روت أرض الجنادرية قصة موروث "التعشير الحجازي" وفن اللعب بالحديد والنار وتحوله من رقصة حربية قديمة تشبه الاستعراض العسكري لبث الحماسة في المحاربين، وفرحة للانتصار إلى فن من الفنون الشعبية التي تعرض في الأفراح والمناسبات لبث الفرح والبهجة في النفوس. وشهد مسرح جناح منطقة مكةالمكرمةبالجنادرية دخول فرقة رجال "التعشير" المكونة من 30 رجلاً في صفين أشبه بالطابور العسكري حاملين أسلحتهم " المقمع" ومرتدين اللباس التقليدي للمعشرين المسمى ب"المذولق"، والمجند ويتوج روؤسهم العقال "المقصب"، تعلوا وجوههم مشاعر الفخر والإعتزاز بهذا الموروث الذي يعبر عن أصالة الرجل الشعبي ويمثل ارثاُ ثقافياً تاريخياً أصيلاً لأهالي منطقة مكةالمكرمة. وحازت حركات المعشرين وخطواتهم الإستعراضية المتناسقة على إعجاب وانبهار زوار المهرجان بهذا الموروث الأصيل، لما فيها من احترافية عالية في طريقة الإستعراض والرقص بالبنادق المعروفة ب "القداحي" أو "المقمع" في صورة تبين رشاقة وجمال حركات المؤدين . تشارك فرقة "التعشير" بجناح منطقة مكةالمكرمةبالجنادرية 33 بهدف المحافظة على هذا الموروث الذي يمثل هوية أهالي منطقة مكةالمكرمة، وطريقة أداء التعشير لديهم والتي تختلف عن التعشير في المناطق الجنوبية من ناحية طريقة الأداء والأهازيج والأشعار المصاحبة لها، فالرقص ب"المقمع" بطريقة أهالي منطقة مكةالمكرمة يتطلب إتقاناً فائقاً لطريقة حمل السلاح بشكل يضمن سلامة العارض وأيضا يتطلب احترافية في طريقة الاستعراض به، ومهارة ولياقة عالية. التقت وكالة الأنباء السعودية برئيس فرقة "التعشير" إبراهيم السفياني، الذي عد مهرجان الجنادرية أحد أكبر المنصات الثقافية على المستوى المحلي العربي والإقليمي والتي تسهم في المحافظة على الهوية والموروث الوطني، مشيراً إلى أن فرقة "التعشير" تشارك في الجنادرية للمرة الثانية وتقدم إضافة إلى فن "التعشير الحجازي" فن الحيوما والقصيمي. وبين السفياني أن التعشير تعتبر رقصة حربية قديمة اشتهرت في الماضي، اشبه ما تكون بالعرض العسكري من حيث الترتيب والاحترافية والمهارة العالية وطريقة الأداء حيث يمشي فيها العارض بطريقة معينة وبخطوات مرتبة واستعراضية تتناسق فيها الأدوار والمهام، وتؤدى من شخص أو شخصين أو أكثر في وقت واحد، يداعب فيها العارض "المقمع"، الذي يكون محشواً بالبارود ليتحول إلى لهب تحت قدميه بعد ضغطه على الزناد يعانق بعدها العارض السماء. وعن الأهازيج المصاحبة، قال إبراهيم السفياني: "يصاحب فن التعشير أهازيج أبرزها لون شعبي مشهور في الحجاز يعرف ب "بالرجز" أو ما يسمى ب "الردح" في بعض المناطق والمحافظات، يتغنى من خلاله الشاعر بكلمات تدعو إلى الفخر والإعتزاز، فيما يدخل المعشرين إلى الساحة بالتناوب وبطريقة معينة". وأضاف "أن التعشير يحتاج إلى مهارة ولياقة ورشاقة وتدريب، حيث يقوم العارض بإطلاق الطلقات النارية عبر بندقيته المقمع، وأثناء الوثب في الفضاء ينبغي على العارض ألا ينحني من جسمه سوى حركات الركبتين وأسفل الجذع أثناء القفزة، ثم يوجه فوهة بندقيته باتجاه الأرض بكلتا يديه، وبسرعة خاطفة يقوم بالضغط على الزناد". وأبان أن هناك طرق متعددة للتعشير الحجازي منها ما هو يكون سهلاً يمكن للجميع استخدامه، ومنها ما هو صعباً يتطلب احترافية وممارسة عالية للمعشر، ومن أشهر تلك الحركات حركة الجنب لليمين أو اليسار، وحركة الكفت وهي بإنزال البندق من أسفل الأقدام، وحركة الخلف وهي حركة صعبة لا يؤديها الا المحترفين". وعن طريقة تجهيز سلاح المقمع، قال رئيس الفرقة "تبدأ بتحضير البارود وتعبئته في المقمع من فوهتها من الأمام بمقدار معين، ثم يدك هذا البارود ب "المشحان أو الدكاك"، وهو سلك يدك به البارود داخل سبطانة المقمع، ثم توضع قطعة نحاسية محشوة بمادة تظهر شرارة النار عند ضغط الزناد، وتسمى "بالزرد، تعمل على إشعال البارود وإطلاقه، مبيناً أن البارود المستخدم في رقصة وعرضة التعشير ذخيرة غير حية تصنع محلياً تتكون من أشجار العُشر والأراك والملح وخلطها ببعضها وحرقها حتى تصبح جاهزة للمعشر أثناء تأديته.