تمتزج الأصالة والتراث مع عراقة الحاضر في قرية جازان التراثية التي تحتضنها أرض المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية 32، وتعد إحدى المعالم البارزة لزائري المهرجان وهي تقف شامخة لتجسد صور حقيقية لمختلف بيئات منطقة جازان وإظهار بيئتها التراثية والحضارية الراسخة في صفحات التاريخ. وترمز قرية جازان كمعلم حضاري لحقبة زمنية من تاريخ المنطقة العريق والمرتبط بحاضرها المزدهر, حيث يبدو في القرية ماضي المنطقة ماثلاً للعيان في صور حية وأنماط تراثية ترمز للتنوع الثقافي والحضاري تبعاً لبيئة المنطقة وتضاريسها عبر واجهة بانورامية متكاملة لتاريخ المنطقة ببيئاته وثقافته وحضارته المتميزة منذ القدم, حيث يلفت النظر بالقرية البيت الجبلي بعمرانه الصلب وقوة التصميم ومتانته الملائمة للبيئة الجبلية التي تحولت منذ القديم لبيوت أو عمران ومدرجات وحقول زراعية وبهجة وحياة. وتبرز في البيت التهامي " العشة الطينية " متمثلة في بساطة الحياة التهامية وأناقتها عبر شكل العشة المخروطي, فيما ينتصب البيت الفرساني ليجسد البيئة البحرية في جزيرة فرسان التي تبدو ماثلة ببيتها حيث البحر واللؤلؤ والأصداف. ويستهوي الزائر لقرية جازان التراثية المطعم الشعبي الذي يتم في داخله التعريف بطريقة الطهي والطبخ الجازانية الأصيلة، ويقدم أفضل الأصناف من الأكلات الشعبية المتميزة في منطقة جازان التي تحظى بإقبال متواصل من قبل رواد القرية للحصول على أصناف الطعام التقليدية والشعبية التي اشتهرت بها منطقة جازان ومنها "المرسة والمغش والحيسية والخمير. وتسهم القرية في دعم الحرف القديمة من خلال استقطاب الحرفيين والمنتجين السعوديين الذين يمارسون الحرف ويقدمون أنفسهم كمنتجين ويفتخرون بأنهم يمارسون حرفة معينة ضمن الحرفيين فمنهم من يقوم بإنتاج جزء من الحلوى وبيعها بأنفسهم وهذا ما عززته القرية التراثية في أنفسهم لتعريف النشء على هذا الماضي التليد وزرع الحنين إلى التراث وبالأخص تسليط الضوء على مثل هذه المهن والحرف السامية. وتقدم قرية جازان التراثية في كل عام إضافةً جديدة بإبراز النماذج الحية والواقعية للبيئة الجازانية بطريقة تعايش أبنائها وقد حققت إقبالاً لافتا للزوار من أجل الاستمتاع بالتراث والجلوس والتعايش مع طقوسها المختلفة التي تخاطب الماضي بكل تفاصيله فهناك أجنحة للتسوق وأخرى لتقديم مختلف الفنون الشعبية والألوان الفلكلورية التي تشتهر بها المنطقة. وتركز القرية لجعل جازان لوحة فنية بإنسانها ومكانها وروائحها العطرية حيث تقدم العديد من البرامج الثقافية التراثية للموروث الفني وبرامج خاصة للأطفال وللشباب وهناك برامج الإلقاء الشعري وعروض الفرق والفنون والألوان الشعبية المتميزة التي دأبت المنطقة على تقديمها بصور متجددة كل عام وهي تستهوي كثيراً من عشاق الألعاب والرقصات الشعبية كالسيف والمعشى والزامل والربش والعزاوي والطارق. وجعلت القرية التراثية الجازانية من نفسها مسرحاً مفتوحاً لكل زائر للمهرجان يضع في ذاكرته ويخصص من وقته لزيارته والاستمتاع بما تحويه من نماذج تثري فكر الزائر وتقدم له شيء مميز ومعلومة قيمة عن منطقة جازان، وقد شمل التحديث والتطوير في القرية استقطاب عدد من العارضين, حيث تم هذا العام إضافة أعمال إبداعية لعدد من الشخصيات الذين أسهموا بموروثهم الشخصي في البيئة الجازانية مما يعد مبادرة جميلة عندما يتبنى الأشخاص أنفسهم جمع التراث والمحافظة عليه والإسهام في التعريف بالمنطقة من خلاله. ويعد المركز الحضاري بقرية جازان التراثية معلماً يظهر واقع المنطقة التنموي المزدهر حيث يتم خلاله عرض أبرز المنجزات الحضارية التي شهدتها منطقة جازان حالياً من معالم المنطقة التنموية الذي يزيد القرية مقدرةً لتدوين حقيقة إنسان المنطقة المبدع الذي طوع موارد البيئة الطبيعية منذ قديم الزمان فتحولت بيوتاً وأواني وأثاث بل تحولت عملاً وجهداً وحياة فغدت حضارة ماثلة يتباهى بها إنسان الحاضر, ويعمل على التواصل معها ليربط بين أجيال الماضي وأجيال الحاضر أملاً في مزيد من العمل والجهد والحياة لغد أكثر تطوراً ورقياً.