أعربت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامي عن استيائها الشديد من محنة مسلمي الروهينجيا في ميانمار الذين ما زالوا يعانون من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة والمؤسساتية المنهجية على نطاق واسع , مضيفة أن أقلية الروهينجيا في ميانمار تمثل أسوأ الأمثلة على ضحايا التطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. و جاءت تصريحات الهيئة عقب الزيارة التي قام بها وفد من الهيئة إلى كوكس بازار في بنغلاديش ، بتوجيه من مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي لرصد حالة حقوق الإنسان لأقلية الروهينجيا المسلمة في ميانمار , وإعداد تقرير بهذا الشأن. وأشارت إلى أنه وفي غياب أي رد إيجابي من سلطات ميانمار على الطلبات المتكررة من طرف الهيئة من أجل زيارة لتقصي الحقائق إلى ولاية راخين للتحقق بحرية وموضوعية من حالة حقوق الإنسان على أرض الواقع، قام الفريق بزيارة إلى كوكس بازار في بنغلادش للالتقاء بالمهجرين الروهينجا، وغيرهم من أصحاب المصلحة للحصول على معلومات مباشرة عن حالة حقوق الإنسان التي يواجهها الروهينجيا في ميانمار. وقالت الهيئة في تصريحاتها :" إنه وخلال الزيارة ، أتيحت الفرصة لوفد الهيئة للاجتماع باللاجئين الروهينجيا ومناقشة الحالة المؤسفة لحقوق الإنسان التي يواجهونها في ميانمار. وتشمل الحكايات المرعبة لانتهاكات حقوق الإنسان التي رواها اللاجئون الروهينجيا التمييز المؤسساتي والمنهجي في حرمانهم من جميع أنواع حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية , بالإضافة إلى العنف الواسع النطاق والعشوائي بما في ذلك التعذيب والاغتصاب والقتل خارج نطاق القضاء، وخاصة ضد النساء والأطفال والمسنين , كما تحدث شهود العيان من اللاجئين الروهيجيا أيضا عن تفاصيل الأحداث المروعة التي بدأت في أواخر شهر أغسطس من العام الماضي عندما أحرقت المئات من قرى الروهينجيا بعد تعرض بعض مراكز الأمن للهجوم، وتعرض آلاف من المدنيين الأبرياء للتعذيب بوحشية جراء إطلاق النار العسكري باستخدام طائرات الهليكوبتر وقنابل صاروخية، بما في ذلك أولئك الذين فروا من قراهم، مما أدى إلى مئات عمليات القتل خارج نطاق القانون وأجبر مئات الآلاف على الفرار من وطنهم لإنقاذ حياتهم". وأضافت " كما أكد مسؤولون من وكالات الأممالمتحدة المعنية بحقوق الإنسان والإنسانية وممثلي منظمات حقوق الإنسان الدولية والجهات الفاعلة في الحكومة المحلية والمجتمع المدني التي اجتمع بها وفد الهيئة على تلقي شهادات مماثلة من مجموعة واسعة من الضحايا الذين فروا من ديارهم في ميانمار لإنقاذ حياتهم". وقد أدان وفد الهيئة بشدة هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت ضد مسلمي الروهينجيا في ميانمار , وأكد أنها تعبر أساسا عن سلوك عنصري يبعث على الأسى حيث يتم التمييز على نحو قاطع ضد أقلية على أساس عرقها وديانتها وأصلها في جميع مجالات الحياة بما في ذلك جوانب حياتها الاجتماعية والاقتصادية والحقوق السياسية , مشيرة إلى أنه استنادا إلى الشهادات التي وردت من طائفة واسعة من ضحايا الروهينجيا ، أكدت الهيئة أن الوضع الراهن يحتوي على كل المقومات المميزة لحملة منظمة للتطهير العرقي ، وهي جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي ويجب وقفها بكل الوسائل. كما ذكرت الهيئة سلطات ميانمار بأن كل محاولاتها لإنكار الواقع لن يساعد في إلغاء مسؤولية ميانمار في انتهاك الحقوق الأساسية لسكانها من الروهينجيا. وبناء على ذلك، دعت الهيئة حكومة ميانمار إلى القيام باتخاذ خطوات حازمة لإنهاء العنف ضد الروهينجيا فورا وتقديم مرتكبي أعمال العنف إلى العدالة؛ و تنقيح واستبدال جميع السياسات والممارسات التمييزية ضد سكانها من الروهينجيا؛ و ضمان العودة المستدامة والطوعية للاجئين الروهينجيا في سلامة وأمن وكرامة ومع ضمان سبل العيش في وطنهم الأم بولاية راخين؛ و ضمان الوصول الحر وغير المقيد إلى وكالات المعونة الإنسانية؛ و قبول بعثات الأممالمتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي لتقصي الحقائق لإجراء تحقيقات مستقلة في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ و تنفيذ توصيات اللجنة الاستشارية لكوفي عنان؛ و التصدي لحملات التضليل ضد الروهينجيا وتعزيز المصالحة بين المجتمعات المتضررة من خلال الحوار وتحسين التكامل؛ و اتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة الأسباب الجذرية للحرمان والتمييز التي يتعرض لها الروهينجيا، بما في ذلك قضايا المواطنة والتحديات الطويلة الأمد للتنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال نهج قائم على حقوق الإنسان. كما دعت الهيئة المجتمع الدولي بصفة عامة والدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على وجه الخصوص إلى بذل كل ما في وسعها لحث ميانمار على الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان تجاه أقلية الروهينجيا بطريقة ملموسة ومحددة زمنيا , كما حثتهم على تقديم كل المساعدات الانسانية إلى سكان الروهينجيا المشردين داخليا في ميانمار والمهجرين إلى مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة , متعهدة الهيئة من جانبها بمواصلة متابعة حالة حقوق الإنسان لمسلمي الروهينجيا عن كثب ، وبذل كل ما في وسعها للتخفيف من معاناتهم بالتعاون مع كافة أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين. وأعرب وفد الهيئة عن خالص شكره وتقديره لحكومة جمهورية بنغلاديش الشعبية على تقديم كامل المساعدة للهيئة خلال زيارتها الاستقصائية بدون أي عوائق، وإلى الدعم اللوجستي الكامل الذي قدمته سلطات بنغلاديش للاضطلاع بالمهمة المنوطة بالهيئة بكل موضوعية وحياد. وستقدم الهيئة تقريرا مفصلا عن النتائج التي توصل إليها وفدها، والذي يشمل توصيات ملموسة إلى الدورة الخامسة والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي للنظر فيها.