُوا لِليأْسِ طَرِيقاً لقلوبهم، ففي الحديث الصحيح: ((قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ)) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ: " مَعْنَى ظَنِّ عَبْدِي بِي، ظَنُّ الْإِجَابَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ، وَظَنُّ الْقَبُولِ عِنْدَ التَّوْبَةِ، وَظَنُّ الْمَغْفِرَةِ عِنْدَ الِاسْتِغْفَارِ، وَظَنُّ الْمُجَازَاةِ عِنْدَ فِعْلِ الْعِبَادَةِ بِشُرُوطِهَا، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ، أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْقِيَامِ بِمَا عَلَيْهِ، مُوقِنًا بِأَنَّ اللَّهَ يَقْبَلُهُ وَيَغْفِرُ لَهُ، لِأَنَّهُ وَعَدَ بِذَلِكَ، وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، فَإِنِ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُهَا، وَأَنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ، فَهَذَا هُوَ الْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ وُكِلَ إِلَى مَا ظَنَّ "، نعوذ بالله من غضبه وعقابه.
// يتبع //
15:05ت م
0042
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة أولى واخيرة
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم المسلمين بتقوى الله تعالى وقال إنها وصية الله للأولين والآخرين قال جل من قائل ((وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ )).
وبين أن الدنيا لا تستقر على حال فهي متقلبة بل تمر على الإنسان حالات من الضيق والحزن وأطوار من الهم والغم لأسباب متعددة وصور مختلفة, مشيراً إلى أن المنجي الوحيد من الهم والغم هو الالتجاء الصادق إلى الله جل وعلا والتضرع إليه قال تعالى (( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ )).
وأوضح فضيلته أن الطاعة فرحة وسرور والتقوى لله جل وعلا بهجة وحبور, وأن لزوم الطاعة لله تعالى تجعل من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً قال جل من قائل ((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ )).
ولفت إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن لزوم كتاب الله تعالى تلاوةً وتدبراً استجابة وعملاً هو المخرج من كل الخطوب قال تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ )) ، مؤكداً أن من ألزم نفسه بكلام ربه انجلى عنه كل حزن وانقشعت عنه الهموم والكروب.
وقال آل الشيخ إنه متى علت الهموم النفس وهجمت على القلب فالانكسار والتذلل بين يدي الله تعالى هو المنجى والملجأ قال جل في علاه ((أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ )).
وأضاف فضيلته : إن التضرع لله تعالى القادر على كل شيء بصدق وإخلاص وحضور القلب قال تعالى (( وذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ, فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ )) فقد صح رسول الله صلى الله عليه وسلم الحث على هذا الدعاء وأنه لن يدعو به مسلم إلا استجاب الله له فهو من أدعية رفع الكرب وكشف البلاء فعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب أو حزبه أمر، يقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم.
وأكد فضيلته أن من أسباب الفرح و اللذة والسرور والبهجة الوقوف بين الله بصلاة خاشعة لله في غير وقت نهي قال سبحانه وتعالى (( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ )) وروى البخاري عن أم سلمة رضي الله عنها قالت (استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن وماذا فتح من الخزائن أيقظوا صواحبات الحجر فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة ).
وأشار إلى أن للإحسان بأنواعه من القول أو الفعل وخص الصدقة بأن لها تأثير على دفع أنواع البلاء ورفع الضراء مستشهداً بقوله تعالى ((إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ )), وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء وصدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر ) .
وحث إمام وخطيب المسجد النبوي على الاستقامة وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمل الصالح والمسارعة إلى الخيرات وملازمة الطاعات قال الله تعالى ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ? وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) والإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.