أكد أستاذ تاريخ الفكر الفلسفي عميد معهد الدراسات العليا التربوية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور سعيد بن أحمد الأفندي أن إعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع - حفظه الله - عن مشروع "نيوم" يعد رسالة حضارية عميقة ذات أبعاد مشجعة ومؤثرة سواء للداخل أو للخارج. وأشار إلى أن هذا المشروع الرائد عالمياً يأتي لتأكيد الرؤية التي تخطو بها المملكة العربية السعودية تجاه المستقبل، حيث ستعكس على المدى القصير، مدى تأثير مثل هذه الأفكار والاستثمارات الخلاّقة في قيادة حضارة المستقبل وترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية كدولة متطورة ومؤثرة وفاعلة في سياق التحول نحو مفاهيم القرن الجديد. وأوضح الأفندي، أن الحضارة إذا ركدت وركنت إلى الرفاهية والسكون تتآكل من الداخل وتتحول رفاهيتها إلى أمراض تؤدي في النهاية إلى إنهاك جسد الحضارة، بينما إذا انهمكت الحضارة في البناء والعمل والنماء المدني والاجتماعي والعطاء العلمي وجعل الازدهار الصناعي والمعرفي الدائم والمستمر هدفاً يحيل هذه الحضارة إلى شعلة قائدة على مستوى الأمم والحضارات الأخرى، مشيراً إلى أنه من خلال التطبيق العملي لرؤية 2030 ومن خلال مشروع "نيوم" نصعد بسرعة كبيرة إلى آفاق العصر الجديد الذي يقوم على أسس التقنيات والتصنيع المتطور والمدن الذكية. وقال: إن غاية الحضارات هو صناعة نموذج إنساني قائم على العلم والعطاء والابتكار، وذلك بتهيئة البيئة المدنية والإمكانات التي تطلق إبداعات الإنسان وتحفز مخيلته للاكتشاف والتطوير والاستفادة المثلى من موارد الحياة، مشيراً إلى أن مشروع " نيوم " ما يحاول تحقيقه من خلال إيجاد النموذج الحضاري المستقبلي لمدن ومشاريع العالم الجديد الذي تسهم فيه التقنية بخدمة الإنسان. وبين الدكتور الأفندي، أن الرسائل المباشرة التي حملها إطلاق مشروع "نيوم" تُظهر أن البناء الحضاري يقتضي حسم الصراعات الفكرية العقيمة التي تعيق التقدم في البناء، وإزاحتها عن طريق الرؤية الوطنية والإسلامية المعتدلة وأهدافها ووسائلها وآلياتها، وأن هذا الحسم واجب للمضي قدماً في الاستفادة من مطامح المستقبل ومقوماته وتبنيها كمنهج حياة، لافتا إلى أن القوة الاقتصادية والمناخ الاستثماري والاستعداد التقني وتجديد مصادر الطاقة كلها أسس ومتطلبات عصرية ومستقبلية لا غنى عنها، وأدوات تقف موقف الند من جميع القوى العالمية وكسب إحترامها، ما سُيترجم على أرض الواقع في مشروع "نيوم" بمشيئة الله.